حديث: غسل الجمعة ليس بواجب ولكنه أطهر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في غسل يوم الجمعة

عن عكرمة أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاِق جَاءُوا، فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاس! أَتَرَي الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبًا؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ وَخَيْرٌ لِمَنِ اغْتَسَلَ، وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ، وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدْءُ الْغُسْلِ: كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُقَارِبَ السَّقْفِ إنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي يَوْم حَارٍّ وَعَرِقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِياحٌ آذَى بذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ تِلْكَ الرِّيحَ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ فَاغْتسِلُوا، وَلَيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دَهْنِهِ وَطِيبِهِ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمّ جَاءَ اللهُ بِالْخَيْرِ، وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ، وَكُفُوا الْعَمَلَ، وَوُسِّعَ مَسْجِدُهُمْ، وَذَهَبَ بَعْضُ الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِن الْعَرَقِ.

حسن: رواه أبو داود (٣٥٣) وأحمد (٢٤١٩) وصححه ابن خزيمة (١٧٥٥) والحاكم (١/ ٢٨١، ٢٨٢) كلهم من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، فذكره، واللفظ لأبي داود.

عن عكرمة أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاِق جَاءُوا، فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاس! أَتَرَي الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبًا؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ وَخَيْرٌ لِمَنِ اغْتَسَلَ، وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ، وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدْءُ الْغُسْلِ: كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُقَارِبَ السَّقْفِ إنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي يَوْم حَارٍّ وَعَرِقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِياحٌ آذَى بذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ تِلْكَ الرِّيحَ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ فَاغْتسِلُوا، وَلَيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دَهْنِهِ وَطِيبِهِ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمّ جَاءَ اللهُ بِالْخَيْرِ، وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ، وَكُفُوا الْعَمَلَ، وَوُسِّعَ مَسْجِدُهُمْ، وَذَهَبَ بَعْضُ الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِن الْعَرَقِ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه فوائد عظيمة ودروس مهمة.

أولاً. شرح المفردات:


● الْغُسْلَ: الاغتسال، وهو تعميم البدن بالماء.
● يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يوم الجمعة الذي هو خير يوم طلعت عليه الشمس.
● وَاجِبًا: فرضاً لازماً لا تصح الصلاة بدونه.
● أَطْهَرُ: أكثر طهارة ونظافة.
● مَجْهُودِينَ: في فقر وشدة وعناء.
● الصُّوفَ: ثياب غليظة مصنوعة من صوف الحيوانات، كانت تسبب العرق والرائحة.
● عَرِيشٌ: سقف من الخشب والجريد (أغصان النخل)، ليس بناءً متقناً.
● ثَارَتْ مِنْهُمْ رِياحٌ: ظهرت منهم روائح كريهة بسبب العرق.
● آذَى بذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا: تأذى بعض المصلين من رائحة عرق البعض الآخر.
● وَلَيَمَسَّ أَحَدُكُمْ: وليجعل أحدكم ويضع.
● أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دَهْنِهِ وَطِيبِهِ: أفضل أنواع الزيت والعطر المتوفر لديه.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن أناساً من أهل العراق -وهم معروفون بدقتهم في الفقه والسؤال عن الأحكام- جاءوا يسألونه عن حكم غسل الجمعة: هل هو فرض واجب لا تصح الصلاة بدونه؟
فأجابهم ابن عباس رضي الله عنهما بأنه ليس بواجب، ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل. ثم بين لهم سبب مشروعية هذا الغسل ليسهل عليهم فهم الحكمة من التشريع.
فأخبرهم أن الظروف في بداية الإسلام كانت صعبة، فالناس كانوا فقراء يلبسون ثياباً خشنة من الصوف، ويعملون بأيديهم في الأعمال الشاقة، وكان المسجد صغيراً وسقفه منخفضاً (عريش). وفي يوم شديد الحر، خرج النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الجمعة، فجلس الناس متقاربين في هذا المسجد الضيق، وتعرقوا بسبب الحر وثياب الصوف الثقيلة، حتى انتشرت روائح العرق الكريهة وتأذى بعضهم من بعض.
فلما شم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الروائح، نصحهم بحل عملي يراعي ظروفهم ويحافظ على نظافة المجتمع وأدبه، فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ (أي يوم الجمعة) فَاغْتسِلُوا، وَلَيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دَهْنِهِ وَطِيبِهِ».
ثم يختم ابن عباس رضي الله عنهما قصته بقوله أن الله تعالى أنعم عليهم بعد ذلك فتحسنت أحوالهم، فلبسوا ثياباً غير الصوف، وتيسرت لهم الحياة، وتوسع المسجد، فزالت بعض أسباب الأذى، ولكن حكم الاغتسال باقٍ على استحبابه.

ثالثاً. الدروس المستفادة منه:


1- حكم غسل الجمعة: أنه سنة مؤكدة وليس فرضاً، وهذا هو مذهب جمهور العلماء (الشافعية، المالكية، الحنابلة). وهو من سنن الجمعة الآكدة التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها.
2- الحكمة من التشريع: الشرائع الإسلامية جاءت لمصالح العباد، وغسل الجمعة شرع للنظافة الشخصية ولراحة الجماعة في المسجد وعدم إيذاء الآخرين بالروائح الكريهة.
3- مراعاة الظروف الاجتماعية: خطاب النبي صلى الله عليه وسلم يراعي أحوال الناس، فلما كانوا فقراء أمرهم بما يقدرون عليه من الاغتسال واستخدام أفضل ما يجدون من دهن وطيب ولو كان قليلاً.
4- أهمية النظافة وحسن الهيئة للمسلم: خاصة عند الاجتماع للصلاة، فالمسلم مأمور بأن يظهر بمظهر نظيف طيب الرائحة تعظيماً للصلاة وللمجتمع.
5- التيسير ورفع الحرج: من رحمة الإسلام أنه لم يوجب الغسل وجوباً يسبب المشقة، خاصة مع وجود الأعذار، بل جعله سنة يحصل المسلم على الأجر بفعله ولا إثم على من تركه.
6- فقه ابن عباس رضي الله عنهما: حيث جمع بين نقل الحكم وبيان سببه وحكمته، مما يجعل الناس تفهم الدين وتقتنع به.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- يستحب الغسل للجمعة على من ينوي الذهاب إلى الصلاة، ويكون وقتها من فجر يوم الجمعة إلى دخول وقت الصلاة.
- يجزئ الوضوء إذا لم يتمكن المسلم من الاغتسال، ولكن الأكمل هو الاغتسال.
- يستحب مع الاغتسال التطيب ولبس أحسن الثياب، فهذا من كمال السنة.
- هذا الحديث من أدلة أهل السنة على أن ليس كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يكون فرضاً، بل منه الواجب ومنه المستحب.
نسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعيننا على التمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٥٣) وأحمد (٢٤١٩) وصححه ابن خزيمة (١٧٥٥) والحاكم (١/ ٢٨١، ٢٨٢) كلهم من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، فذكره، واللفظ لأبي داود.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن أبي عمرو فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 47 من أصل 138 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: غسل الجمعة ليس بواجب ولكنه أطهر

  • 📜 حديث: غسل الجمعة ليس بواجب ولكنه أطهر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: غسل الجمعة ليس بواجب ولكنه أطهر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: غسل الجمعة ليس بواجب ولكنه أطهر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: غسل الجمعة ليس بواجب ولكنه أطهر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب