حديث: توفي زوجها وهي حامل فقال النبي ﷺ: انكحي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب عدة الحامل المطلقة والمتوفى عنها زوجها وضع الحمل

عن أم سلمة أن امرأة من أسلم يقال لها سُبَيْعة كان تحت زوجها توفي عنها وهي حُبلى، وخطبها أبو السنابل بن بعكك، فأبتْ أن تنكحه، فقال: والله ما يصلح أن تَنْكِحيه حتى تعتدِّي آخر الأجلين، فمكثت قريبا من عشر ليال، ثم جاء النبي ﷺ فقال: «انكحي».

صحيح: رواه البخاري في الطلاق (٥٣١٨) عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن زينب ابنة أبي سلمة أخبرته عن أمها أم سلمة زوج النبي ﷺ فذكرته.

عن أم سلمة أن امرأة من أسلم يقال لها سُبَيْعة كان تحت زوجها توفي عنها وهي حُبلى، وخطبها أبو السنابل بن بعكك، فأبتْ أن تنكحه، فقال: والله ما يصلح أن تَنْكِحيه حتى تعتدِّي آخر الأجلين، فمكثت قريبا من عشر ليال، ثم جاء النبي ﷺ فقال: «انكحي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث الأحكام، يوضح حكمة الشريعة الإسلامية ومرونتها ورفقها بالنساء، خاصة في أحوال الوفاة والعدة. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث بطريقة أوضح:


روت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن امرأة من قبيلة أسلم تُدعى سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ، كان زوجها قد توفي عنها وهي حامل. وبعد وفاته، جاءها رجل يُدعى أبو السنابل بن بعكك يخطبها للزواج، فرفضت أن تتزوجه. فقال لها أبو السنابل: "والله ما يصلح أن تنكحيه (أي أن تتزوجي أحدًا) حتى تعتدِّي آخر الأجلين". فانتظرت سبيعة قرابة عشر ليالٍ (أي حوالي عشرة أيام)، ثم جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسألته، فقال لها: «انكحي» (أي: احللي للزواج وتزوجي من شئت).


1. شرح المفردات:


● أسلم: قبيلة من قبائل العرب معروفة، من الأنصار.
● سُبَيْعة: اسم المرأة، وهي صحابية جليلة.
● حُبلى: حامل.
● أبو السنابل بن بعكك: صحابي، وكان من فقهاء الصحابة، لكنه أخطأ في هذه المسألة.
● أن تنكحه: أن تتزوجه.
● حتى تعتدِّي آخر الأجلين: أي حتى تنتهي من فترة العدة التي هي أطول هاتين المددتين: عدة الوفاة (وهي أربعة أشهر وعشرًا) أو عدة الحمل (وهي أن تضع حملها).
● انكحي: الأمر بالزواج، أي أنه قد حلَّ لها ذلك.


2. شرح الحديث:


القصة واضحة، ولكن وراءها حكم عظيمة:
● الموقف الأول (خطأ أبي السنابل): فهم أبو السنابل رضي الله عنه -وهو فقيه- أن على سبيعة أن تنتظر آخر الأجلين، أي أن تنتظر حتى تنقضي عدة الوفاة (4 أشهر و10 أيام) أو تضع حملها، أيهما جاء آخر. فلو وضعت حملها بعد شهر من وفاة زوجها، فلا تزال في عدة الوفاة حتى تكمل 4 أشهر وعشرًا. وهذا فهم خاطئ.
● الموقف الثاني (الصواب من النبي صلى الله عليه وسلم): بين النبي صلى الله عليه وسلم أن عدة المرأة المتوفى عنها زوجها وهي حامل تنتهي بوضع الحمل، سواء كان ذلك بعد أيام أو أسابيع، وليس عليها أن تنتظر عدة الوفاة (4 أشهر وعشرًا) لأن وضع الحمل يقطع العدة ويحللها للزواج. وهذا من رحمة الإسلام بالمرأة وحفظًا لها من المشقة.
● قوله: «انكحي»: هذا أمر إباحة وحل، أي أن عدتها قد انتهت بوضعها الحمل، فلا حرج عليها أن تتزوج فورًا.


3. الدروس المستفادة منه:


1- رفق الشريعة ومرونتها: الشرع الحكيم رفع الحرج عن الناس، خاصة في أحوال الشدة كالوفاة، فلم يوجب على الحامل أن تنتظر فترة طويلة قد تصل إلى أشهر وهي في حاجة إلى سند وعون.
2- أن العالم قد يخطئ: أبو السنابل كان من فقهاء الصحابة، لكنه أخطأ في هذه المسألة. وهذا يدل على أن كل أحد يؤخذ من قوله ويُترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- الحاجة إلى الرجوع إلى السنة: لو أن سبيعة أخذت بقول أبي السنابل لتحملت مشقة لا داعي لها، لكنها رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبان الحق. فالعبرة بالرجوع إلى الدليل الشرعي.
4- انتهاء عدة الحامل بوضع الحمل:这是 مسألة فقهية عظيمة اتفق عليها الفقهاء، واستدلوا بها على أن عدة الوفاة للحامل تنقضي بوضع الحمل لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [سورة الطلاق: 4]. وهذه الآية تعم عدة الطلاق والوفاة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد القرآن.
- استنبط الفقهاء من هذا الحديث عدة أحكام، منها أن الحمل يقطع العدة، وأن المعتدة من وفاة إذا وضعت حملها حلت للأزواج.
- سبيعة هذه هي سبيعة الأسلمية، وقد تزوجت بعد ذلك من الصحابي الجليل أسيد بن حضير رضي الله عنه.
وفي الختام، فإن هذا الحديث من أعظم الأدلة على سماحة الإسلام وعدله، وأنه شرع للأمة ما يصلح حالها في الدنيا والآخرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الطلاق (٥٣١٨) عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن زينب ابنة أبي سلمة أخبرته عن أمها أم سلمة زوج النبي ﷺ فذكرته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: توفي زوجها وهي حامل فقال النبي ﷺ: انكحي

  • 📜 حديث: توفي زوجها وهي حامل فقال النبي ﷺ: انكحي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: توفي زوجها وهي حامل فقال النبي ﷺ: انكحي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: توفي زوجها وهي حامل فقال النبي ﷺ: انكحي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: توفي زوجها وهي حامل فقال النبي ﷺ: انكحي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب