حديث: حال الناس يوم القيامة عراة غرلا بهما
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب اقتصاص المظالم بين الخلق يوم القيامة
حسن: رواه أحمد (١٦٠٤٢) -واللّفظ له- والبخاريّ في الأدب المفرد (٩٧٠)، وابن أبي عاصم في السنة (٥١٤)، وصحّحه الحاكم (٢/ ٤٣٧) كلهم من طرق عن همّام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد المكيّ، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن أنيس، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث أهوال يوم القيامة والعدل الإلهي، سأشرحه لك جزءًا جزءًا وفق النقاط المطلوبة.
الحديث بلفظه:
عن عبد اللَّه بن أُنيس، قال: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «يُحشر النّاسُ يوم القيامة -أو قال: العباد- عُراةً غُرْلًا بُهْمًا». قال: قلنا: وما بُهْمًا؟ قال: «ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، أنا الملك، أنا الدَّيَّان. ولا ينبغي لأحد من أهل النّار أن يدخل النّار، وله عند أحد من أهل الجنة حقٌّ حتى أقصه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حقٌّ حتى أقصه منه حتى اللَّطْمة». قال: قلنا: كيف وإنّا إنما نأتي اللَّه عُراة غُرلًا بُهْمًا؟ قال: «بالحسنات والسيئات».
1. شرح المفردات:
● يُحشر: يُجمع ويُساق إلى أرض المحشر (المكان الذي يجمع فيه الخلائق للحساب).
● عُراة: بدون ثياب، وهذا من الذل والهول يوم القيامة.
● غُرْلًا: جمع أغْلَّ، أي غير مختونين. والمقصود هنا أنهم يُبعثون على الفطرة التي خلقوا عليها، لا على حالة التكريم التي كانوا عليها في الدنيا من اللباس والختان.
● بُهْمًا: جمع أبهم، وهو الذي لا شيء معه. وقيل: هو من البهمة (القطيع من الحيوان الذي لا يعرف فيه تمييز)، أي يحشرون كالبهائم لا تمييز بينهم بلباس أو مال أو منصب.
● أنا الملك: أي المالك المتصرف في خلقه.
● أنا الديان: أي الذي لا يظلم مثقال ذرة، وهو الذي يحاسب الخلائق ويقتص للمظلوم من الظالم.
● أقصه منه: أي أقتص له منه، وآخذ حقه كاملاً.
● اللطمة: الضربة باليد على الوجه أو الرأس. والمقصود هنا الحقوق الدقيقة حتى أدنى أنواع الظلم والإيذاء البدني.
2. شرح الحديث:
يصف النبي ﷺ حال الناس يوم القيامة حين يُبعثون من قبورهم ويُساقون إلى أرض المحشر للحساب، فيكونون:
● عُراة: لا ثياب تسترهم، مما يزيد في ذلهم وهول الموقف.
● غُرْلًا: غير مختونين، أي يعودون إلى أصل خلقهم وفطرتهم، تذكيرًا لهم بأنهم خلق ضعيف، لا حول له ولا قوة إلا بالله.
● بُهْمًا: ليس معهم شيء من متاع الدنيا الذي كانوا يتباهون به ويتكبرون، لا مال، ولا ولد، ولا جاه.
ثم ينادي الله تعالى نداءً يسمعه كل الخلائق، القريب منهم والبعيد، بنفس الوضوح والقوة، معلنًا عن نفسه بأنه المالك لهذا اليوم العظيم، والديان العادل الذي سيحاسب كل عبد على ما قدم.
ثم يبين ﷺ عدل الله المطلق، فيقرر قاعدة عظيمة وهي أنه لا يدخل أحد الجنة ولا يدخل أحد النار حتى يقتص لكل ذي حق من حقه، حتى لو كان هذا الحق شيئًا تافهًا في نظر الناس كـ لطمة (صفعة على الوجه). فلو أن رجلاً من أهل الجنة ظلم رجلاً من أهل النار وضربه لطمة، فإنه لا يدخل الجنة حتى يُقتص منه بتلك اللطمة، والعكس صحيح.
فعجب الصحابة من هذا، وقالوا: كيف يتم هذا القصاص ونحن نحشر عراة غرلاً بُهْمًا، لا نملك شيئًا ولا لدينا مال أو جاه نعطي منه للمظلوم؟
فأجابهم النبي ﷺ أن هذا القصاص لا يكون بالمال أو المتاع الدنوي، لأن الدنيا قد فاتت، وإنما يكون بالحسنات والسيئات. فيؤخذ من حسنات الظالم (صاحب الجنة) ويعطى للمظلوم (صاحب النار). فإن فنيت حسنات الظالم قبل استيفاء الحقوق، أخذ من سيئات المظلوم وطرحت على الظالم.
3. الدروس المستفادة منه:
1- إثبات البعث والحشر: الحديث دليل على حقيقة البعث بعد الموت، وأن الناس سيحشرون إلى الله عز وجل.
2- هول يوم القيامة: وصف الحشر بالعرى والغُرْلَة والبهمة يصور مدى الذل والهول الذي سيكون عليه الناس ذلك اليوم.
3- كمال عدل الله تعالى: الله هو الديان الذي لا يظلم أحدًا، وسيفصل بين الخلائق أعدل الفصل، وسيقتص للمظلوم من الظالم ولو بعد حين.
4- الحث على عدم التهاون في حقوق العباد: الحديث تحذير شديد من ظلم الآخرين أو التعدي على حقوقهم، حتى في الأمور التي يستهين بها الناس (كاللطمة والشتيمة)، فإنها مُحَصَّاةٌ وسيُقتص منها.
5- الترغيب في المسارعة إلى إرضاء الخصوم في الدنيا: يجب على المسلم أن يسرع في إرجاع الحقوق إلى أهلها في الدنيا، ويتخلص من المظالم قبل أن يأتي يوم القيامة حيث لا دينار ولا درهم، وإنما الحسنات والسيئات.
6- عظمة قضاء الله ونفاذه: النداء بصوت يسمعه القريب والبعيد دليل على عظمة الله وقدرته المطلقة التي لا يعجزها شيء.
4. معلومات إضافية مفيدة:
● الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل القاسم بن عبد الواحد المكي، وشيخه عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، فكلاهما حسن الحديث. والكلام عليه مبسوط في كتاب العلم.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 89 من أصل 119 حديثاً له شرح
- 64 أول الناس يقضى يوم القيامة عليه شهيد وعالم ومنفق
- 65 أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة
- 66 أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته
- 67 أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء
- 68 أول من يتخاصم يوم القيامة جاران
- 69 ألم نصح لك جسمك ونرويك من الماء البارد.
- 70 والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة
- 71 عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله...
- 72 يجيء النبي يوم القيامة، ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان
- 73 من صبر على لأواء المدينة وشدتها كنت له شهيدًا أو...
- 74 لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعًا...
- 75 فخذه ولحمه وعظامه تنطق بعمله يوم القيامة
- 76 لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني
- 77 أول ما يبين عن أحدكم لفخذه وكفه
- 78 لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد...
- 79 المؤذن يغفر له مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس
- 80 الحجر له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به
- 81 يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع عليه كنفه
- 82 ثواب المؤمن في الدنيا والآخرة
- 83 هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة
- 84 من تظن أنك ملاقي يومك هذا؟
- 85 إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها
- 86 المؤمنون على قنطرة بين الجنة والنار
- 87 من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها
- 88 يأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك...
- 89 حال الناس يوم القيامة عراة غرلا بهما
- 90 من ضرب ضربا ظلما اقتص منه يوم القيامة
- 91 يؤخذ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء
- 92 عجبت لها والذي نفسي بيده ليقادن لها يوم القيامة
- 93 سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
- 94 سبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السموات والأرض
- 95 من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده
- 96 البطاقة التي ثقلت موازين الحسنات
- 97 ساقا ابن مسعود: أثقل في الميزان من أحد
- 98 العظيم السمين لا يزن عند الله جناح بعوضة
- 99 مَنْ شَرِبَ مِنْ حَوْضِي فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا
- 100 ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل
- 101 هذا الكوثر الذي أعطاك ربك
- 102 لأذودن رجالًا عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل
- 103 حوض النبي أبعد من أيلة من عدن وأشد بياضًا من...
- 104 أنا فرطكم على الحوض ليرفعن إلي رجال منكم
- 105 أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب منه
- 106 من الحديث: "ليردن علي الحوض أقوام فيختلجون دوني فأقول: رب...
- 107 ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته
- 108 الكافر يحشر على وجهه يوم القيامة
- 109 على الصراط يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات
- 110 هل نرى ربنا يوم القيامة؟
- 111 أولكم يمر على الصراط كالبرق
- 112 آخر من يدخل الجنة رجل يمشي مرة ويكبو مرة
- 113 دون جسر جهنم طريق ذا دحض ومزلة
معلومات عن حديث: حال الناس يوم القيامة عراة غرلا بهما
📜 حديث: حال الناس يوم القيامة عراة غرلا بهما
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: حال الناس يوم القيامة عراة غرلا بهما
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: حال الناس يوم القيامة عراة غرلا بهما
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: حال الناس يوم القيامة عراة غرلا بهما
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








