حديث: من قبل هدية على شفاعة فقد أتى بابا من الربا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب من يحرم عليه قبول الهدية
حسن: رواه أبو داود (٣٥٤١) عن أحمد بن عمرو بن السرح، حدثنا ابن وهب، عن عمر بن مالك، عن عبيد بن أبي جعفر، عن خالد بن أبي عمران، عن القاسم، عن أبي أمامة فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديث شريف يحذر من خطر دقيق من مخاطر الربا، وقد رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وغيرهما عن الصحابي الجليل أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أولاً. شرح المفردات:
● شَفَعَ: طلب الوساطة والتوسط لأجل قضاء حاجة أو منفعة لأخيه.
● شَفَاعَة: الوساطة والطلب والتوصية للغير.
● فَأُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا: أي قدمت له هدية أو عطية *بسبب* تلك الشفاعة والوساطة التي قام بها.
● أَبْوَابَ الرِّبَا: طرق ومداخل الربا المحرم، والربا هو الزيادة المحرمة شرعًا في المعاوضات.
ثانيًا. شرح الحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حالة قد تقع كثيرًا في المعاملات بين الناس، وهي أن يتوسط رجل لأخيه المسلم لدى شخص آخر (كأن يوصي به عند مسؤول ليعينه في وظيفة، أو يتوسط له في بيع أو شراء، أو يقضي له حاجة عند ذي سلطان أو غيره)، فيقضي الله تعالى تلك الحاجة على يديه.
ثم يكون رد فعل من تمت شفاعته له أن يقدم لهذه الوسيط "هدية" كنوع من الشكر والعرفان بالجميل، *لكن هذه الهدية لم تكن لتحصل لولا تلك الوساطة*، فإذا قبلها الوسيط، فقد وقع في إثم عظيم، لأنه دخل من أحد أبواب الربا الخفية.
لماذا يعتبر هذا من الربا؟
لأن العلاقة هنا أصبحت علاقة معاوضة (وساطة مقابل هدية)، والوساطة في الأصل يجب أن تكون خالصة لوجه الله تعالى، ابتغاء الأجر من الله ونصرة للمسلم، فإذا تحولت إلى تجارة ينتظر عليها المقابل المادي، صارت من باب أكل المال بالباطل، وهو من الربا لأنه زيادة محرمة في غير مقابلة مشروعة.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- تحريم اتخاذ الشفاعة وسيلة للكسب المادي: الشفاعة الحسنة من الأعمال الصالحة التي يحبها الله، ولكن يشترط أن تكون خالصة لوجهه تعالى، لا يرجى منها إلا الأجر من الله، فإذا تحولت إلى تجارة، فقد فسد أصلها.
2- الحذر من مداخل الشبهات: هذا الحديث يظهر كيف أن الشيطان يدخل على الناس من حيث لا يشعرون، فيحول العمل الصالح إلى معصية بقبول هدية مرتبطة به.
3- الفرق بين الهدية المباحة والهدية المحرمة: ليس كل هدية محرمة، بل المحرم هو ما كان مقابلاً لمعروف أو وساطة، أما الهدية المجردة التي لا تربطها صلة بمعروف سابق، فهي من سنن النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقبلها.
4- وجوب إخلاص النية في الأعمال: يجب على المسلم أن يخلص نيته في كل عمل، خاصة في مساعدة الآخرين، فلا ينتظر منهم جزاءً ولا شكورًا.
5- سد الذرائع إلى المحرمات: الشريعة الإسلامية تسد كل طريق يوصل إلى الحرام، وهذا الباب من أبواب الربا الخفية التي قد يغفل عنها كثير من الناس.
رابعًا. تنبيهات مهمة:
- إذا كانت الهدية قد قدمت قبل الشفاعة أو بدون ارتباط بها، فلا بأس بقبولها.
- إذا كانت الشفاعة قد انتهت ومر عليها زمن، ثم قدمت هدية كعادة بين الطرفين، فلا تدخل في الحديث.
- من قام بالوساطة ثم قدم له هدية، فالأولى له أن يرفضها أو يردها بأدب، أو يتذكر أن نيته كانت لله، فلا يقبل ما يفسدها.
- العلماء يفرقون بين الشفاعة للحق والشفاعة بالباطل، فالأولى مطلوبة شرعًا، والثانية محرمة بأي حال.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على إخلاص النية، ويبصرنا بمداخل الشيطان، ويجنبنا أبواب الحرام والربا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل خالد بن أبي عمران؛ فإنه حسن الحديث.
وشيخه القاسم هو ابن عبد الرحمن الدمشقي أبو عبد الرحمن، مختلف فيه، غير أنه حسن الحديث أيضًا. وأما عبيد اللَّه بن أبي جعفر فهو ثقة من رواة الصحيح، فلا حجة لمن تكلم فيه.
ورواه الإمام أحمد (٢٢٢٥١) من طريق ابن لهيعة، حدثنا عبيد اللَّه بن أبي جعفر بإسناده مثله. وابن لهيعة فيه كلام معروف، ولكنه توبع. وللحديث أسانيد أخرى غير أن ما ذكرته هو أصحها.
ولا مخالفة بين هذا الحديث وحديث ابن عمر: «من أتى إليكم معروفا فكافئوها». وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد (٥٣٦٥)، وأبو داود (٥١٠٩)، وصحّحه ابن حبان (٣٤٠٨)، والحاكم (١/ ٤١٢) انظر تخريجه في كتاب الزكاة.
فإن حديث الباب يدل على الترهيب من قبول الهدية من شفع لأخيه فأهدي له هدية فقبلها.
وحديث ابن عمر يدل على مكافأة من فعل معروفا غير الشفاعة، وأبواب المعروف كثيرة، فلا معارضة بين الحديثين.
وأما الهدية التي يقدمها ليكف الظلم عنه، أو ليأخذ حقه الواجب فكانت هذه الهدية حراما على الآخذ، وجاز للمقدم أن يدفعها إليه؛ ليأخذ حقه. انظر للمزيد «مجموع فتاوى ابن تيمية» (٣١/ ٢٨٥ - ٢٨٧).
وأما ما روي عن أنس بن مالك مرفوعا: «إذا أقرض أحدكم قرضا، فأهدى له، أو حمله على الدابة، فلا يركبها، ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك». فهو ضعيف.
رواه ابن ماجه (٢٤٣٢) عن هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عباس قال: حدثني عتبة ابن حميد الضبي، عن يحيى بن أبي إسحاق الهنائي، قال: سألت أنس بن مالك: الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي له؟ قال: قال رسول اللَّه ﷺ فذكر الحديث.
وفي الحديث علل: منها: ضعف إسماعيل بن عياش.
ومنها: ضعف عتبة بن حميد الضبي، قال أحمد: كان من أهل البصرة، وكتب شيئًا كثيرا، وهو ضعيف، ليس بالقوي، ولم يشتبه الناس حديثه.
ومنها: جهالة يحيى بن أبي إسحاق الهنائي، ويقال: يزيد بن أبي إسحاق. ويقال: يزيد بن أبي يحيى. ويقال: يحيى بن يزيد الهنائي.
ومنها: أن رفعه خطأ، والصواب أنه موقوف. قال البخاري في التاريخ الكبير (٨/ ٣١٠) في ترجمة يحيى بن يزيد أبي يزيد الهنائي قال: «قاله لنا أدم، نا شعبة سمع يحيى بن يزيد، قلت لأنس في الرجل يكون له الدين؟ قال: لا يرتدف خلف دابته. وقال: أبو معاوية، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي ﷺ، وهو خطأ». انتهى.
وقال البيهقي (٥/ ٣٥٠): «ورواه شعبة، ومحمد بن دينار فوقفاه».
ومنها الاضطراب في الإسناد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 39 من أصل 71 حديثاً له شرح
- 14 أجيبوا الداعي ولا تردوا الهدية
- 15 يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ
- 16 حب رسول الله عائشة والوحي لا يأتيه إلا في ثوبها
- 17 كان النبي ﷺ لا يرد الطيب
- 18 يقبل الهدية ويُثيب عليها
- 19 لقد هممت أن لا أتهب هبة إلا من قرشي أو...
- 20 أهدى رجل ناقة للنبي فعوضه فتسخطه
- 21 أكل ولدك نحلته مثل هذا
- 22 أخذ بيدي وأتى بي النبي ﷺ فقال لا تشهدني على...
- 23 أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم
- 24 أعطي كل ولدك مثل ما أعطيت النعمان
- 25 أشهد على هذا غيري
- 26 أعطاه أبوه غلاما فقال النبي ما هذا الغلام
- 27 أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء
- 28 اعدلوا بين أولادكم، اعدلوا بين أبنائكم
- 29 أعط كل ولدك سواء ولا تفضل بعضهم على بعض.
- 30 أشهد النبي على ذلك، هل لك ولد غيره؟
- 31 لا أشهد إلا على حق
- 32 العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه
- 33 الوالد فيما يعطيه ولده
- 34 مثل الذي يعود في عطيته كمثل الكلب
- 35 مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب يقيء ثم يأكل...
- 36 العائد في هبته كالعائد في قيئه
- 37 هذا لكم وهذا أهدي لي
- 38 العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه
- 39 من قبل هدية على شفاعة فقد أتى بابا من الربا
- 40 لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا ثلاثا
- 41 قسم رسول الله أقبية ولم يعط مخرمة
- 42 بعنيه هو لك فاصنع به ما شئت
- 43 أهدى إلي رسول الله حلة سيراء فلبستها
- 44 إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في...
- 45 أسلمت؟ إني نهيت عن زبد المشركين
- 46 كان محمد أحب رجل في الناس إلي في الجاهلية
- 47 مناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا
- 48 أكل النبي ﷺ من شاة مسمومة ولم يأمر بقتل اليهودية
- 49 أهدى ملك أيلة للنبي ﷺ بغلة بيضاء وكساه بردا
- 50 أهدى أمير القبط لرسول الله جاريتين أختين
- 51 بعث رسول الله حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب...
- 52 إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة
- 53 قدمت علي أمي وهي راغبة، أفأصل أمي؟
- 54 درع عائشة ثمن خمسة دراهم وكانت تستعيره نساء المدينة
- 55 العمرى لمن وهبت له
- 56 العمرى جائزة
- 57 أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي أعطيها
- 58 أيما رجل أعمر رجلا عمرى له ولعقبه
- 59 أمسكوا عليكم أموالكم ولا تعطوها أحدا
- 60 أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها
- 61 قضى رسول الله فيمن أعمر عمرى له ولعقبه
- 62 من أعمر رجلا عمرى له ولعقبه فقد قطع قوله حقه...
- 63 العمرى لصاحبها
معلومات عن حديث: من قبل هدية على شفاعة فقد أتى بابا من الربا
📜 حديث: من قبل هدية على شفاعة فقد أتى بابا من الربا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من قبل هدية على شفاعة فقد أتى بابا من الربا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من قبل هدية على شفاعة فقد أتى بابا من الربا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من قبل هدية على شفاعة فقد أتى بابا من الربا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








