حديث: صيام يوم عاشوراء من شاء صام ومن شاء أفطر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب بيان نسخ وجوب صوم يوم عاشوراء بعد فرض صيام شهر رمضان

عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يوم عاشوراء، عام حجَّ وهو على المنبر يقول: يا أهل المدينة، أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله ﷺ يقول لهذا اليوم: «هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه وأنا صائم، فمن شاء فليَصُمْ، ومن شاء فليُفطِر».

متفق عليه: رواه مالك في الصيام (٣٤) عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، فذكره.

عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يوم عاشوراء، عام حجَّ وهو على المنبر يقول: يا أهل المدينة، أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله ﷺ يقول لهذا اليوم: «هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه وأنا صائم، فمن شاء فليَصُمْ، ومن شاء فليُفطِر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه ﷺ وعملاً بها.
هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 2003) ومسلم في صحيحه (رقم 1129)، وفيه دروس وعبر عظيمة. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:


* حميد بن عبد الرحمن بن عوف: راوي الحديث، وهو من كبار التابعين، ثقة فقيه.
* معاوية بن أبي سفيان: هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، صحابي جليل، كاتب الوحي، وأحد خلفاء المسلمين.
* عاشوراء: هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم.
* لم يكتب عليكم: أي لم يفرض عليكم وجوباً.
* فليصم، فليفطر: الأمر هنا على سبيل التخيير والإباحة، وليس الوجوب.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يخطب الناس على المنبر في يوم عاشوراء (العاشر من المحرم) خلال موسم الحج، فنادى أهل المدينة مستنكراً غياب علمائهم الذين يعلمون سنة النبي ﷺ في هذا اليوم.
ثم ذكر معاوية رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال عن يوم عاشوراء: "هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه" أي لم يفرض الله عز وجل صيامه فرضاً لازمًا كصيام رمضان، ولكنه كان يوماً يصومه النبي ﷺ.
ثم بين النبي ﷺ حاله فقال: "وأنا صائم" ليحث الصحابة على الاقتداء به في هذه السنة، ثم ترك الأمر خيارياً لهم فقال: "فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر". وهذا يدل على أن صيام عاشوراء في الأصل هو سنة مؤكدة وليس فرضاً، وأن من صامه فله أجر كبير، ومن تركه فلا إثم عليه.
ملاحظة مهمة: هذا الحديث يبين الحكم الأولي ليوم عاشوراء قبل فرضية صيام رمضان. فلما فُرِض صيام رمضان في السنة الثانية للهجرة، أصبح صيام عاشوراء سنة مؤكدة وليس فرضاً، كما في رواية أخرى للبخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله ﷺ أمر بصيام يوم عاشوراء، فلما فرض رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر».

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضل صيام يوم عاشوراء: صيامه سنة مؤكدة عن النبي ﷺ، وقد جاء في فضله أنه يكفر ذنوب السنة الماضية، كما في صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ».
2- حرص السلف على نشر العلم وتعليم الناس: حرص معاوية رضي الله عنه، وهو الخليفة، على تذكير الناس بهذه السنة ونشرها بينهم، واستنكر غياب من يجب عليه بيانها وهم العلماء.
3- الاقتداء بالنبي ﷺ: قوله ﷺ "وأنا صائم" فيه حثٌّ للأمة على الاقتداء به في كل خير، فهو الأسوة الحسنة.
4- رفع الحرج في الدين: الإسلام دين يسر وليس عسر، فجعل صيام هذا اليوم على سبيل الاستحباب لا الإلزام، تخفيفاً على الأمة ورحمة بها.
5- مشروعية الاختلاف في بعض العبادات المستحبة: حيث أن بعض الناس يصوم وبعضهم يفطر، ولا إنكار في ذلك ما دام الأمر خيارياً.
6- استحباب مخالفة اليهود: السنة أن يصام اليوم التاسع (تاسوعاء) مع العاشر، كما أمر النبي ﷺ في آخر عمره، فقال: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» أي مع العاشر، مخالفة لليهود الذين كانوا يصومون العاشر فقط.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


* أصل صيام عاشوراء: كان النبي ﷺ يصومه في مكة قبل الهجرة، فلما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومونه فقال: «ما هذا؟» قالوا: هذا يوم صالح، نجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه. فقال رسول الله ﷺ: «نحن أحق بموسى منكم» فصامه وأمر بصيامه.
* المراتب في صيامه: أفضل ما يكون صيامه أن يصام التاسع والعاشر معاً (9 و10 محرم)، فإن لم يتيسر فصيام العاشر وحده.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الصيام (٣٤) عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، فذكره.
ورواه البخاري في الصوم (٢٠٠٣)، ومسلم في الصيام (١١٢٩) كلاهما من طريق مالك، به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 194 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صيام يوم عاشوراء من شاء صام ومن شاء أفطر

  • 📜 حديث: صيام يوم عاشوراء من شاء صام ومن شاء أفطر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صيام يوم عاشوراء من شاء صام ومن شاء أفطر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صيام يوم عاشوراء من شاء صام ومن شاء أفطر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صيام يوم عاشوراء من شاء صام ومن شاء أفطر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب