حديث: أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب العدل بين الأولاد في الهبة

عن النعمان بن بشير قال: نحلني أبي نحلا. قال إسماعيل بن سالم من بين القوم: نحله غلاما. قال: فقالت له أمي عمرة بنت رواحة: ائتِ النبي ﷺ، فأشهده. قال: فأتى النبي ﷺ، فذكر ذلك له، فقال: إني نحلت ابني النعمان نحلا، وإن عمرة
سألتني أن أشهدك على ذلك، فقال: «ألك ولد سواه؟». قال: قلت: نعم. قال: «فكلهم أعطيت مثل ما أعطيت النعمان». فقال: لا. فقال بعض هؤلاء المحدثين: «هذا جور». وقال بعضهم: «هذا تلجئة، فأشهد على هذا غيري».
وقال مغيرة في حديثه: «أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء؟». قال: نعم. قال: «فأشهد على هذا غيري».
وذكر مجالد في حديثه: «إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك».

صحيح: رواه أحمد (١٨٣٧٨) عن هشيم، أخبرنا سيار (أبو الحكم)، ومغيرة (ابن مقسم الضبي) وداود (ابن أبي هند)، وإسماعيل (ابن سالم الأسدي)، ومجالد (ابن سعيد)، كلهم عن الشعبي، عن النعمان بن بشير فذكره.

عن النعمان بن بشير قال: نحلني أبي نحلا. قال إسماعيل بن سالم من بين القوم: نحله غلاما. قال: فقالت له أمي عمرة بنت رواحة: ائتِ النبي ﷺ، فأشهده. قال: فأتى النبي ﷺ، فذكر ذلك له، فقال: إني نحلت ابني النعمان نحلا، وإن عمرة
سألتني أن أشهدك على ذلك، فقال: «ألك ولد سواه؟». قال: قلت: نعم. قال: «فكلهم أعطيت مثل ما أعطيت النعمان». فقال: لا. فقال بعض هؤلاء المحدثين: «هذا جور». وقال بعضهم: «هذا تلجئة، فأشهد على هذا غيري».
وقال مغيرة في حديثه: «أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء؟». قال: نعم. قال: «فأشهد على هذا غيري».
وذكر مجالد في حديثه: «إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من الأحاديث التي تؤسس لمبدأ العدل بين الأولاد في العطايا والهبات، وهو من رواية الصحابي الجليل النعمان بن بشير رضي الله عنهما. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة منه.

أولاً. شرح المفردات:


● نحلني: أعطاني هبة أو عطية.
● نحلاً: هبة أو منحة، وهي هنا عطية من الأب لابنه.
● ائْتِ النبي ﷺ فأشهده: اطلب من النبي أن يشهد على هذه الهبة.
● جور: ظلم وعدم عدل.
● تلجئة: إلجاء أو إكراه على شيء.
● يُسرُك: هل يسرك أو يفرحك.
● البر: الطاعة والإحسان.
● اللطف: المعاملة الحسنة والرفق.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي النعمان بن بشير أن أباه بشير بن سعد أعطاه هبة أو عطية (نحلاً)، فطلبت أمه عمرة بنت رواحة من زوجها أن يذهب إلى النبي ﷺ ويشهده على هذه الهبة لتصبح رسمية ومعروفة. فلما ذهب الأب إلى النبي وأخبره بأنه أعطى ابنه النعمان عطية وأن زوجته تريد الإشهاد عليها، سأله النبي سؤالاً مهماً: "ألك ولد سواه؟" فأجاب الأب: نعم. فقال النبي: "فكلهم أعطيت مثل ما أعطيت النعمان؟" فقال الأب: لا. هنا أنكر النبي هذا التفضيل وعدّه ظلماً وجوراً، وقال له: "أشهد على هذا غيري"، أي لا أستطيع أن أشهد على ظلم. وفي رواية أخرى زاد النبي توضيحاً للحكمة من العدل بين الأولاد بقوله: "أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء؟" أي هل يسرك أن يعاملك جميع أبنائك بالبر والإحسان بالتساوي؟ فأجاب الأب: نعم. فأكد له النبي أن العدل بينهم هو السبيل لتحقيق ذلك، ونصحه بعدم الإشهاد على هذا التفضيل.
وفي رواية مجالد بيان للحكمة الإلهية في الأمر بالعدل: "إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك"، أي كما أن عليهم واجب البر بك، فأنت عليك واجب العدل بينهم.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- وجوب العدل بين الأولاد في الهبات والعطايا: هذا الحديث أصل كبير في وجوب التسوية بين الأبناء في العطاء، وعدم تفضيل أحدهم على الآخر بدون سبب شرعي. والتسوية هنا تشمل الذكور والإناث على حد سواء، لأن التفضيل بلا سبب يزرع العداوة والبغضاء بينهم.
2- رفض النبي للإشهاد على الظلم: النبي ﷺ لم يرض أن يشهد على هبة فيها ظلم بين الأولاد، مما يدل على أن المسلم يجب أن يبتعد عن كل شكل من أشكال الظلم، وأن لا يتعاون معه حتى لو كان مجرد شهادة.
3- الحكمة من العدل: العدل بين الأولاد يؤدي إلى تماسك الأسرة، ويجعل الأبناء يبرون آباءهم ويحسنون إليهم، لأنهم يشعرون بالمساواة والإنصاف.
4- دور الأم في نصح الأسرة: في الحديث نرى أن الأم عمرة بنت رواحة كانت حريصة على الإشهاد على الهبة، مما يدل على دور المرأة في التوثيق والنصح للأسرة، لكن النبي صحح لها ولزوجها مفهوم العدل.
5- التوجيه النبوي بالإقناع: النبي لم ينه الأب عن الهبة بعنف، بل ناقشه وأقنعه بالحكمة، وسأله: "أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء؟" وهذا أسلوب تربوي رفيع في التعامل مع الناس.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد القرآن.
- العلماء استنبطوا من الحديث أن العدل بين الأولاد واجب، سواء في الهبات أو في النفقات أو في المعاملة المعنوية، إلا إذا كان هناك سبب مقبول شرعاً كحاجة أحد الأبناء أو تفوقه في البر أو العلم.
- إذا فضل الأب أحد أبنائه بدون سبب شرعي، فإنه يأثم، وعليه أن يرجع عن هذا التفضيل ويعدل بينهم.
أسأل الله أن يجعلنا من العادلين في أهالينا وأولادنا، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٨٣٧٨) عن هشيم، أخبرنا سيار (أبو الحكم)، ومغيرة (ابن مقسم الضبي) وداود (ابن أبي هند)، وإسماعيل (ابن سالم الأسدي)، ومجالد (ابن سعيد)، كلهم عن الشعبي، عن النعمان بن بشير فذكره.
ورواه أبو داود (٣٥٤٢) عن الإمام أحمد، والبيهقي من طريقه (٦/ ١٧٧ - ١٧٨). وصحّحه ابن حبان (٥١٠٤)، فرواه عن مغيرة، عن الشعبي وحده.
وإسناده صحيح، إلا ما تفرد به مجالد، وهو ابن سعيد بن عمير الهمداني، مختلف فيه. فكان البخاري حسن الرأي فيه، وضعفه ابن معين، وابن سعد، والنسائي، وابن حبان، وغيرهم. والخلاصة فيه أنه لا يقبل إذا تفرد.
فقوله: «إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك». مما تفرد به، ولم يروه جماعة من الثقات عن الشعبي، وكذا قال البيهقي أيضًا (٦/ ١٧٧) بعد أن رواه من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عنه، عن الشعبي.
وأما ما رواه سفيان عن مجالد، قال: سمعت الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول -وكان أميرا على الكوفة- يقول: نحلني أبي غلاما، فأتيت النبي ﷺ لأشهده، فقال: «أكل ولدك نحلت؟». قال: لا. قال: «فإني لا أشهد على جور». فهذا مما وافقه عليه جماعة من الثقات عن الشعبي رواه الإمام أحمد (١٨٤١٠) عن سفيان بإسناده.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 27 من أصل 71 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء

  • 📜 حديث: أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب