يومان نهى رسول الله عن صيامهما

حديث: يومان نهى رسول الله عن صيامهما

عن أبي عبيد مولي ابن أزهر، قال: شهد العيدَ مع عمر بن الخطّاب فصلَّى، ثم انصرف، فخطب الناس، فقال: إنّ هذين يومان نهى رسولُ الله ﷺ عن صيامهما، يومُ فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نُسُككم.
قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان، فجاء فصلى، ثم انصرف، فخطب وقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له. قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب -وعثمان محصور- فجاء فصلى، ثم انصرف، فخطب.

متفق عليه: رواه مالك في العيدين (٥) عن ابن شهاب، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي ذكره السائل حديث عظيم، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه فوائد جليلة تتعلق بأحكام العيدين والجمعة.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● مولى ابن أزهر: أي عبدٌ أو تابعٌ لابن أزهر.
● شهد العيد: حضر صلاة العيد.
● انصرف: أي انتهى من الصلاة وذهب ليلقي الخطبة.
● يوم تأكلون فيه من نسككم: أي يوم عيد الأضحى، حيث يأكل الناس من أضاحيهم.
● أهل العالية: سكان الأماكن المرتفعة أو البعيدة عن المسجد.
● محصور: أي محاصرٌ في بيته أثناء الفتنة.

ثانياً. شرح الحديث:

هذا الحديث يرويه أبو عبيد مولى ابن أزهر، وهو من التابعين، حيث حضر صلاة العيد مع ثلاثة من الخلفاء الراشدين: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
1- في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
صلى عمر صلاة العيد ثم خطب الناس، وذكر أن النبي ﷺ نهى عن صيام يومين:
● يوم الفطر: وهو اليوم الأول من شوال بعد انتهاء رمضان.
● يوم الأضحى: وهو اليوم العاشر من ذي الحجة.
وهذا النهي عن الصيام في هذين اليومين ثابت في السنة النبوية، فقد روى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال: «لا صيام في يومين: الفطر والأضحى».
2- في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه:
حضر أبو عبيد العيد مع عثمان، فصلى ثم خطب، وأخبر الناس أن اليوم اجتمع فيه عيدان:
● عيد الفطر أو الأضحى (حسب الرواية).
● يوم الجمعة.
وهذا يدل على أن العيد والجمعة قد اجتمعا في يوم واحد، فخيّر الناس بين انتظار صلاة الجمعة أو الرجوع إلى بيوتهم، وذلك تيسيراً على من بعد عن المسجد.
3- في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
حضر أبو عبيد العيد مع علي، وكان عثمان محصوراً في بيته، فصلى علي ثم خطب، ولم يذكر في الرواية ما قاله في الخطبة، لكن السياق يدل على استمرار العمل بسنة النبي ﷺ في صلاة العيد والخطبة.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- تحريم صوم يومي العيدين:
وهذا بإجماع العلماء، لأنها أيام فرح وسرور، وفي الصوم منعٌ لهذا الفرح.
2- خطبة العيد بعد الصلاة:
وهذا هو هدي النبي ﷺ وخلفائه الراشدين، حيث يخطب الإمام بعد الصلاة، وليس قبلها كصلاة الجمعة.
3- التيسير على الناس:
كما فعل عثمان رضي الله عنه عندما خيّر الناس بين انتظار الجمعة أو الرجوع، خاصة لأهل البعد، وهذا من رحمة الإسلام ومرونته.
4- اتباع سنة الخلفاء الراشدين:
فهم أدرى الناس بسنة النبي ﷺ، وقد قال ﷺ: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي».
5- اجتماع العيد والجمعة:
إذا اجتمع العيد والجمعة، فمن صلى العيد سقطت عنه الجمعة، لكن عليه أن يصلي الظهر، وهذا مذهب جمهور العلماء.

رابعاً. معلومات إضافية:

- صلاة العيد سنة مؤكدة، وهي ركعتان، يكبّر في الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام.
- يسنّ للإمام أن يخطب بعد الصلاة خطبتين، يعظ الناس ويذكّرهم بتقوى الله.
- من فاتته صلاة العيد مع الإمام، فإنه يصليها ركعتين منفرداً.

الخلاصة:

هذا الحديث يعلمنا اتباع سنة النبي ﷺ وسنة خلفائه، والحرص على التيسير على الناس، وعدم التشديد عليهم، كما يذكرنا بأهمية الفرح بالعيد وعدم الصوم فيه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في العيدين (٥) عن ابن شهاب، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، فذكره.
ورواه البخاري في الصوم (١٩٩٠)، ومسلم في الصيام (١١٣٧) كلاهما من حديث مالك إلا أنهما لم يذكرا قول أبي عبيد الموقوف على عثمان وعلي؛ لأنه لم يرفعه.
ثم إن البخاري ذكر في كتاب الأشربة (٥٥٧١، ٥٥٧٢، ٥٥٧٣) من وجه آخر عن يونس، عن الزهري المرفوع عن عمر، والموقوفين عن عثمان وعلي، وأعل فيه لفظ خطبة علي التي تركها مالك، وهي: «إن رسول الله ﷺ نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث».
وقال: «وعن معمر، عن الزهري، عن أبي عبيد نحوه». انتهي.
ولعل مالكا ترك خطبة علي؛ لأن النهي عن أكل لحوم النسك فوق ثلاث منسوخ. كما أن البخاري ﵀ أيضًا اختصر حديث معمر، عن الزّهريّ، عن أبي عبيد بقوله: نحوه، مع أن الذي رواه عبد الرزاق (٥٦٣٦) عن معمر، فيه رفع عثمان الحديث إلى النبي ﷺ، وهذا لفظه: عبد الرزاق، عن معمر، عن الزّهريّ، عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب، فصلى قبل أن يخطب، بلا أذان ولا إقامة، ثم خطب فقال: يا أيها الناس! إن رسول الله ﷺ نهى عن صيام هذين اليومين، أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم وعيدكم، وأما الآخر فيوم تأكلون فيه نسككم، قال: ثم شهدته مع عثمان، وذلك يوم الجمعة، فصلى قبل أن يخطب بلا أذان ولا إقامة، ثم خطب الناس فقال: إن رسول الله ﷺ نهى عن صيام هذين
اليومين، أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم وعيدكم، وأما الآخر فيوم تأكلون فيه نسككم، قال: ثم شهدته مع عثمان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل أن يخطب بلا أذان ولا إقامة، ثم خطب الناس فقال: يا أيها الناس! إن هذا يوم اجتمع لكم عيدان، فمن كان منكم من أهل العوالي فقد أذنا له فليرجع، ومن شاء فليشهد الصلاة. قال: ثم شهدته مع علي، فصلى قبل أن يخطب، بلا أذان ولا إقامة، ثم خطب، فقال: يا أيها الناس! إن رسول الله ﷺ قد نهى أن تأكلوا نسككم بعد ثلاث ليال فلا تأكلوها بعده.
فرفع معمر، عن الزهري حديث عثمان في النهي عن صوم هذين اليومين، ولم يذكر فيه حديث علي في النهي عن صوم هذين اليومين، لا مرفوعا ولا موقوفا.
ولكن رواه سعيد بن خالد بن عبد الله بن قارظ، عن أبي عبيد مولي عبد الرحمن بن أزهر فقال: رأيت عليا وعثمان يصليان يوم الفطر والأضحى، ثم ينصرفان يذكر ان الناس، قال: وسمعتهما يقولان: إن رسول الله ﷺ نهى عن صيام هذين اليومين.
رواه الإمام أحمد (٤٣٥) والبزار -كشف الأستار (٤٠٧) والنسائي في الكبرى (٢٧٨٨) كلهم من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد بن خالد، فذكره.
وسعيد بن خالد بن عبد الله بن قارظ المدني مختلف فيه، فضعفه النسائي، وقال الدارقطني: مدني يحتج به، وذكره ابن حبان في الثقات، وفي التقريب: «صدوق».
ولذا قال ابن عبد البر في التمهيد (١٠/ ٢٣٧): «إن سعيد بن خالد رفع النهي عن صيام اليومين المذكورين في الحديث من حديث علي وعثمان، ويرفعه ابن شهاب من حديث عمر بن الخطاب، وقول ابن شهاب أولى عندهم بالصواب».
مع أن معمرا رواه أيضًا عن الزهري، كما أخرجه عبد الرزاق عنه -سبق ذكره- فيه رفع الحديث عن عثمان دون ذكر علي، وقد أورد ابن عبد البر بعد الكلام المذكور حديث عبد الرزاق عن معمر ولكنه اختصر لفظه، ولم يذكر فيه حديث عثمان ورفعه، فلا أدري هل وجد عند عبد الرزاق هكذا أو حذفه؟ والظاهر أنه اختلف على الزهري.
فروى عنه مالك المرفوع عن عمر بن الخطاب فقط، وروى عنه معمر فزاد من المرفوع عثمان ابن عفان.
وخالفه سعيد بن خالد فروي عن أبي عبيد ورفع الحديث إلى علي وعثمان جميعا، وسعيد بن خالد تكلم فيه فرفعه إلى علي فيه نكارة، والله أعلم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 205 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يومان نهى رسول الله عن صيامهما

📜 حديث: يومان نهى رسول الله عن صيامهما

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يومان نهى رسول الله عن صيامهما

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يومان نهى رسول الله عن صيامهما

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يومان نهى رسول الله عن صيامهما

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية