حديث: العائد في هبته كالعائد في قيئه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن الرجوع في هبته وصدقته

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده. والعائد في هبته كالعائد في قيئه».

حسن: رواه النسائي (٣٦٨٩)، والدارقطني (٣/ ٤٣)، والبيهقي (٦/ ١٧٩)، وأحمد (٦٧٠٥) كلهم من طرق عن عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب بإسناده مثله.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده. والعائد في هبته كالعائد في قيئه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث شريف له أهمية كبيرة في تنظيم العلاقات المالية والأسرية، وها هو شرحه على النحو التالي:
### أولاً. نص الحديث
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده. والعائد في هبته كالعائد في قيئه».
### ثانياً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وحسَّنه الترمذي، وصححه جماعة من أهل العلم.
### ثالثاً. شرح المفردات
● هبته: الهبة هي التبرع بالمال أو العين لشخص آخر في حياته بلا عوض.
● يرجع: أي يتراجع ويسترد ما وهبه.
● الوالد من ولده: الأب (أو الأم على خلاف بين العلماء) يسترد هبته من ابنه أو ابنته.
● العائد: التراجع والاسترجاع.
● العائد في قيئه: من يعود فيأكل قيئه بعد أن خرج منه.
### رابعاً. شرح الحديث
يضع النبي ﷺ في هذا الحديث قاعدة مهمة في فقه المعاملات، وهي:
1- تحريم الرجوع في الهبة بشكل عام: الأصل أن الهبة إذا تمت وقبضها الموهوب له، فإنها تصبح ملكاً تاماً له، ولا يحق للواهب الرجوع فيها. هذا يحفظ الاستقرار في المعاملات بين الناس، ويمنع النزاعات والندم المتأخر.
2- استثناء الوالد في هبته لولده: يجوز للأب (والأم على قول كثير من العلماء) أن يرجع في هبته التي أعطاها لابنه أو ابنته. وهذا الاستثناء من رحمة الشريعة ومراعاتها للظروف الأسرية. فقد يهب الأب لابنه ثم تضطرب الأحوال المالية للأب، أو يظهر من الابن عقوق أو إساءة، فيحتاج الأب لاسترداد هبته. هذه الصلة الخاصة بين الوالد وولده جعلت الشرع يتسامح في هذه المسألة لحكمة بالغة.
3- تشبيه قبيح للعائد في هبته: شبه النبي ﷺ الذي يرجع في هبته (غير الوالد لولده) بـ«العائد في قيئه». وهذا تشبيه بليغ جداً له معنيان:
● المعنى المادي: فكما أن القيء شيء خرج من الجسد واستقذره الإنسان، فكذلك المال الذي تبرعت به وأخرجته من ملكك أصبح ملكاً للآخر، فاسترداده عمل مستقذر.
● المعنى الأخلاقي: التشبيه يدل على خسة هذا الفعل ودناءته، حيث يظهر ندم الإنسان على كرمه وسخائه، فيفقد مروءته وشهامته.

خامساً:

الدروس المستفادة والفقه
1- الحث على السخاء والكرم وعدم المن والأذى: الهبة من أعمال البر، والرجوع فيها ينقض أجرها ويحولها إلى منّة وأذى.
2- مراعاة الطبيعة الخاصة للعلاقة بين الوالد وولده: فالشريارة تدرك أن العلاقة الأبوية تحمل طابع الرعاية والمسؤولية، مما ي justify استثناءها من هذه القاعدة.
3- تحريم الظلم وأكل أموال الناس بالباطل: الرجوع في الهبة بعد القبض هو أكل للمال بغير حق.
4- قوة التصوير النبوي: استخدام النبي ﷺ لهذا التشبيه المثير للتقزز يوضح بشاعة هذا الفعل في الميزان الأخلاقي للإسلام.

سادساً:

مسائل فقهية متعلقة
● هل الاستثناء خاص بالأب فقط أم يشمل الأم؟: جمهور العلماء (من الحنفية والمالكية والشافعية) على أن الاستثناء خاص بالأب فقط. بينما ذهب أحمد في رواية والظاهرية إلى أن الأم مثل الأب في ذلك، وهو القول الراجح لقوة أدلته وروح الشريعة.
● شروط رجوع الوالد: يشترط لرجوع الأب أن تكون الهبة لولده الصغير أو الكبير، وأن لا يكون الولد قد تصرف في المال تصرفاً يمنع استرداده (كأن بيعه أو وهبه لآخر).
● لا حق للولد في الرجوع في هبته لوالده: القاعدة خاصة بالوالد فقط.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا بشرعه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٣٦٨٩)، والدارقطني (٣/ ٤٣)، والبيهقي (٦/ ١٧٩)، وأحمد (٦٧٠٥) كلهم من طرق عن عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب بإسناده مثله.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب؛ فإنه حسن الحديث.
قال البيهقي: «ويحتمل أن يكون عمرو بن شعيب رواه من الوجهين، فحسين المعلم حجة، وعامر الأحول ثقة».
وقال الترمذي عقب رواية حديث حسين المعلم عن عمرو بن شعيب: «هذا حديث حسن صحيح. قال الشافعي: لا يحل لمن وهب هبة أن يرجع فيها إلا الوالد فله أن يرجع فيما أعطى ولده، واحتج بهذا الحديث».
قال الأعظمي: وهو كما قال الشافعي؛ لأن الوالد ليس كغيره من الأجانب والأباعد، وقد جعل رسول اللَّه ﷺ للأب حقا في مال ولده، فقال: «أنت ومالك لأبيك». فرجوعه في هبته من ولده أولى من مال ولده. وأما من لم يأخذ بهذا الحديث فتأوله بأن له الرجوع عند الحاجة إليه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 36 من أصل 71 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: العائد في هبته كالعائد في قيئه

  • 📜 حديث: العائد في هبته كالعائد في قيئه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: العائد في هبته كالعائد في قيئه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: العائد في هبته كالعائد في قيئه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: العائد في هبته كالعائد في قيئه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب