حديث: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب استحباب زيارة القبور

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: «إني نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإن فيها عِبرةً، ونهيتكم عن النبيذ فاشربوا، ولا أحل مسكرًا، ونهيتكم عن الأضاحي فكلوا».

حسن: رواه أحمد (١١٣٢٩) عن يحيى بن آدم، حدثنا ابن المبارك، عن أُسامة، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمه، عن أبي سعيد الخدري فذكره.

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: «إني نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإن فيها عِبرةً، ونهيتكم عن النبيذ فاشربوا، ولا أحل مسكرًا، ونهيتكم عن الأضاحي فكلوا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تجمع بين النسخ والبيان، وفيه حكم شرعية مهمة.

أولاً. شرح المفردات:


● نهيتكم عن زيارة القبور: أي منعتكم من الذهاب إلى القبور.
● عِبرةً: موعظة وتذكير بالآخرة، وما يصير إليه الإنسان.
● النبيذ: هو الشراب الذي يُنْبَذُ (يُتْرَكُ) من التمر أو الزبيب أو نحوهما في الماء حتى يحلو.
● مسكرًا: كل ما غطى العقل وأسكره من خمر أو غيرها.
● الأضاحي: هنا المقصود لحوم الأضاحي التي يضحى بها في أيام النحر.

ثانياً. شرح الحديث:


هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه بيان لتطور التشريع الإسلامي، حيث نسخ الله تعالى بعض الأحكام الأولى التي كانت لسبب ثم زال ذلك السبب.
1- في شأن زيارة القبور:
- النهي الأول كان في بداية الإسلام؛ لأن الناس كانوا حديثي عهد بالجاهلية، وكانوا يئنون ويصرخون ويدعون بالأوثان عند القبور، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن زيارتها سدًا لذريعة الشرك.
- ثم لما استقر الإيمان في قلوب المسلمين، وذهب شرك الجاهلية، أذن النبي صلى الله عليه وسلم بزيارتها لأجل العبرة والاتعاظ، وتذكر الموت والآخرة، فقال: «فزوروها، فإن فيها عِبرةً».
2- في شأن النبيذ:
- النهي الأول كان عن بعض أنواع النبيذ التي كانت تتخذ في أوعية معينة (كالدباء والحنتم والنقير) التي كانت تسرع في الإسكار وتخمر بسرعة، أو عن نبيذ كان يشرب في أوقات معينة يخشى معها الإسكار.
- ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكم النهائي وهو: «فاشربوا، ولا أحل مسكرًا»، أي أن الأصل في النبيذ الإباحة ما دام لم يصل إلى درجة الإسكار، ولكن كل شراب أسكر فهو حرام بنص قوله: «ولا أحل مسكرًا». وهذا من قواعد الشريعة الكبرى: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام".
3- في شأن الأضاحي:
- النهي الأول كان عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث أيام؛ ليكون الغني والفقير في ذلك سواء، ولحكمة أخرى.
- ثم نسخ هذا النهي، وأباح النبي صلى الله عليه وسلم الأكل منها وادخارها فوق ثلاث، فقال: «فكلوا»، كما في روايات أخرى: «كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فادخروا ما بدا لكم».

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- مرونة الشريعة الإسلامية وسماحتها: حيث تراعي الأحوال وتتدرج في التشريع، فتبدأ بالتدريج حتى تستقر النفوس على الحكم المناسب.
2- الحكمة من تغير الأحكام: بيان أن الأحكام الشرعية معللة بمصالح العباد، فإذا تغيرت الظروف والأحوال، تتغير الأحكام بما يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة.
3- زيارة القبور سنة مشروعة: لأجل الاعتبار والاتعاظ، وتذكرة الآخرة، ولكن مع تجنب كل ما يخالف الشرع من نداء الموتى أو الاستغاثة بهم.
4- تحريم كل مسكر قليلًا كان أو كثيرًا: وهو قاعدة عظيمة تحفظ العقل والدين والمجتمع.
5- جواز الأكل من الأضاحي وادخارها: وهذا من رحمة الله تعالى بعباده، حيث أباح لهم الانتفاع بها.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدل على أن النسخ (رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر) كان واقعًا في الشريعة، وهو من محاسنها.
- ينبغي للمسلم أن يعلم أن أحكام الشريعة كلها خير ومصلحة، سواء التي نُسخت أو التي بقت، فكلها من عند الحكيم الخبير.
- في قوله: «فإن فيها عِبرةً» توجيه تربوي عظيم، حيث جعل من الموتى وسيلة للعظة والاعتبار، لا للخوف والرهبة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١١٣٢٩) عن يحيى بن آدم، حدثنا ابن المبارك، عن أُسامة، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمه، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
وإسناده حسن لأجل أسامة وهو: ابن زيد الليثي المدني حسن الحديث.
ورواه الحاكم في: المستدرك (١/ ٣٧٤) من طريق أسامة بن زيد بإسناده، وقال: صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: وهو كما قال، إلا أن أسامة بن زيد تكلم فيه النسائي، فقال: «ليس بالقوي»، ومشاه أبو حاتم، وقال العجلي: «ثقة» والخلاصة فيه كما قال الحافظ: «صدوق يهم»، فلا بأس بالاستشهاد به، لأنه أرجو أنه لم يهم في هذا الحديث.
وعم محمد بن حَبَّان هو: واسع بن حبَّان بن منقذ صحابي ابن صحابي.
ورواه البزار «كشف الأستار» (٨٦١) من وجه آخر وفيه: «نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فكلوا وادخروا، ونهيتكم عن زيارة القبور فزُوروها، ولا تقولوا ما يُسخط الرب، ونهيتكم عن الأوعية فانتبذوا، وكل مسكر حرام».
قال البزار: وعمر ومحمد قد حدَّث كل منهما بأحاديث لم يتابع عليها.
قال الأعظمي: عمر هو: ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ثقة من رجال الشيخين، وكذلك أبوه محمد وهو من رجال الجماعة.
وأورده الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٨٥) وقال: «رجاله رجال الصحيح».
فلا يضر عدم المتابعة على أحاديثهما إذا كان في الإسناد من قبلهما ومن بعدهما ثقات.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 529 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة

  • 📜 حديث: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب