حديث: ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من أنكر على فاطمة بنت قيس وقال: إن المبتونة لها النفقةُ والسُّكنى

عن عروة قال: تزوج يحيى بن سعيد بن العاص بنتَ عبد الرحمن بن الحكم، فطلّقها، فأخرجَها من عنده، فعاب ذلك عليهم عروة. فقالوا: إن فاطمة قد خرجتْ. قال عروة: فأتيت عائشة فأخبرتها بذلك، فقالت: ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث.

متفق عليه: رواه مسلم في الطلاق (٥٢/ ١٤٨١)، عن أبي كُريب، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، حدثني أبي قال: فذكره.

عن عروة قال: تزوج يحيى بن سعيد بن العاص بنتَ عبد الرحمن بن الحكم، فطلّقها، فأخرجَها من عنده، فعاب ذلك عليهم عروة. فقالوا: إن فاطمة قد خرجتْ. قال عروة: فأتيت عائشة فأخبرتها بذلك، فقالت: ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
هذا الأثر الذي ذكر رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو ليس حديثاً نبوياً مباشراً، بل هو حكاية لواقعة جرت في عهد التابعين، وفيها رد من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على رواية حديث.
أولاً: شرح المفردات:
* عروة: هو عروة بن الزبير بن العوام، أحد فقهاء المدينة السبعة من كبار التابعين، وهو ابن أخت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
* يحيى بن سعيد بن العاص: من أشراف قريش في زمانه.
* عبد الرحمن بن الحكم: هو أخو الخليفة مروان بن الحكم.
* فأخرجَها من عنده: أي أخرجها من بيته بعد الطلاق.
* فعاب ذلك عليهم عروة: استنكر عروة فعلهم هذا (إخراج المرأة المطلقة من البيت)، وعدّه تصرفاً سيئاً.
* فقالوا: أي قال أولئك القوم (أهل يحيى بن سعيد) مدافعين عن فعلهم.
* إن فاطمة قد خرجت: أي إن فاطمة بنت قيس (الصحابية الجليلة) قد خرجت من بيت زوجها عندما طلقها، واستدلوا بفعلها على جواز ما فعلوه. والمقصود أنهم احتجوا عليها بحديث فاطمة بنت قيس المشهور.
* فأتيت عائشة: ذهب عروة إلى خالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ليستفهم منها عن صحة هذا الاستدلال.
* ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث: كلمة نقد من أم المؤمنين عائشة لرواية فاطمة بنت قيس، ومعناها: ليس من الخير أو الصواب لفاطمة بنت قيس أن تروي هذا الحديث (أو أن يشاع عنها هذا القول) وتتخذ حجة. وهذا تعبير بلاغي فيه نوع من التلطف في النقد.
ثانياً: شرح الأثر ومعناه:
تدور القصة حول حادثة طلاق، حيث طلق رجل من أشراف قريش امرأته وأخرجها من بيتها مباشرة بعد الطلاق. أنكر عروة بن الزبير هذا الفعل، فاحتج عليه أهل الرجل بأن الصحابية فاطمة بنت قيس روت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها عندما طلقها زوجها أن تنتقل من بيتها وتعتد في بيت آخر (بيت ابن عمها ابن أم مكتوم).
عندما سمع عروة بهذا الاحتجاج، استشكل الأمر عليه (لأن الأصل أن المطلقة الرجعية تبقى في بيت زوجها حتى تنقضي عدتها) فذهب إلى خالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي من أعلم الناس بسنن النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله الأسرية، فأنكرت ما نسب إلى فاطمة بنت قيس من ذلك، وعبّرت عن استنكارها بقولها: "ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث".
ثالثاً: الدروس المستفادة والفقه في المسألة:
1- مكانة أم المؤمنين عائشة العلمية: يظهر هذا الأثر المكانة العلمية الرفيعة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث كانت مرجعاً لكبار التابعين مثل عروة بن الزبير في فهم السنة والغوص على صحيحها.
2- آداب نقد الرواية: نقد أم المؤمنين عائشة للرواية كان نقداً موضوعياً للحديث وليس قدحاً في الشخص، حيث ختمت كلامها - في رواية أخرى عند مسلم - بقولها: "والله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إلا الحق"، ثم بينت الحكم الصحيح وهو أن المطلقة الرجعية تبقى في بيت زوجها ولا تخرج، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1]. وهذا هو قول جمهور العلماء.
3- التوفيق بين الأحاديث: اختلف العلماء في حديث فاطمة بنت قيس:
* فريق (ومنهم الإمام الشافعي وأحمد في رواية) رأى أن حديث عائشة أصح، وأن قصة فاطمة بنت قيس كانت حالة خاصة لسبب ما (كأن يكون زوجها قد طلقها الطلقة الثالثة البائنة، أو أن يكون هناك خوف من أذى، أو أن البيت لم يكن ملكاً للزوج فليس له حق إسكانها فيه)، وقالوا إن عمل أم المؤمنين عائشة بالقرآن وأحاديث أخرى ترجح عندهم قولها.
* وفريق (ومنهم الإمام مالك وأبو حنيفة وأحمد في رواية أخرى) قبلوا حديث فاطمة بنت قيس وحملوه على الطلاق البائن (أي غير الرجعي)، فأوجبوا على المبتوتة (التي طُلقت طلاقاً بائناً) الخروج من بيت الزوجية لاعتدادها elsewhere.
4- حرص السلف على التثبت: يظهر حرص عروة بن الزبير على التثبت وعدم قبول كل رواية حتى يراجعها مع أعلم الناس بها.
رابعاً: معلومات إضافية:
* هذا الأثر من الأمثلة الكلاسيكية التي يستشهد بها علماء الحديث وعلماء أصول الفقه على ظاهرة "رد الحديث" من قبل بعض الصحابة، لا
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الطلاق (٥٢/ ١٤٨١)، عن أبي كُريب، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، حدثني أبي قال: فذكره.
ورواه البخاري في الطلاق (٥٣٢٤، ٥٣٢٦) من طريق سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، قال: قال عروة بن الزبير لعائشة فذكره بنحوه.
قال البخاري: وزاد ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، عابتْ عائشة أشدَّ العيب وقالت: إن فاطمةَ كانت في مكان وحشٍ مُخيف على ناحيتها فلذلك أرْخصَ لها النبي ﷺ.
قال الحافظ في الفتح (٩/ ٤٧٩): «وصله أبو داود من طريق ابن وهب، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد».
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: ١].
قال ابن عباس: أن تبدو على أهلها، فإذا بذتْ عليهم فقد حل لهم إخراجَها. ذكره البيهقي (٧/ ٤٣١).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث

  • 📜 حديث: ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب