حديث: بين النفختين أربعون ويبلى كل شيء إلا عجب الذنب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في عَجْب الذَنَبِ

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «بين النفختين أربعون» قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يومًا؟ قال: أبيتُ، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت. قال: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت. «ويَبلى كل شيء من الإنسان إلا عجْب ذنبه، فيه يُرَكَّبُ الخلق».

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٨١٤)، ومسلم في الفتن (٢٩٥٥) كلاهما من حديث الأعمش، قال: سمعت أبا صالح، قال: سمعت أبا هريرة فذكر الحديث.

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «بين النفختين أربعون» قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يومًا؟ قال: أبيتُ، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت. قال: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت. «ويَبلى كل شيء من الإنسان إلا عجْب ذنبه، فيه يُرَكَّبُ الخلق».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 4814) ومسلم في صحيحه (رقم 2955) عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:


● بين النفختين: النفخة الأولى هي نفخة الصعق (أو الإماتة) التي يموت بها كل من في السماوات والأرض إلا من شاء الله. والنفخة الثانية هي نفخة البعث (أو الإحياء) التي يقوم فيها الناس من قبورهم للحساب.
● أربعون: العدد المذكور في الحديث، وهو محط تساؤل الصحابة عن نوعيته.
● أبيت: كلمة قالها أبو هريرة رضي الله عنه، ومعناها: "أمتنع عن الجزم بتعيينه" أو "أتردد في تحديده"، أي أنه لم يجزم بأنها أربعون يومًا أو شهرًا أو سنة، بل أبقى الأمر على إبهامه كما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
● عَجْب الذنب: هو العظم الصغير الذي في أسفل الظهر (نهاية عظم العصعص)، وهو أول ما يخلق من الإنسان وآخر ما يبلى من جسده.
● يُركَّب الخلق: أي منه يعاد خلق الإنسان ويتركب جسده يوم البعث.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن الفترة الزمنية بين النفختين: نفخة الصعق ونفخة البعث، وأنها "أربعون". ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم هذه المدة بيوم أو شهر أو سنة، فسأل الصحابة أبا هريرة رضي الله عنه لاستيضاح ذلك، فقالوا: "أربعون يومًا؟" فقال: "أبيت" (أي لا أجزم بذلك)، ثم قالوا: "أربعون شهرًا؟" فقال: "أبيت"، ثم قالوا: "أربعون سنة؟" فقال: "أبيت". فبقيت المدة على إبهامها كما جاءت في الحديث.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أن كل شيء من جسد الإنسان يبلى ويتحلل في القبر إلا "عجب الذنب"، وهو الجزء الصغير الذي في أسفل العمود الفقري، وهذا الجزء لا يبلى ولا يفنى، بل يبقى كما هو، ومنه يبدأ خلق الإنسان anew يوم البعث، فينبت منه الجسد كله كما تنبت النبتة من البذرة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الإيمان بالبعث والنشور: الحديث يثبت حقيقة البعث بعد الموت، وأن الله تعالى يعيد خلق الإنسان من العظم الصغير الذي لا يبلى.
2- عظمة قدرة الله تعالى: فكما خلق الإنسان أول مرة من عدم، قادر على إعادة خلقه من جزء صغير لا يرى بالعين المجردة.
3- الحكمة من إبهام المدة بين النفختين: فيها تربية للأمة على التسليم لأمر الله ورسوله، وعدم السؤال عن التفاصيل التي لم يرد فيها نص صريح.
4- الإعجاز العلمي النبوي: فقد اكتشف العلم الحديث أن "عجب الذنب" يحتوي على الخلايا الأولية (الخلايا الجذعية) التي يمكن منها بناء أنسجة الجسم كاملة، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1400 عام.
5- التواضع العلمي لأبي هريرة: حيث امتنع عن القول بغير علم، مع كونه راوي الحديث، فلم يزد على ما سمعه.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأدلة القاطعة على قدرة الله تعالى على إعادة الخلق يوم القيامة.
- وردت أحاديث أخرى تبين أن المدة بين النفختين أربعون، ثم ينزل الله مطرًا من السماء فتنبت منه الأجساد، كما في حديث أبي هريرة الآخر: "بين النفختين أربعون"، قالوا: أربعون يومًا؟ قال: "أبيت"، قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: "أبيت"، قالوا: أربعون سنة؟ قال: "أبيت"، ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل".
- العلماء اختلفوا في تحديد هذه الأربعين، فمنهم من قال: أربعون سنة، ومنهم من قال: أربعون يومًا، والأفضل الوقوف عند الإبهام كما جاء في الحديث.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن ي resurrectنا على الإيمان والتقوى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٨١٤)، ومسلم في الفتن (٢٩٥٥) كلاهما من حديث الأعمش، قال: سمعت أبا صالح، قال: سمعت أبا هريرة فذكر الحديث. واللفظ للبخاري.
وزاد مسلم في أول الحديث: «ثم يُنْزل الله من السماء ماءً فينبتون كما ينبتُ البقلُ، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا وهو عجْبُ الذَنَب».
وفي رواية عنده من حديث همام بن منبة: «إن في الإنسان عَظْمًا لا تأكله الأرض أبدًا، فيه يُركَّب يوم القيامة» قالوا: أي عظم هو؟ يا رسول الله؟ قال: «عجْبُ الذَنَب».
قال البيهقي: «وكأن أبا هريرة لم يحفظ عن النبيّ ﷺ ما أراد بالأربعين، وأهل التفسير يقولون: هي أربعون سنة»، «إثبات عذاب القبر» (٢٤٢٢).
وفي الحديث إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر: ٦٨]. قالوا في قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ هم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، ثم يأمر ملك الموت أن يقبض روح ميكائيل، ثم روح جبريل، ثم روح إسرافيل، ثم يأمر ملك الموت فيموت، ثم يلبث الخلق بعد النفخة الأولى في البرزح أربعين سنة، ثم تكون النفخة الأخرى، فيُحبي الله إسرافيل فيأمره أن ينفخ الثانية فذلك قوله تعالى: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ أي على أرجلهم ينظرون إلى البعث الذي كذبوا به في الدنيا. وقيل: غير ذلك.
وقالوا أيضًا: إن أرواح الكفار كانوا يعرضون على منازلهم من النار طرفي النهار، فلما كان بين النفختين رفع عنهم العذاب، فرقدت تلك الأرواح بين النفختين، فلما بعثوا في النفخة الأخرى، وعاينوا يوم القيامة ما كانوا يكذبون به في الدنيا من البعث والحساب بعثوا بالويل فقالوا: ﴿يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس: ٥٢] قالت لهم الملائكة: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ﴾ على ألسنة الرسل، بأنه يبعثكم بعد الموت، فكذبتم به ﴿وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ بأن البعث حق. وذلك أنهم ظنوا لما رفع عنهم العذاب أربعين سنة، إن الله لا يعذبهم، ولكن لما نُفخ النفخة الثانية ﴿فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس: ٥١، ٥٢] أي من منامنا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 524 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بين النفختين أربعون ويبلى كل شيء إلا عجب الذنب

  • 📜 حديث: بين النفختين أربعون ويبلى كل شيء إلا عجب الذنب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بين النفختين أربعون ويبلى كل شيء إلا عجب الذنب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بين النفختين أربعون ويبلى كل شيء إلا عجب الذنب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بين النفختين أربعون ويبلى كل شيء إلا عجب الذنب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب