حديث: كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النهي عن الاختيال في الصّدقة
حسن: رواه النسائيّ (٢٥٥٩)، وابن ماجه (٣٦٠٥) كلاهما من حديث يزيد بن هارون، قال: أنبأنا همام، عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، فذكره».

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام النسائي في سننه، وغيرهما، وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ» حديث عظيم، يجمع بين قواعد الاقتصاد في الإنفاق والتحذير من الكبر، وسأشرحه لكم على النحو التالي:
أولاً. شرح المفردات:
* كُلُوا: الأمر بالأكل من الطيبات التي أباحها الله.
* وَتَصَدَّقُوا: الأمر بإنفاق المال في وجوه الخير والبر، إما على الفقراء والمساكين، أو في المشاريع الخيرية.
* وَالبَسُوا: الأمر بلبس الثياب التي تستر الجسم وتزينه بحسب العرف والعادة.
* فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ: (الإسراف) هو مجاوزة الحد في الإنفاق، والتعدي في الاستعمال بما لا حاجة إليه، وهو التبذير والإفراط.
* وَلا مَخِيلَةٍ: (المخيلة) من الخيلاء، وهي الكبر والفخر والبطر، وهي التكبر على الخلق وإظهار الزهو بالنعمة عليهم.
ثانياً. شرح الحديث:
يوجه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى منهج متوازن في التعامل مع النعم الدنيوية، خاصة المال والملبس والمأكل. فهو لا ينهى عن الانتفاع بها، بل يأمر بالانتفاع ولكن ضمن ضوابط شرعية وأخلاقية.
1- الأمر بالانتفاع (كُلُوا... وَالْبَسُوا): هذا تأكيد على أن الإسلام لا يدعو إلى الرهبانية أو حرمان النفس من الطيبات بغير حق. بل يحث على أن ينعم المسلم بما أحله الله له من مأكل وملبس مشروع، شاكراً لله على نعمه. وهذا الانتفاع مقصود لذاته ولتقوية الجسم على طاعة الله.
2- الأمر بالإنفاق (وَتَصَدَّقُوا): هذا توازن عجيب. فبعد أن أمر بالأكل واللبس، أمر مباشرة بالتصدق. وهذا إشارة إلى أن الإنفاق على النفس لا ينبغي أن ينسي المسلم الإنفاق على غيره من المحتاجين. ففي المال حق للسائل والمحروم، والجمع بين الانتفاع الشخصي والإنفاق على الآخرين هو كمال الشكر لله على النعمة.
3- الضابط الأول: غَيْرِ إِسْرَافٍ (التحذير من الإفراط): هذا هو الضابط الكمي. فالمأكل والمشرب والملبس يجب أن يكون within الحد المعقول الذي تقتضيه الحاجة والمنفعة الحقيقية دون زيادة. فالإسراف هو تجاوز الحد في الكمية أو القيمة بدون داعٍ حقيقي، وهو من صفات المبذرين الذين هم إخوان الشياطين. وهو محرم لأنه إضاعة للمال، ونكران للنعمة.
4- الضابط الثاني: وَلا مَخِيلَةٍ (التحذير من الكبر): هذا هو الضابط النوعي أو القلبي. فحتى لو كان الإنفاق within الحدود المعقولة وغير مسرف، فإنه يحرم إذا قصد به صاحبه الفخر والاختيال والتكبر على عباد الله وإظهار التفوق عليهم. فنية القلب هي الأساس. فلبس الثوب الغالي بقصد الكبر محرم، بينما لبسه لشكر نعمة الله أو لإكرام ضيف دون كبر فهو جائز.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- الوسطية والاعتدال: الإسلام دين الوسطية، فلا إفراط في الانغماس في الملذات والترف، ولا تفريط في حرمان النفس إلى درجة الضرر. فهو يجمع بين حق النفس وحق الغير.
2- شكر نعمة الله: يكون شكر النعمة بالانتفاع بها within الحدود الشرعية، وبذكر المنعم بها (الله تعالى)، وبعدم استخدامها في معصيته، وببذل الفضل منها للمحتاجين.
3- تزكية النفس: الحديث يربي المسلم على مراقبة نيته في كل شيء، حتى في ملابسه وطعامه. فيجعلها خالصة لله، بعيدة عن الرياء والكبر والعجب.
4- التواضع: التحذير من المخيلة هو دعوة إلى خلق التواضع، وهو من أعظم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، الذي يجب على المسلم التحلي بها.
5- الحكمة في الإنفاق: التوجيه إلى التصدق بعد الأمر بالأكل واللبس يدل على الحكمة في توزيع المال، بين الإنفاق على الحاجات الأساسية، والادخار للمستقبل، والإنفاق في سبيل الله.
رابعاً. معلومات إضافية:
* هذا الحديث يجمع بين أبواب متعددة من الفقه: آداب الأكل، آداب اللباس، أبواب الزكاة والصدقات، وأبواب الأخلاق والنيّات.
* يربط العلماء بين هذا الحديث وآيات كثيرة في القرآن، مثل قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67].
* الفخر والاختيال بالملبس قد يكون من الكبائر إذا بلغ حداً معيناً، لأنه من تكبر القلب على الخلق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
واللفظ للنسائي، ولفظ ابن ماجه: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ».
ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (٦٦٩٥) مثل لفظ النّسائيّ وقال: قال يزيد مرة: «في غير إسراف ولا مخيلة». وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب، فإنه حسن الحديث.
وهمّام هو ابن يحيى العوذي، ومن طريقه رواه الترمذي في جامعه (٢٨١٩) في سياق آخر مختصرًا. و«المخيلة» على وزن عظيمة، وهي بمعنى الخيلاء.
وفي الباب عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله ﷺ: «غَيْرتَانِ إِحْدَاهُمَا يُحِبَّهَا اللهُ عز وجل، والُأخْرَى يُبْعِضُهَا اللهُ وَمَخِيلَتَانِ إِحْدَاهُمَا يُحِبُّهَا اللهُ عز وجل وَالأخْرَى يُبْغضُهَا اللهُ الْغيرَةُ فِي الرَّمْيَةِ يُحِبُّهَا اللهُ عز وجل وَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِهِ يُبْغِضُهَا اللهُ وَالْمَخِيلَةُ إِذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ يُحِبُّهَا اللهُ وَالْمَخِيلُةُ فِي الْكِبْرِ يُبْغِضُهَا اللهُ».
رواه الإمام أحمد (١٧٣٩٨) عن عبد الرزاق -وهو في المصنف (١٩٥٢٢) -، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة بن عامر الجهني، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٤٧٨)، والحاكم (١/ ٤١٧ - ٤١٨).
وفيه عبد الله بن زيد بن الأزرق لم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في «الثقات» (٥/ ١٥) على
قاعدته؛ ولذا قال فيه ابن حجر في «التقريب»: «مقبول» أي حيث يتابع وإلا فلين الحديث.
وإنه كذلك لأنه لم يتابع على هذا وأما الهيثمي فتبع ابن حبان فقال: رجاله رجال الصحيح بعد أن عزاه أحمد والطبراني. «المجمع» (٤/ ٣٢٩).
وأما ما رُوي عن ابن جابر بن عتيك، عن أبيه مرفوعًا: «إِنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللهُ عز وجل، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللهُ عز وجل، وَمِنْ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللهُ عز وجل، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللهُ عز وجل؛ فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ عز وجل فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ اللهُ عز وجل فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ، والاخْتِيَالُ الَّذِي يُحِبُّ اللهُ عز وجل اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَعِنْدَ الصَّدَقَةِ، وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يَبْغُضُ اللهُ عز وجل الْخُيَلَاءُ فِي الْبَاطِلِ». فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٢٦٥٩)، والنسائي (٢٥٥٨) كلاهما من حديث يحيى بن أبي كثير، عن محمد ابن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ابن جابر، عن أبيه، فذكره، واللفظ للنسائي.
وفي لفظ أبي داود: «وأما التي يبغض الله فاختياله في البغي».
قال موسي (هو ابن إسماعيل التبوذكي شيخ أبي داود): «والفخر».
ومن هذا الوجه أخرجه الإمام أحمد (٢٣٧٤٧، ٢٣٧٥٢) وصحّحه ابن حبان فرواه في صحيحه (٢٩٥). وفيه ابن جابر وهو عبد الرحمن بن جابر بن عتيك وهو «المجهول» كما في التقريب إلا أن ابن حبان أخرج له في «صحيحه»، ومع ذلك لم يذكره في «ثقاته» وهو على شرطه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 194 من أصل 379 حديثاً له شرح
- 169 جهد المقل وابدأ بمن تعول
- 170 جهد المقل أفضل الصدقة
- 171 سبق درهم مائة ألف درهم
- 172 الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ
- 173 أَمْسِكْ عَلَيْكَ بِعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرُ لَكَ
- 174 أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللهَ وَرَسُولَهُ
- 175 صَلِّ رَكْعَتَيْنِ إِذَا دَخَلْتَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ
- 176 رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق...
- 177 ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله
- 178 أول من يحاسب يوم القيامة شهيد وعالم ومنفق
- 179 الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات
- 180 على كل مسلم صدقة
- 181 خلق الإنسان على ستين وثلاثمائة مفصل
- 182 كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ
- 183 ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى
- 184 الإنسان ثلاثمائة وستون عظمًا عليه في كل يوم صدقة
- 185 يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ أَدْرَكْتَ مَنْ...
- 186 ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ
- 187 في كل يوم طلعت فيه الشمس على ابن آدم صدقة
- 188 كل معروف صدقة
- 189 معنى كل معروف صدقة
- 190 كُلُّ مَعْروفٍ صَدَقَةٌ
- 191 كل عمل معروف يعد صدقة في الاسلام
- 192 السَّلَامُ عَلَيْكَ تَحِيَّةُ الأَحْيَاءِ
- 193 عن كل مفصل صدقة والنخاعة في المسجد تدفنها
- 194 كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ
- 195 مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ
- 196 ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة
- 197 أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ
- 198 التصدق عن الميت ينفعه
- 199 هل يكفر عن الميت أن أتصدق عنه؟
- 200 هل ينفعها أن أتصدق عنها؟
- 201 أعْتِقُوا أَوْ تَصَدَّقُوا أَوْ حُجُّوا عَنِ الْمَيِّتِ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ
- 202 التصدق عن الميت ينفعه وعليك بالماء
- 203 دعاء النبي لال المتصدقين
- 204 بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلَانًا أَعْطَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا
- 205 إخراج الزكاة طهرة تطهرك وتصل أرحامك
- 206 انطلق نفر إلى خَيْبَرَ فوجدوا أحدهم قتيلًا
- 207 قَدِمَ نَاسٌ مِنْ عُرَيْنَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ فَاجْتَوَوُا المَدِينَةَ
- 208 أعطي الرجل وغيره أحب إلي خشية أن يكَبَّ في النار
- 209 ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء
- 210 إِنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِي عَطَاءً مَا يَخَافُ الفَقْرَ
- 211 من أسلم لا يمسي حتى يكون الإسلام أحب إليه من...
- 212 إني لأعطى الرجل وأدع الرجل والذي أدع أحب إلي
- 213 ما من بعير إلا في ذروته شيطان فاذكروا اسم الله
- 214 يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويدعنا وسيوفنا تقطر من...
- 215 لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ
- 216 قسم النبي الغنائم يوم حنين ولم يعط الأنصار شيئًا
- 217 إعطاء النبي الأقرع بن حابس مائة من الإبل يوم حنين
- 218 أعطى رسول الله ﷺ أبا سفيان وصفوان وعيينة والأقرع مئة...
معلومات عن حديث: كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ
📜 حديث: كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








