حديث: انكحي أسامة بن زيد فجعل الله فيه خيرًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قصة فاطمة بنت قيس: لا نفقة لها ولا سكنى

عن فاطمة بنت قَيس، أن أبا عمرو بن حفص طلَّقها البتَّة - وهو غائب بالشام - فأرسلَ إليها وكيلَه بشعير، فسخطَتْه. فقال: والله ما لكِ علينا من شيء، فجاءت إلى رسول الله ﷺ فذكرتْ ذلك له. فقال: «ليس لك عليه نفقة» وأمرها أن تعتدَّ في بيتِ أم
شريك، ثم قال: «تلك امرأة يَغْشَاها أصحابي، اعتدَّيْ عند عبد الله بن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابكِ عنده، فإذا حللتِ فآذنيني» قالت: فلما حللتُ ذكرتُ له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم بن هشام خَطباني. فقال رسولُ الله ﷺ: «أما أبو جهم فلا يضعُ عصَاه عن عاتقه، وأما معاويةُ فصعلوكٌ لا مال له، انكحي أسامة بن زيد» قالت: فكرهتُه، ثم قال: «انكحي أسامة بن زيد» فنكحتُه، فجعل الله في ذلك خيرًا واغتبطتُ به.

صحيح: رواه مالك في الطلاق (٦٧) عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن فاطمةَ بنت قيس، فذكرتُه.

عن فاطمة بنت قَيس، أن أبا عمرو بن حفص طلَّقها البتَّة - وهو غائب بالشام - فأرسلَ إليها وكيلَه بشعير، فسخطَتْه. فقال: والله ما لكِ علينا من شيء، فجاءت إلى رسول الله ﷺ فذكرتْ ذلك له. فقال: «ليس لك عليه نفقة» وأمرها أن تعتدَّ في بيتِ أم
شريك، ثم قال: «تلك امرأة يَغْشَاها أصحابي، اعتدَّيْ عند عبد الله بن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابكِ عنده، فإذا حللتِ فآذنيني» قالت: فلما حللتُ ذكرتُ له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم بن هشام خَطباني. فقال رسولُ الله ﷺ: «أما أبو جهم فلا يضعُ عصَاه عن عاتقه، وأما معاويةُ فصعلوكٌ لا مال له، انكحي أسامة بن زيد» قالت: فكرهتُه، ثم قال: «انكحي أسامة بن زيد» فنكحتُه، فجعل الله في ذلك خيرًا واغتبطتُ به.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها:

1. شرح المفردات:


● طلَّقها البتَّة: أي طلقها الطلاق البائن الذي لا رجعة فيه بعد انقضاء العدة.
● وكيلَه بشعير: أرسل إليها وكيله (نائبه) بطعام (شعير) كنفقة لها.
● فسخطَتْه: أي أنكرت ذلك واستاءت منه لقلته أو لعدم كفايته.
● ما لكِ علينا من شيء: أي ليس لك حق في النفقة.
● اعتدَّي: أي امكثي فترة العدة التي تتربص فيها المرأة بعد الطلاق.
● يَغْشَاها أصحابي: أي يزورها ويختلف إليها رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
● صعلوك: فقير لا مال له.
● اغتبطتُ به: أي وجدت الخير والسرور فيه بعد أن كان كرهته في البداية.

2. شرح الحديث:


تذكر فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أنها طُلقت طلاقًا بائنًا من زوجها أبي عمرو بن حفص وهو غائب في الشام، فأرسل إليها وكيله بشعير كنفقة، فرفضته لعدم كفايته، فادعى الوكيل أنه لا نفقة لها. فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو له، فأخبرها أن النفقة غير واجبة عليها لأن الطلاق كان بائنًا (أي ليس فيه رجعة)، ثم أمرها أن تعتد (تمكث فترة العدة) في بيت أم شريك، لكنه عدل عن ذلك لأنه خشي أن يزورها هناك رجال من أصحابه فيكون في ذلك حرج، فأمرها أن تعتد عند عبد الله بن أم مكتوم (وهو رجل أعمى) حتى لا تكون هناك خلوة بها أو نظر إليها، لأنه أعمى فلا يراها عندما تضع ثيابها (أي عندما تكون في حالة لا تليق برؤية الأجانب لها). ثم عندما انتهت عدتها وأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بأن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم بن هشام قد خطباها، نصحها النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الزواج منهما، وذكر عيوبًا في كل منهما: فأبو جهم كان لا يفارق العصا (أي كثير الضرب والغضب)، ومعاوية كان فقيرًا لا مال له في ذلك الوقت، وأشار عليها بالزواج من أسامة بن زيد رضي الله عنه، فكرهته في البداية ثم قبلت بنصيحة النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدت الخير والبركة في زواجها منه.

3. الدروس المستفادة منه:


- أن الطلاق البائن لا تستحق معه المرأة النفقة أثناء العدة.
- وجوب اعتداد المطلقة في مكان لا يُخشى فيه الفتنة أو النظر إليها.
- مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم للأخلاق والآداب في أمر العدة، حيث أمرها بالاعتداد عند رجل أعمى لعدم وجود نظر.
- مشروعية نصح المرأة في شأن الزواج واختيار الزوج المناسب.
- طاعة النبي صلى الله عليه وسلم ولو في شيء تكرهه النفس، فإن في طاعته الخير والبركة.
- أن الفقر ليس عيبًا مطلقًا، فقد يكون الرجل فقيرًا لكنه صالح، كما كان أسامة بن زيد رضي الله عنه.
- جواز أن يوصي النبي صلى الله عليه وسلم أو الوالد أو الوصي بزوج مناسب للمرأة.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث استدل به العلماء على أن المطلقة طلاقًا بائنًا لا نفقة لها أثناء العدة.
- وفيه دليل على أن العدة يجب أن تكون في مكان آمن لا فتنة فيه.
- قصة فاطمة بنت قيس مع زواجها من أسامة بن زيد تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم مصالح الناس في دينهم ودنياهم.
- أسامة بن زيد رضي الله عنه كان حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه، وكان شابًا صالحًا، فكان زواجه منها خيرًا لها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الطلاق (٦٧) عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن فاطمةَ بنت قيس، فذكرتُه. ورواه مسلم في الطلاق (٣٦: ١٤٨٠) من طريق مالك، به، مثله.
رواه مسلم (٣٧) من وجه آخر عن أبي سلمة، به، مختصرًا، وفيه قوله ﷺ: «لا نفقةَ لكِ ولا سُكْنى».
ورواه (٣٨) من طريق آخر عن أبي سلمة، به، بنحو حديث مالك. وفيه: «ليست لها نفقةٌ، وعليها العدَةُ».
وقوله ﷺ في أبي جهم: «لا يضعُ عصاه عن عاتِقه» كناية عن شدته على النساء وضربه إياهن، كما جاء مصرحا به في بعض الروايات.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: انكحي أسامة بن زيد فجعل الله فيه خيرًا

  • 📜 حديث: انكحي أسامة بن زيد فجعل الله فيه خيرًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: انكحي أسامة بن زيد فجعل الله فيه خيرًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: انكحي أسامة بن زيد فجعل الله فيه خيرًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: انكحي أسامة بن زيد فجعل الله فيه خيرًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب