حديث: من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الوعيد الشديد لمن ترك الجمعة تهاونًا

عن محمد بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ، قال: لا أعلمه إلَّا رفعه إلى النبي ﷺ، قال: «من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر كُتب من المنافقين».

صحيح: رواه عبد الرزاق (٥١٦٥) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، فذكره.

عن محمد بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ، قال: لا أعلمه إلَّا رفعه إلى النبي ﷺ، قال: «من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر كُتب من المنافقين».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر يحتاج إلى بيان من حيث صحته ومعناه، وسأشرحه لك على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام الطبراني في "المعجم الأوسط" (ج5/ص348)، والإمام البيهقي في "شعب الإيمان" (ج3/ص126)، من طريق محمد بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا أعلمه إلا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر كُتب من المنافقين»".
ملاحظة على سند الحديث:
- الحديث فيه انقطاع، لأن الراوي لم يسم الصحابي، فقال: "عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم"، وهذا يسمى في علم الحديث "مبهم"، وهو نوع من الضعف.
- كما أن الحديث لم يرد في الصحيحين، بل ذكره بعض المحدثين في كتبهم وحكموا عليه بالضعف، مثل الإمام المنذري في "الترغيب والترهيب"، والإمام الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة".
لذلك، فإن هذا الحديث ضعيف الإسناد، ولا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حيث الثبوت، لكن المعنى الذي يشير إليه له أصل في الشريعة، كما سيأتي.

### ثانياً. شرح مفردات الحديث
● "سمع الأذان": أي سماع صوت المؤذن ينادي لصلاة الجمعة.
● "ثلاث جمعات": أي ثلاث مرات في ثلاثة أيام جمعة متتالية أو متفرقة.
● "لم يحضر": أي لم يحضر صلاة الجمعة مع المسلمين في المسجد.
● "كُتب من المنافقين": أي سجل في ديوان المنافقين، أو حكم عليه بحكمهم، لا أنه كافر كالمنافقين، بل فيه تشبيه بفعلهم.

### ثالثاً. شرح معنى الحديث
المعنى الظاهر من الحديث: أن من يسمع نداء الجمعة ثلاث مرات ثم يتخلف عن الحضور بدون عذر شرعي، فإن هذا يشبه فعل المنافقين الذين كانوا يتخلفون عن الصلوات ولا يحرصون عليها.
ملاحظة مهمة:
هذا الحديث لا يعني أن المتخلف عن الجمعة يصبح منافقاً في العقيدة، بل هو تشبيه بفعل المنافقين في التكاسل عن الصلاة، وكأنه يتصف بصفة من صفاتهم. وهذا أسلوب تربوي لتحذير المسلمين من التهاون في فرض الجمعة.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه المتعلق بالحديث
1- وجوب صلاة الجمعة:
صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل حر ذكر مقيم، بدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9].
2- التخلف عن الجمعة بغير عذر:
من تخلف عن صلاة الجمعة بدون عذر شرعي (كمرض أو خوف أو سفر) فقد ارتكب إثماً عظيماً، لكنه لا يخرج من الإسلام، بل يأثم بترك الواجب.
3- الوعيد الشديد للتكاسل:
وردت أحاديث أخرى صحيحة في الحث على حضور الجمعة والتحذير من التخلف، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين» (رواه مسلم).
4- الفرق بين الوصف بالمنافقين والكفر:
لا يعني هذا الحديث أن المتخلف يصبح منافقاً في Belief، بل هو تشبيه بفعلهم، وكما قال العلماء: "ليس كل من وصف بصفة المنافقين أصبح منافقاً في العقيدة".


خامساً:

حكم العمل بالحديث الضعيف في الترغيب والترهيب
بعض العلماء يجيز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال والترهيب من الذنوب بشروط، منها:
- أن لا يكون شديد الضعف.
- أن يكون تحت أصل عام في الشريعة.
- أن لا يعتقد ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث يدخل تحت الأصل العام من وجوب صلاة الجمعة والتحذير من التهاون فيها، فيمكن ذكره للترهيب مع بيان ضعفه.


الخلاصة:


- الحديث ضعف إسناده، ولا يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
- المعنى العام صحيح، وهو التحذير من التهاون في صلاة الجمعة.
- من يتخلف عن الجمعة بدون عذر يأثم، لكن لا يكفر ولا يوصف بالنفاق الاعتقادي.
- ينبغي للمسلم أن يحافظ على صلاة الجمعة ويحرص عليها، فهي من أعظم الشعائر الإسلامية.
أسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عبد الرزاق (٥١٦٥) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، فذكره. وإسناده صحيح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 11 من أصل 138 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر

  • 📜 حديث: من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من سمع الأذان ثلاث جمعات ثم لم يحضر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب