حديث: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب العدل بين الأولاد في الهبة

عن النعمان بن بشير قال: وهو على المنبر، أعطاني أبي عطية، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول اللَّه ﷺ، فأتي رسول اللَّه ﷺ، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول اللَّه. قال: «أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟». قال: لا. قال: «فاتقوا اللَّه، واعدلوا بين أولادكم». قال: فرجع، فرد عطيته.

متفق عليه: رواه البخاري في الهبة (٢٥٨٧)، ومسلم في الهبات (١٦٢٣: ١٣) كلاهما من حديث حصين، عن عامر الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير فذكره.

عن النعمان بن بشير قال: وهو على المنبر، أعطاني أبي عطية، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول اللَّه ﷺ، فأتي رسول اللَّه ﷺ، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول اللَّه. قال: «أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟». قال: لا. قال: «فاتقوا اللَّه، واعدلوا بين أولادكم». قال: فرجع، فرد عطيته.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال -وهو على المنبر-: "أعطاني أبي عطية، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله. قال: «أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟». قال: لا. قال: «فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم». قال: فرجع فرد عطيته."


1. شرح المفردات:


* عطية: هبة وهَدِيَّة بدون عِوَض.
* عمرة بنت رواحة: هي أم النعمان، زوجة بشير بن سعد، وكانت من النساء الصالحات الفقيهات.
* لا أرضى: أي لا أقتنع ولا أرضى بهذه الهبة وحدها.
* سائر ولدك: بقية أولادك.
* فاتقوا الله: خافوا الله وراقبوه في جميع أموركم.
* اعدلوا بين أولادكم: سووا بينهم في العطاء والهبات، ولا تفضلوا أحدًا على الآخر.


2. شرح الحديث:


يُخبر الصحابي الجليل النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وهو يخطب على منبر الكوفة حين كان واليًا عليها، بقصة هبة أبيه له. فقد أعطاه أبوه بشير بن سعد هبةً (مثل مال أو ناقة أو شيء ثمين)، فلم ترضَ أمه عمرة -وهي امرأة فاضلة عارفة بحقوق الأولاد- بهذه الهبة التي قد تثير الحسد والقطيعة بين الإخوة، فاشترطت أن يُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ليحكم فيها بحكمه.
فذهب الأب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه أعطى ابنه (النعمان) هبة، وأن أمه طلبت الإشهاد. فسأله النبي صلى الله عليه وسلم سؤالًا حاسمًا يبين حكم المسألة: «أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟». فأجاب الأب بالنفي.
هنا جاء التوجيه النبوي الحكيم، الذي لم يوجهه للأب وحده، بل جعله خطابًا عامًا للأمة: «فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم». فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكر تفضيل بعض الأولاد في العطية دون الآخرين، لأن هذا من شأنه أن يزرع الحقد والبغضاء بينهم، ويقطع صلة الرحم، وهو ظلمٌ محرم.
فلم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم بالنصيحة، بل كان في سؤاله إشارة إلى وجوب الرجوع عن هذه الهبة غير العادلة. ففهم الأب هذه الإشارة، ورجع إلى بيته فورًا ورد تلك العطية، امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتقوى لله.


3. الدروس المستفادة منه:


1- وجوب العدل بين الأولاد في الهبات والعطايا: هذا هو أبرز درس في الحديث. فالعدل واجب، والتفضيل بدون سبب شرعي (كأن يكون أحدهم صاحب حاجة خاصة أو إعاقة) محرم لأنه ظلم يترتب عليه مفاسد عظيمة في الأسرة.
2- حكمة المرأة المسلمة ودورها الفعال: فالأم الفقيهة عمرة بنت رواحة رضي الله عنها علمت بحكم المسألة وطلبت التحاكم إلى شرع الله، مما يدل على أهمية وعي المرأة المسلمة بدينها ودورها في نصرة الحق داخل أسرتها.
3- الاستشارة والتحاكم إلى شرع الله: عند النزاع أو الشبهة، يجب الرجوع إلى أهل العلم والشرع لتحقيق العدل ودفع الظلم.
4- الحكمة في التعليم والتربية: لم يوبخ النبي صلى الله عليه وسلم الأب مباشرة، بل وجهه بالسؤال ليصل إلى الحكم بنفسه، ثم عمم النصيحة لتكون قانونًا عامًا.
5- سرعة الاستجابة والانقياد لأمر الله ورسوله: فالأب لم يتردد بل رجع فورًا ورد العطية، وهذا نموذج رائع في طاعة الله ورسوله.
6- النصح العام: نرى كيف حول النبي صلى الله عليه وسلم النصيحة من حالة فردية إلى خطاب عام فاتقوا الله») لينتفع به الجميع.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* الفرق بين النفقة والهبة: النفقة (الإنفاق على الطعام والشراب والملبس والتعليم) يجب أن تكون حسب الحاجة، فقد يحتاج الولد الصغير أكثر من الكبير، أو الطالب أكثر من الموظف. أما الهبة والعطية (إعطاء مال أو عقار أو هدية ثمينة) فيجب العدل فيها بين الأولاد.
* يجوز تفضيل أحد الأولاد بعطية لأسباب شرعية مقبولة، كأن يكون له فضل في بر والديه، أو يكون معاقًا أو محتاجًا بشكل خاص، ولكن يُستحب إعلام بقية الأولاد بالسبب حتى لا يقع في نفوسهم شيء.
* هذا الحديث أصل من أصول الفقه في باب الهبات والوصايا، ويستدل به العلماء على بطلان الهبة التي فيها تفضيل لبعض الأولاد دون مسوغ شرعي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الهبة (٢٥٨٧)، ومسلم في الهبات (١٦٢٣: ١٣) كلاهما من حديث حصين، عن عامر الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 23 من أصل 71 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم

  • 📜 حديث: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب