صلاة الخوف في بعض أيامه

حديث: صلاة الخوف في بعض أيامه

عن ابن عمر قال: صلَّى رسول الله ﷺ صلاةَ الخوف في بعض أيَّامِه، فقامت طائفة معه، وطائفة بإزاء العدوِّ، فصلَّى بالذين معه ركعة، ثم ذهبوا، وجاء الآخرون فصلَّي بهم ركعة، ثم قضت الطائفتان ركعة ركعة.
قال ابن عمر: فإذا كان خوف أكثر من ذلك فصلِّ راكبًا أو قائمًا، تومئُ إيماءً.

متفق عليه: رواه البخاري في الخوف (٩٤٣)، ومسلم في صلاة المسافرين (٨٣٠/ ٣٠٦) كلاهما من حديث موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر فذكره، واللفظ لمسلم واختصره البخاري وجعل قول ابن عمر: «إن كانوا أكثر من ذلك فليصلوا قيامًا وركبانًا» مرفوعًا إلى النبي ﷺ، ورجح الحافظ رفعه بعد أن استقصى جميع طرق حديث ابن عمر.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنَّة نبيه الكريم. هذا الحديث الذي ذكرتَ رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث العظيمة التي تبين كيف شرع الإسلام الصلاة حتى في أحلك الظروف وأصعبها، وهي أوقات الخوف والقتال.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:

● صلاة الخوف: هي الصلاة التي يؤديها المسلمون في حالة القتال أو وجود عدو يخشى هجومه.
● طائفة: جماعة أو فريق من الجيش.
● بإزاء العدو: مقابل العدو ومواجهته لحراسة المصلين وردع أي هجوم محتمل.
● قضت: أتمت، أي أداها كل فريق منفردًا بعد أن صلى مع الإمام جزءًا منها.
● تومئ إيماءً: الإشارة بالرأس مكان الركوع والسجود، بحيث يكون السجود أخفض من الركوع.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يصف لنا الصحابي الجليل عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - صلاةً صلىها رسول الله ﷺ مع أصحابه في يوم من أيام الغزو والحرب، وكان العدو حاضرًا. فقسم النبي ﷺ الجيش إلى فريقين:
● الفريق الأول: صلى مع النبي ﷺ الركعة الأولى.
● الفريق الثاني: وقف مواجهًا للعدو لحراسة المصلين وحماية ظهورهم.
بعد أن أتم النبي ﷺ والفريق الأول الركعة الأولى، انصرفوا ليقفوا مكان الفريق الثاني في حراسة العدو، وجاء الفريق الثاني فصلى بهم النبي ﷺ الركعة الثانية. ثم بعد أن سلم الإمام، أتم كل فريق ركعته الباقية (الفريق الأول أتم الركعة الثانية، والفريق الثاني أتم الركعة الأولى) منفردين.
ثم يذكر ابن عمر - رضي الله عنهما - حكمًا آخر مهمًا، وهو أنه إذا كان الخوف أشد والقتال أشرس، بحيث لا يمكن حتى هذا التقسيم، فإن للمسلم أن يصلي على دابته ( راكبًا) أو على قدميه (قائمًا)، ويومئ برأسه للركوع والسجود حسب استطاعته.

3. الدروس المستفادة منه:

● عظمة الشريعة الإسلامية: حيث راعت الظروف الاستثنائية ولم تُسقِط الفرائض، بل يسرت أداءها بما يناسب الحال.
● الجمع بين العبادة والجهاد: فالمسلم يجمع بين طاعة الله في الصلاة وطاعته في الجهاد في سبيله وحماية المسلمين.
● الحكمة والتنظيم: في تقسيم المهام بين الصلاة والحراسة، مما يضمن أداء العبادة مع الحفاظ على الأمن.
● مرونة التشريع: فصلاة الخوف لها هيئات متعددة تتدرج حسب شدة الخطر، من الصلاة الكاملة إلى الإيماء فقط، وهذا من رحمة الله بعباده.
● أهمية الصلاة: فهي لا تسقط حتى في ساحة القتال، مما يدل على عظم مكانتها في الإسلام.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- صلاة الخوف فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين.
- هيئات صلاة الخوف mentioned في السنة أكثر من هيئة، والهيئة المذكورة في هذا الحديث هي إحدى الصور المشروعة، وليس لها صورة واحدة جامدة.
- القاعدة الفقهية المستفادة: "ما لا يُدرك كله لا يُترك جله"، فإذا تعذر أداء الصلاة بشكل كامل، يؤدى منها ما يستطاع.
- هذا الحديث دليل على اجتهاد الصحابة - رضي الله عنهم - في فهم السنة ونقلها، حيث استنبط ابن عمر حكمًا للخوف الشديد من فعل النبي ﷺ في الخوف الأقل.
نسأل الله أن يفقهنا في سنَّة نبيه ويعيننا على العمل بها.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الخوف (٩٤٣)، ومسلم في صلاة المسافرين (٨٣٠/ ٣٠٦) كلاهما من حديث موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر فذكره، واللفظ لمسلم واختصره البخاري وجعل قول ابن عمر: «إن كانوا أكثر من ذلك فليصلوا قيامًا وركبانًا» مرفوعًا إلى النبي ﷺ، ورجح الحافظ رفعه بعد أن استقصى جميع طرق حديث ابن عمر.
ورواه مالك في صلاة الخوف (٣) عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان إذا سُئلُ عن صلاة الخوف قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس، فيُصلي بهم الإمام ركعة، وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يُصلُّوا فإذا صلي الذين معه ركعة استأخرُوا مكان الذين لم يُصلوا، ولا يُسلِّمون. ويتقدم الذين لم يُصلَّوا فيُصلون معه ركعة، ثم ينصرفُ الإمامُ، وقد صلَّى ركعتين، فتقوم كلُّ واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة، بعد أن ينصرف الإمامُ، فيكون كلُّ واحدةٍ من الطائفتين قد صلوا ركعتين، فإن كان خوفًا هو أشدّ من ذلك صلَّوا رجالًا قيامًا على أقدامِهم، أو رُكْبانًا مُسْتَقْبلي القبلة أو غير مُستقْبِليها.
قال مالك: قال نافع لا أرى عبد الله بن عمر حدثه إلا عن رسول الله ﷺ.
ورواه البخاري في كتاب التفسير (٥٣٥) من طريق مالك به مثله.
وأمَّا ما رواه سماك الحنفي عن ابن عمر، عن النبي ﷺ: «إنَّه صلَّى بهؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة، في صلاة الخوف» ولم يذكر قضاءَهم ركعة أخرى، فقد قال البيهقي: «وقد رُوينا عن سالم ونافع عن ابن عمر، أن كلّ واحدة من الطائفتين قضَوا ركعتهم، والحكم للإثبات في مثل هذا». انتهى. «السنن الكبرى» (٣/ ٢٦٣).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1129 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صلاة الخوف في بعض أيامه

📜 حديث: صلاة الخوف في بعض أيامه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: صلاة الخوف في بعض أيامه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: صلاة الخوف في بعض أيامه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: صلاة الخوف في بعض أيامه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية