من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة

حديث: من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة

لم يثبت في هذا الباب شيءٌ عن النبي ﷺ.
وأمَّا حديث ابن عمر مرفوعًا: «من سافر من دار إقامته يوم الجمعة، دعت عليه الملائكة ألَّا يُصحب في سفره». فهو ضعيف.

ضعيف: قال العراقي في «المغني» (١/ ٢٤٩): «أخرجه الدارقطني في الأفراد من كلام ابن عمر، وفيه ابن لهيعة، وقال: غريب».

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالحديث الذي ذكر – أيها السائل الكريم – يتعلق بالسفر يوم الجمعة، وقد بينت أن الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو ضعيف. وهذا بيان تفصيلي للحديث وشرحه:
### أولاً. نص الحديث ودرجته
الحديث المذكور هو:
«مَنْ سَافَرَ مِنْ دَارِ إِقَامَتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، دَعَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا يُصْحَبَ فِي سَفَرِهِ».
ورواه ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه حديث ضعيف لا يثبت عنه صلى الله عليه وسلم.
سبب الضعف:
هذا الحديث قد حكم عليه العلماء بالضعف، ومنهم الإمام ابن حجر العسقلاني والإمام الألباني وغيرهم، وذلك لوجود علل في سنده، منها انقطاع في الإسناد أو وجود رواة مجهولين أو ضعفاء. ولذلك لا يجوز الاعتماد عليه في الأحكام الشرعية أو الترهيب من السفر يوم الجمعة.

### ثانيًا. شرح مفردات الحديث
● دار إقامته: أي المكان الذي يستقر فيه الإنسان ويعيش فيه، سواء كان بلده الأصلي أو مكان إقامته المعتاد.
● دعت عليه الملائكة: أي طلبت من الله أن يحرمه الخير والصحبة الحسنة في سفره.
● ألا يصحب في سفره: أي أن لا يكون له رفيق صالح أو معين في طريقه، أو أن يصاحبه الشر والضرر.

### ثالثًا. شرح الحديث والمعنى الإجمالي
المعنى الظاهر من الحديث هو النهي عن السفر يوم الجمعة، وأن من يسافر في هذا اليوم فإن الملائكة تدعو عليه بعدم التوفيق في سفره وعدم وجود الرفقة الصالحة التي تعينه على الخير.
ولكن بما أن الحديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز تحريم السفر يوم الجمعة بناءً عليه، ولا الترويج لفكرة أن السفر في هذا اليوم يجلب الشر أو عدم البركة.

### رابعًا. الدروس المستفادة
1- عدم جواز العمل بالحديث الضعيف في الأحكام الشرعية: خاصة في مجال التحليل والتحريم، فإن الأحكام لا تثبت إلا بأدلة صحيحة.
2- السفر يوم الجمعة جائز: لا حرج في السفر يوم الجمعة إذا دعت إليه الحاجة، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ينهى عن ذلك.
3- الحذر من نشر الأحاديث الضعيفة: يجب على المسلم أن يتثبت من صحة الأحاديث قبل نشرها أو الاستدلال بها، لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله.
4- الأصل في السفر الإباحة: ما لم يرد دليل صحيح بالنهي عن وقت معين، والسفر يوم الجمعة لم يثبت فيه نهي صحيح.

### خامسًا. تنبيه مهم
هناك أحاديث أخرى ضعيفة وموضوعة في النهي عن السفر يوم الجمعة، مثل:
«لا تُسافروا يوم الجمعة»
وهي كلها غير ثابتة، فلا يجوز العمل بها أو تخويف الناس منها.
بل إن بعض العلماء كالإمام الشوكاني ذكر أن السفر يوم الجمعة جائز بلا كراهة إذا لم يؤدِّ إلى ترك صلاة الجمعة.

الخلاصة:

الحديث المذكور ضعيف لا يثبت، ولا يجوز التحذير من السفر يوم الجمعة بناءً عليه.
والسفر في هذا اليوم جائز إذا لم يترتب عليه تفويت صلاة الجمعة بدون عذر.
وينبغي للمسلم أن يتعلم كيف يميز بين الأحاديث الصحيحة والضعيفة، وأن يحذر من نشر ما لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

قال العراقي في «المغني» (١/ ٢٤٩): «أخرجه الدارقطني في الأفراد من كلام ابن عمر، وفيه ابن لهيعة، وقال: غريب».
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي هريرة مرفوعًا: «من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكان: أن لا يصاحب في سفره، ولا تُقضي له حاجة».
هذا ممَّا أخرجه الخطيب في كتابه: «أسماء الرواة عن مالك» من رواية الحسين بن علوان عنه، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
والحسين بن علوان قال فيه ابن حبان: كان من أهل الكوفة، كان يضع الحديث على هشام بن عروة وغيره من الثقات وضعًا، لا يحل كتابة حديثه إلَّا على جهة التعجب، كذَّبه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين«،»المجروحين (٢٢٨).
وقد ذكر الذهبي هذا الحديث في الميزان (١/ ٥٤٣) وقال: «ومما كذب على مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا». فذكر الحديثَ مختصرًا.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن عباس قال: بعث رسول الله ﷺ بن عبد الله بن رواحة في سرية، فوافق ذلك يومَ الجمعة، قال: فقدَّم أصحابه، وقال: أتأخَّر فأُصلي مع النبي ﷺ الجمعة، ثمَّ ألحقهم. قال: فلمَّا صلى رسول الله ﷺ رآه، فقال: «ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ «قال: فقال: أردتُ أن أصلي معك الجمعة، ثمَّ ألحقهم. قال: قال رسول الله ﷺ: «لو أنفقت ما في
الأرض ما أدركتَ فضلَ غدوتهم».
رواه الترمذي (٥٢٧) عن أحمد بن منيع، حدَّثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه أحمد (١٩٦٦) عن أبي معاوية بإسناده مثله.
قال الترمذي: «هذا حديث لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه، قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم إلَّا خمسة أحاديث، وعدَّها شعبة، وليس هذا الحديث فيما عدَّ شعبة، وكأنَّ هذا الحديث لم يسمعه الحكم من مقسم». انتهى.
قال الأعظمي: وفي سنده أيضًا الحجاج، وهو ابن أرطاة، وصف بكثرة الخطأ والتدليس وقد عنعن.
ثمَّ قال الترمذي: «وقد اختلف أهل العلم في السفر يوم الجمعة، فلم ير بعضهم بأسًا بأن يخرج يوم الجمعة في السفر، ما لم تحضر الصلاة. وقال بعضهم: إذا أصبح فلا يخرج حتَّى يصلي الجمعة، انتهي.
وكذلك لا يصح ما رُوي أنَّ رسول الله ﷺ خرج مسافرًا يوم الجمعة ضحى قبل الصلاة.
رواه عبد الرزاق (٥٥٤٠) عن الثوري، عن ابن أبي ذئب، عن صالح بن كثير، عن الزهري، قال: خرج رسول الله ﷺ، فذكره.
وهو مع إرساله فيه صالح بن كثير، وهو المدني «مقبول» كما في «التقريب».
ولكن ثبت عن عمر بن الخطاب أنَّه رأى رجلًا عليه ثياب سفرٍ، بعد ما قضى الجمعة، قال: ما شأنك؟ قال: أردت سفرًا، فكرهت أن أخرج حتَّى أصلِّي. فقال عمر: إن الجمعة لا تمنعك السفر ما لم يحضر وقتها.
رواه عبد الرزاق (٥٥٣٦) عن معمر، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين أو غيره، أنَّ عمر رأي رجلًا فذكره.
وفي رواية أخرى رواها عن الثوري، عن الأسود بن قيس، عن أبيه، قال: أبصر عمر بن الخطاب رجلًا عليه هيئة السفر، وقال الرجل: إنَّ اليوم يوم الجمعة، ولولا ذلك لخرجتُ. فقال عمر: إنَّ الجمعة لا تحبس مسافرًا، فاخرج ما لم يحن الرواح.
وخلاصة ما في هذا الباب: أنَّ المسافر إذا لم يَخَفْ فَوتَ رفقته فالأولى له أن يصلي إن دخل الوقت قبل شروعه في السفر، فإن خاف فوت رفقته، وانقطاعه بعدهم جاز له السفر مطلقًا؛ لأنَّ هذا عذر يُسقط الجمعة والجماعة. هذا ما رجَّحه الحافظ ابن القيم في «زاد المعاد» (١/ ٣٨٣).
ويقاس عليه اليوم وسائل السفر التي ليست في اختيار المسافر.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 40 من أصل 138 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة

📜 حديث: من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية