حديث: البطاقة التي ثقلت موازين الحسنات

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الميزان

عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّ اللَّه سيخلِّصُ رجلًا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشرُ عليه تسعة وتسعين سِجِلًّا كلُّ سجل مثل مدّ البصر، ثم يقول: أتنكرُ من هذا شيئًا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا ربّ. فيقول: أفلك عذرٌ؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى إنّ لك عندنا حسنةً فإنه لا ظُلم عليك اليوم، فَتَخرجُ بطاقةٌ فيها: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. فيقول: احْضُرْ وَزْنَك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السّجلات؟ فقال: إنّك لا تُظْلَمُ، قال: فتوضع السجلات في كفّة والبطاقة في كفّة، فطاشتِ السجلاتُ وثقلت البطاقةُ، فلا يثقل مع اسم اللَّه شيءٌ».

صحيح: رواه الترمذيّ (٢٦٣٩) -واللفظ له- وابن ماجه (٤٣٠٠) كلاهما من حديث الليث ابن سعد، قال: حدّثني عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن المعافري ثم الحبلي، قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فذكر الحديث.

عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّ اللَّه سيخلِّصُ رجلًا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشرُ عليه تسعة وتسعين سِجِلًّا كلُّ سجل مثل مدّ البصر، ثم يقول: أتنكرُ من هذا شيئًا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا ربّ. فيقول: أفلك عذرٌ؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى إنّ لك عندنا حسنةً فإنه لا ظُلم عليك اليوم، فَتَخرجُ بطاقةٌ فيها: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. فيقول: احْضُرْ وَزْنَك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السّجلات؟ فقال: إنّك لا تُظْلَمُ، قال: فتوضع السجلات في كفّة والبطاقة في كفّة، فطاشتِ السجلاتُ وثقلت البطاقةُ، فلا يثقل مع اسم اللَّه شيءٌ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وهو حديث صحيح رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما، وصححه الألباني.

أولاً. شرح المفردات:


● يخلِّصُ رجلًا: يختاره ويُفرزه من بين الخلائق.
● سِجِلًّا: كتابًا أو صحيفةً تُكتب فيها الحسنات والسيئات. والسجل هنا للمبالغة في حجمه وكثرة ما فيه من السيئات.
● مثل مدّ البصر: أي ممتدًا إلى أبعد ما يمكن للبصر أن يصل إليه، دلالة على الضخامة والامتلاء بالذنوب.
● أتنكر من هذا شيئًا؟: أي هل تعترض على شيء مما سجلته عليك الملائكة؟
● أظلمك كتبتي الحافظون؟: هل ظلمك الملائكة الكتبة في تسجيل ما لم تفعله؟
● بطاقة: ورقة صغيرة. وفي رواية: "بطاقة فيها لا إله إلا الله".
● طاشت السجلات: رفعت وعلت (أي خفت وزناً) مقابل ثقل البطاقة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يصور لنا النبي ﷺ مشهدًا من مشاهد يوم القيامة، حيث يُبعث رجل من أمة محمد ﷺ، وتُفتح صحائف سيئاته فتكون هائلة الحجم، ممتدة كأبعد ما تصل إليه العين، وهي تسعة وتسعون سجلاً (والعدد للكثرة لا للحصر).
فيقف العبد بين يدي الله تعالى، فيسأله رب العالمين سؤال تحقيق وإنصاف: هل تنكر شيئًا مما سجل عليك؟ هل ظلمتك الملائكة؟ فيعترف العبد بذنوبه ويقر بها، ولا يستطيع إنكارها، ولا يدعي ظلم الملائكة له، لأنه يعلم أن التسجيل كان دقيقًا وعادلاً.
ثم يسأله الله تعالى إن كان له عذرٌ يُخفف عنه، فيعترف أنه لا عذر له، فهو قد أذنب باختياره.
وهنا يظهر فضل الله وكرمه وعفوه، فيذكر الله تعالى أن لهذا العبد "حسنة" عنده، وهي كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله). فتخرج هذه البطاقة الصغيرة التي تحوي كلمة الإخلاص، وتوضع في كفة الحسنات، بينما توضع تلك السجلات الضخمة المملوءة بالسيئات في الكفة الأخرى.
فيعجب العبد من هذا الموقف: كيف لورقة صغيرة أن توازن كل تلك السجلات الهائلة؟! فيطمئنه ربه أنه لا يظلم عنده أحد.
فتثقل كفة البطاقة (كفة الحسنات) وتطيش كفة السجلات (كفة السيئات)، فينجو العبد من النار ويدخل الجنة، وليس لأن سيئاته قد محيت فحسب، بل لأن وزن كلمة التوحيد قد غلبها وثقل عليها.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله: فهي الكلمة التي تثقل الميزان يوم القيامة، وتغفر الذنوب وإن عظمت، وهي مفتاح الجنة وسبب النجاة.
2- سعة رحمة الله وعفوه: فالله تعالى لا يريد إهلاك عباده، بل يريد أن يتوب عليهم ويغفر لهم، ويظهر لهم فضله ورحمته حتى في أشد المواقف.
3- العدل المطلق لله تعالى: حيث يُعرض على العبد ذنوبه ويُقر بها، ولا يعذبه حتى يُقيم الحجة عليه.
4- الاعتراف بالذنب وعدم الإنكار: من صفات المؤمن أن يعترف بخطئه ولا يجحد نعم الله عليه.
5- الحث على المحافظة على كلمة التوحيد: ليس مجرد النطق بها، بل حفظ حقوقها من الإيمان بها، والعمل بمقتضاها، والإخلاص لله فيها، وعدم الإشراك به.
6- التحذير من التهاون بالذنوب: فلو أن رحمة الله وسعت كل شيء، فإن هذا لا يعني الاستمرار في المعاصي، فالعبد لا يدري أيحظى بهذه البطاقة أم لا؟

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أحاديث الرجاء التي تبعث الأمل في نفوس العصاة، وتدعوهم إلى التوبة وعدم القنوط من رحمة الله.
- ينبغي للمسلم أن يجدد التوحيد في قلبه دائماً، ويحسن الظن بربه، ويكثر من الأعمال الصالحة التي تثقل ميزانه.
- يجب أن يقترن التوحيد بالعمل الصالح والإيمان الصحيح، فليس مجرد النطق بالشهادة بدون اعتقاد أو عمل.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل لا إله إلا الله، وأن يثقل بها موازيننا، ويغفر بها ذنوبنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٢٦٣٩) -واللفظ له- وابن ماجه (٤٣٠٠) كلاهما من حديث الليث ابن سعد، قال: حدّثني عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن المعافري ثم الحبلي، قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فذكر الحديث.
ورواه أحمد (٦٩٩٤) من هذا الوجه، وصحّحه ابن حبان (٢٢٥)، والحاكم (١/ ٦) وقال: «صحيح الإسناد».
وقال الترمذيّ: «حسن غريب».
قال الأعظمي: بل الصواب أنه صحيح فإن رجاله ثقات.
ورواه أحمد (٧٠٦٦) عن قتيبة، حدّثنا ابن لهيعة، عن عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاصي قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «توضع الموازين يوم القيامة، فيؤتى بالرجل، فيوضع في كفة، فيوضع ما أحصي عليه، فتمايل به الميزان». قال: «فيبعث به إلى النار، فإذا أدبر به إذا صائح يصيح من عند الرحمن، يقول: لا تعجلوا، لا تعجلوا، فإنه قد بقي له، فيؤتى ببطاقة فيها: لا إله إلا اللَّه، فتوضع مع الرجل في كفة، حتى يميل به الميزان».
وإسناده حسن، ابن لهيعة فيه كلام معروف، لكن رواية قتيبة عنه احتملها بعض الأئمة كرواية العبادلة، إلا أنه وقع خطأ في اسم أحد رواته، وهو عمرو بن يحيى، والصواب: عامر بن يحيى،
فقد رواه الترمذيّ (م ٢٦٣٩) عن قتيبة بهذا الإسناد، وسماه عامر بن يحيى، ولم يذكر الترمذيّ لفظ هذه الرواية، وإنما أحال على حديث الليث بن سعد بقوله: نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 96 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: البطاقة التي ثقلت موازين الحسنات

  • 📜 حديث: البطاقة التي ثقلت موازين الحسنات

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: البطاقة التي ثقلت موازين الحسنات

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: البطاقة التي ثقلت موازين الحسنات

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: البطاقة التي ثقلت موازين الحسنات

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب