حديث: ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة

عن جرير بن عبد اللَّه قال: كنا جلوسا عند النبي ﷺ إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال: «أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروب الشمس، فافعلوا».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (٧٤٣٤)، ومسلم في المساجد (٦٣٣) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، ثنا قيسر بن أبي حازم، قال: سمعت جرير بن عبد اللَّه، فذكره.

عن جرير بن عبد اللَّه قال: كنا جلوسا عند النبي ﷺ إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال: «أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروب الشمس، فافعلوا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث الرؤية، يرويه الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، وهو في الصحيحين (البخاري ومسلم) وغيرهما.

أولاً. شرح المفردات:


● لَيْلَةَ الْبَدْرِ: أي الليلة التي يكتمل فيها القمر ويصبح بدراً، فيكون في غاية الوضوح والإنارة.
● تَضَامُّونَ: أي لا تَضْطَرِبونَ ولا تَتَضَايَقُونَ ولا يَحْصُل لكم زَحْمَةٌ أو مَشَقَّة في رؤيته. وأصل الضم: الدخول في ضيق. والمعنى: أنكم ترونه رؤية واضحة سهلة لا شك فيها ولا التباس.
● أَنْ لَا تُغْلَبُوا: أي أن لا تُعْجَزوا وتُمنَعوا عن أدائها.
● صَلَاةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ: هي صلاة الفجر.
● صَلَاةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ: هي صلاة العصر.

ثانياً. شرح الحديث:


يجلس الصحابة رضوان الله عليهم في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، فينظر إلى القمر في ليلة اكتماله (البدر) فيقول لهم: "أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر".
● الشرح: يخبر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين بأنهم سيرون الله عز وجل في الآخرة، يوم القيامة، أو في الجنة. وهذه الرؤية هي أعظم نعيم لأهل الجنة، كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22-23].
● "كما ترون هذا القمر": هذا تشبيه للرؤية بالرؤية، وليس تشبيهاً للمرئي بالمرئي. أي أنكم ترون الله رؤية واضحة بيّنة لا شك فيها، كما ترون هذا القمر البدر الواضح الجلي، لا ترونه رؤية خفية أو مشكوك فيها. وهو تشبيه لتسهيل تصور حقيقة الرؤية على السامعين.
● "لا تضامون في رؤيته": تأكيد على سهولة هذه الرؤية ويسرها، فلا يحصل لأحدكم ضيم أو ضيق أو مشقة في رؤية ربه، بل هي رؤية سهلة واضحة يراها جميع المؤمنين في آن واحد دون منازعة أو مزاحمة.
ثم يربط النبي صلى الله عليه وسلم هذه الرؤية العظيمة، وهي غاية المطلب، بعمل صالح يتعلق بالوقت نفسه الذي ذكر فيه التشبيه (الشمس والقمر)، فيأمر بالمحافظة على الصلاتين اللتين تكونان في وقت طلوع الشمس وغروبها، فيقول:
● "فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروب الشمس، فافعلوا".
● المعنى: حافظوا على صلاة الفجر وصلاة العصر، ولا تتركوها أو تتكاسلوا عنها لأي سبب كان. فإن المحافظة عليهما سبب عظيم للفوز بهذه الرؤية العظيمة، وعلامة على إيمان العبد وقوة تمسكه بدينه. وقد وردت نصوص أخرى في فضل هاتين الصلاتين، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ" (متفق عليه). والبردان هما: الفجر والعصر.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة: وهذا من عقائد أهل السنة والجماعة، يثبتونها على الوجه الذي يليق بالله تعالى، بدون تكييف ولا تمثيل، كما نؤمن بجميع صفات الله التي وردت في الكتاب والسنة.
2- عظم نعيم الرؤية: فهي أعلى درجات النعيم في الجنة، وهي قرة عين للمؤمنين.
3- حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم: حيث شبه الأمر الغيبي الذي لا نراه في الدنيا بشيء محسوس مرئي ليفهمه الصحابة بأيسر طريق.
4- ربط الجزاء بالعمل: حيث ربط النبي صلى الله عليه وسلم بين الفوز بهذه الرؤية والمحافظة على الصلوات المفروضة، وخص الفجر والعصر لأهميتهما ومشقة المحافظة عليهما أحياناً.
5- الحث على المحافظة على الصلوات في أوقاتها: وخاصة صلاتي الفجر والعصر، اللتين هما من أخطر الصلوات على الإنسان بسبب النوم والشواغل الدنيوية.
6- بيان فضل صلاتي الفجر والعصر: وأن المحافظة عليهما من أسباب دخول الجنة والفوز برؤية الله تعالى.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأدلة القاطعة التي يستدل بها أهل السنة على إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وهو رد على من أنكرها من المعتزلة والجهمية وغيرهم.
- المقصود بالرؤية هي الرؤية بالعين، كما هو صريح الحديث، ولكنها رؤية لا تشبه رؤية المخلوقات، ولا نعلم كيفيتها، بل نؤمن بها كما جاءت.
- المحافظة على الصلاة عامة، وهاتين الصلاتين خاصة، من علامات الإيمان وسبب للثبات على الدين والنجاة من النار.
نسأل الله تعالى أن يبلغنا رؤيته في الجنة، وأن يعيننا على المحافظة على الصلوات في أوقاتها. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التوحيد (٧٤٣٤)، ومسلم في المساجد (٦٣٣) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، ثنا قيسر بن أبي حازم، قال: سمعت جرير بن عبد اللَّه، فذكره.
وزاد مسلم: ثم قرأ جرير: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: ١٣٠]. وفي الباب أحاديث أخرى مذكورة في كتاب الإيمان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 107 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته

  • 📜 حديث: ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, December 18, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب