حديث: بيعة النبي ﷺ النساء بالكلام

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب المبايعة على عدَم الإشراك باللَّه

عن عائشة قالت: كان النّبيُّ ﷺ يبايع النّساء بالكلام بهذه الآية: ﴿لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾ [سورة الممتحنة: ١٢]. قالت: وما مسَّتْ يدُ رسول اللَّه ﷺ يدَ امرأةٍ قطّ إلّا امرأةً يملكها.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأحكام (٧٢١٤) عن محمود، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، فذكرته هكذا مختصرًا.

عن عائشة قالت: كان النّبيُّ ﷺ يبايع النّساء بالكلام بهذه الآية: ﴿لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾ [سورة الممتحنة: ١٢]. قالت: وما مسَّتْ يدُ رسول اللَّه ﷺ يدَ امرأةٍ قطّ إلّا امرأةً يملكها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يصف جانبًا من أخلاق النبي ﷺ العالية في تعامله مع النساء، ويوضح صفة بيعته لهن. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث.

الحديث بلفظه:


عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النَّبيُّ ﷺ يبايع النِّساءَ بالكلامِ بهذه الآية: ﴿لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾ [سورة الممتحنة: ١٢]. قالت: وما مَسَّتْ يدُ رسول اللَّه ﷺ يدَ امرأةٍ قطُّ إِلَّا امرأةً يملكها.


1. شرح المفردات:


● يُبَايِعُ: البيعة هي المعاهدة والعقد على الطاعة، وكان الصحابة والصحابيات يبايعون النبي ﷺ على الإسلام والطاعة والالتزام بشرائعه.
● بِالْكَلَامِ: أي أن البيعة كانت تتم بالنطق بالشهادة والالتزام بالشروط، دون مصافحة أو أخذ باليد.
● بهذه الآية: أي أن النبي ﷺ كان يقرأ عليهن الآية الكريمة من سورة الممتحنة، والتي فيها شروط البيعة، ويأخذهن بالالتزام بها.
● مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَدَ امْرَأَةٍ: أي لم يصافح بيده امرأة أجنبية عنه (غير محرم له).
● إِلَّا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا: أي إلا من كانت تحت ملك يمينه (أمة أو جارية)، فهذه يحل له مسها.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا هذا الحديث أن النبي ﷺ عندما كان يبايع النساء (أي يعقد معهن عهد الطاعة والإسلام)، كان يفعل ذلك بطريقة خاصة تحفظ حرمتهن وتصون كرامتهن، وذلك بأن يقتصر على الكلام فقط دون مصافحة أو لمس.
فكان يقرأ عليهن الآية الكريمة من سورة الممتحنة، وهي قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: 12].
فكانت بيعته لهن عبارة عن استماعهن لهذه الآية وموافقتهن على الالتزام بشروطها، ثم قبوله لبيعتهن بمجرد الموافقة اللفظية.
ثم تؤكد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على عفة النبي ﷺ وورعه، فتبين أنه لم يمس يد امرأة أجنبية (غير محرم له) في حياته أبدًا، باستثناء من كانت مملوكة له (أمة) يحل له مسها شرعًا.


3. الدروس المستفادة منه:


1- عفة النبي ﷺ وورعه: كان النبي ﷺ أشد الناس حياءً وأعظمهم عفافًا، فلم يمس يد امرأة أجنبية عنه، مع أن البيعة قد تستدعي المصافحة عند بعض الناس، لكنه اختار الطريقة التي تمنع أي شبهة أو فتنة.
2- الحفاظ على حرمة النساء وصون كرامتهن: في هذا الحديث تأكيد على وجوب احترام المرأة والحفاظ على حرماتها، وعدم التهاون في مسألة اللمس أو الخلوة التي قد تكون سببًا للفتنة.
3- جواز مبايعة النساء: البيعة جائزة للنساء كما هي للرجال، ولكن بشروط وآداب تليق بهن.
4- أهمية الالتزام بحدود الله: في بيعة النساء كان التركيز على التزام الحدود الشرعية، مثل اجتناب الشرك والسرقة والزنا وغيرها من الكبائر.
5- القدوة الحسنة: النبي ﷺ هو القدوة للأمة في كل شيء، وفي هذا الموقف يعلم الرجال كيف يتعاملون مع النساء بكل أدب ووقار.
6- بيان مشروعية البيعة بالكلام دون مصافحة: وهذا أصل في المعاملات التي يشترط فيها التراضي، فإنها يمكن أن تتم بالكلام دون حاجة إلى المصافحة باليد.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (٥٢٨٦) والإمام مسلم (١٨٦٦)، فهو حديث متفق على صحته.
- يشير الحديث إلى أن البيعة في الإسلام يمكن أن تكون قولية بدون مصافحة، وهذا ينطبق على بيعة النساء، وأما بيعة الرجال فكانت بالمصافحة أحيانًا كما في بيعة الرضوان.
- قول عائشة "إلا امرأة يملكها" يعني الجواري اللاتي كن تحت ملك اليمين في ذلك الزمن، وكان النبي ﷺ يعاملهن بالمعروف ويقوم بحقوقهن الشرعية.
- يستفاد من هذا الحديث تحريم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية (غير المحرم)، وهو إجماع عند العلماء، لأن النبي ﷺ لم يفعلها مع قدرته عليها، ولو كانت جائزة لفعها لأجل البيعة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأحكام (٧٢١٤) عن محمود، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، فذكرته هكذا مختصرًا.
ورواه ابن منده في الإيمان (٤٩٣) من طريق عبد الرزاق، بإسناده، مفصّلًا وجاء فيه: قالت عائشة أمُّ المؤمنين: جاءتْ فاطمةُ بنت عتبة بن ربيعة تبايع النّبيَّ ﷺ فأخذ عليها: ﴿لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ
شَيْئًا﴾ الآية قالت: فوضعتْ يدها على رأسها حتى أقام رسول اللَّه ﷺ، فأعجب رسولَ اللَّه ﷺ ما رأى منها، فقالت لها عائشة: أقرّي أيتها المرأة، فواللَّه ما بايعنا إلّا على هذا. قالت: نعم إذا، فبايعها بالآية انتهى.
وأخرجه البخاريّ (٥٢٨٨)، ومسلم في الإمارة (١٨٦٦) من طريق يونس بن يزيد، قال: قال ابن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير، أنّ عائشة زوج النبيّ ﷺ قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول اللَّه ﷺ يُمتحنَّ بقول اللَّه عز وجل ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَايَزْنِينَ﴾ [سورة الممتحنة: ١٢] قالت عائشة: فمن أقرّ بهذا من المؤمنات فقد أقرّ بالمحنة. وهذا لفظ مسلم.
وزاد البخاريّ: فكان رسول اللَّه ﷺ إذا أقْررن بذلك من قولهنّ، قال لهنّ رسول اللَّه ﷺ: «انطلقن فقد بايعتكُنّ» لا واللَّه ما مسّتْ يدُ رسول اللَّه يد امرأة قطّ غير أنه بايعهن بالكلام، واللَّه ما أخذ رسول اللَّه ﷺ على النساء إلّا بما أمره اللَّه، يقول لهنّ إذا أخذ عليهنّ: «قد بايعتكنّ» كلامًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 206 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بيعة النبي ﷺ النساء بالكلام

  • 📜 حديث: بيعة النبي ﷺ النساء بالكلام

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بيعة النبي ﷺ النساء بالكلام

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بيعة النبي ﷺ النساء بالكلام

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بيعة النبي ﷺ النساء بالكلام

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب