عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشرًا

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر الذي ذكر عن الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو من فقهاء الصحابة وذوي الرأي فيهم، يحتاج إلى شرح وتوضيح، وذلك على النحو التالي:

---

أولاً. شرح المفردات:

● لا تفسدوا علينا سنة نبينا: أي لا تُضيعوها أو تتركوا العمل بها فتكاد تُنسى وتُهمل.
● أم الولد: هي الأمة (الجارية) التي ولدت من سيدها، فصارت بذلك أمّاً لولده.
● إذا توفي عنها سيدها: أي إذا مات الرجل الذي هي تحت ملكه وولدت منه.
● أربعة أشهر وعشرًا: أي المدة المعروفة بالعدة، وهي أربعة أشهر وعشرة أيام.

---

ثانيًا. شرح الحديث والأثر:

هذا الأثر ليس حديثًا نبوياً مرفوعاً، بل هو أثر عن الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه، يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يرفعه في هذه الرواية، وإنما قاله على سبيل التذكير بالسنة.
والمراد به: أن أم الولد إذا مات سيدها الذي ولدت منه، فإنها تتربص وتعتد عدة الوفاة، وهي أربعة أشهر وعشرة أيام، كالزوجة الحرة تماماً. وهذا الحكم ثابت بالسنة النبوية، وقد كان بعض الناس قد يجتهدون أو يختلفون في حكمها، فأنكر عمرو بن العاص رضي الله عنه ذلك، وحذر من إضاعة هذه السنة.

---

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- وجوب المحافظة على السنة النبوية وعدم إهمالها أو التحريف فيها، وأن على العلماء والدعاة أن يذكروا الناس بها ويحذروهم من مخالفتها.
2- أن أم الولد لها حكم الزوجة في بعض الأحكام، ومنها وجوب العدة عليها عند وفاة سيدها، وذلك تكريماً لها لكونها أمّاً لولده، واعترافاً بالصلة التي بينها وبينه.
3- أن عدة المرأة المتوفى عنها زوجها هي أربعة أشهر وعشرة أيام، سواء كانت حرة أو أمة، وسواء كانت أم ولد أو غير ذلك، وهذا الحكم ثابت بالقرآن والسنة.
4- حرص الصحابة رضي الله عنهم على تبليغ السنة والدفاع عنها، وعدم السكوت عن من يخالفها أو يضيعها.

---

رابعًا. معلومات إضافية:

● أم الولد في الفقه الإسلامي: هي الأمة التي ولدت من سيدها، وقد اختلف الفقهاء في بعض أحكامها، ولكنهم اتفقوا على أنها تعتد عدة الوفاة.
- هذا الأثر رواه الإمام الشافعي في "الأم"، والإمام البيهقي في "السنن الكبرى"، ونقله كثير من الفقهاء في كتبهم.
- العدة في الإسلام لها مقاصد عظيمة، منها: احترام رابط الزواج، والتحقق من براءة الرحم، وإعطاء الفرصة للزوجة لتركيز مشاعرها وحزنها على زوجها المتوفى.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يردنا إلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم رداً جميلاً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.