حديث: عن سبيعة أنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمسة وعشرين فتهيأت تطلب الخير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب عدة الحامل المطلقة والمتوفى عنها زوجها وضع الحمل

عن مسروق وعمرو بن عتبة، أنهما كتبا إلى سُبيعة بنت الحارث يسألانها عن أمرها. فكتبت إليهما: أنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمسة وعشرين. فتهيأت تطلب الخير. فمَرَّ بها أبو السنابل بن بعكك. فقال: قد أسرعت. اعتدي آخر الأجلين، أربعة أشهر وعشرا. فأتيتُ النبي ﷺ. فقلتُ: يا رسول الله، استغفر لي. قال «وفيم ذاك؟» فأخبرته. فقال: «إن وجدت زوجا صالحا فتزوجي».

صحيح: رواه ابن ماجه (٢٠٢٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق وعمرو بن عتبة، فذكراه.

عن مسروق وعمرو بن عتبة، أنهما كتبا إلى سُبيعة بنت الحارث يسألانها عن أمرها. فكتبت إليهما: أنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمسة وعشرين. فتهيأت تطلب الخير. فمَرَّ بها أبو السنابل بن بعكك. فقال: قد أسرعت. اعتدي آخر الأجلين، أربعة أشهر وعشرا. فأتيتُ النبي ﷺ. فقلتُ: يا رسول الله، استغفر لي. قال «وفيم ذاك؟» فأخبرته. فقال: «إن وجدت زوجا صالحا فتزوجي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُبيّن أحكام العدة للمرأة المتوفى عنها زوجها. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● وضعت: أي ولدت جنينها.
● بعد وفاة زوجها بخمسة وعشرين: أي بعد موت زوجها بخمسة وعشرين يوماً.
● تهيأت تطلب الخير: أي تزيّنت واستعدّت للزواج وطلبت الخير من خلاله.
● أبو السنابل بن بعكك: هو صحابي جليل، وكان من فقهاء الصحابة.
● أسرعت: أي بادرت إلى الزواج قبل انتهاء العدة.
● اعتدي آخر الأجلين: أي انتظري انقضاء أطول الأجلين من بين أجلين.
● أربعة أشهر وعشرا: أي أربعة أشهر وعشرة أيام، وهي عدة المتوفى عنها زوجها إذا لم تكن حاملاً.

ثانياً. شرح الحديث:


تقصّ علينا سُبيعة بنت الحارث الأسلمية رضي الله عنها قصتها حيث توفي زوجها السعد بن خولة، وكانت حاملاً، فوضعت جنينها بعد وفاته بخمسة وعشرين يوماً فقط. وبعد أن وضعت حملها، ظنّت أن عدتها قد انتهت بوضع الحمل، فتهيأت وتزينت لطلب الزواج، فمرّ بها أبو السنابل بن بعكك رضي الله عنه، وكان من فقهاء الصحابة، فقال لها: "ما أسرعتِ في الأمر! انتظري واعتدّي آخر الأجلين: إما أربعة أشهر وعشراً (وهي عدة الوفاة)، أو وضع الحمل (وهي عدة الحامل)، فأيهما طال انتظريه". فشكت سُبيعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسألته الاستغفار لها إن كانت أخطأت، فأخبرته بقول أبي السنابل، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "كذب أبو السنابل" (أي أخطأ في فتواه)، ثم بين لها الصواب بأنها إذا وضعت حملها فقد انتهت عدتها، وحلّ لها الزواج، وأمرها أن تتزوج إذا وجدت زوجاً صالحاً.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- بيان عدة الحامل المتوفى عنها زوجها: وهي أن وضع الحمل ينهي عدتها، سواء وضعت بعد ساعة أو بعد أشهر، لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]. وهذا الحكم خاص بالحامل، أما غير الحامل فعدتها أربعة أشهر وعشراً.
2- جواز سؤال المرأة عن أحكام الدين وعدم منعها من الفتوى: فقد سألت سُبيعة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة دون حرج.
3- الرد على من خالف السنة بالدليل: حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم خطأ أبي السنابل في اجتهاده، مع أنه صحابي جليل، مما يدل على أن الحق يُتبع ولا يُتعصب لأحدٍ في مخالفة النص.
4- الحث على الزواج من الصالحين: حيث أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتزوج إن وجدت زوجاً صالحاً.
5- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وحلمه: حيث استفسر منها أولاً قبل أن يحكم، ولم يعنفها على سؤالها.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل في مسألة العدة، وخاصة للمرأة الحامل المتوفى عنها زوجها.
- اجتهاد أبي السنابل كان اجتهاداً من صحابي جليل، لكنه خالف النص القرآني، فبين النبي صلى الله عليه وسلم الصواب.
- يستفاد من الحديث أن العالم قد يخطئ، ولا حرج في تصحيح خطئه بالدليل.
- الحديث يدل على حرص الصحابة على تعلم الأحكام وعدم التردد في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في الدين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢٠٢٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق وعمرو بن عتبة، فذكراه. وإسناده صحيح.
وأبو السنابل اختلف في اسمه كثيرًا، وقد جزم العسكري أن اسمه كنيته.
وأما قول البخاري: «لا يصح أن أبا السنابل عاش بعد النبي ﷺ فقد جزم ابن سعد أنه بقيَ بعد النبي ﷺ زمنا».
وقال البرقي: «إن أبا السنابل تزوّج سُبيعةَ بعد ذلك، فولد له سنابل بن أبي السنابل».
وسكن بعد ذلك في مكة، وقيل: الكوفة، وفي كل ذلك إشارة إلى أنه عاش بعد النبي ﷺ زمنا. فلا يبعد سماع الأسود منه.
وقوله: «تعلّت» أي ارتفعتْ بمعني طهرتْ من النفاس.
وقوله: «فتشوّفت» بالفاء أي طمعت، وتشوقت للنكاح.
قال الترمذي: «والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم، أن الحامل المتوفى عنها زوجُها، إذا وضعتْ فقد حلَّ الترويجُ لها، وإن لم تكن انقضت عدّتُها. وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق»، وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم: «تعتد آخر الأجلين» والقول الأول أصح. انتهى.
والحامل المطلقة حكمها حكمُ الحامل المتوفَّى عنها زوجُها.
وأما ما روي عن الزبير بن العوام أنه كانت عنده أم كلثوم بنت عقبة فقالت له: وهي حامل: طيِّب نفسي بتطلّيقة. فطلّقها تطليقة، ثم خرج إلى الصلاة، فرجع وقد وضعتْ. فقال: ما لها؟ خدعتْني خدعها الله، ثم أتى النبي ﷺ فقال: «سبق الكتابُ أجلَه، اخطبها إلى نفسها» فهو ضعيف.
رواه ابن ماجه (٢٠٦٤) محمد بن عمر بن هياج قال: حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن الزبير بن العوام فذكره.
قال الأعظمي: فيه قبيصة بن عقبة، تكلموا في روايته عن سفيان الثوري لصغر سنه، فكان يغلط في روايته عنه، وفيه أيضا الانقطاع فإن ميمون وهو: ابن مهران روايته عن الزبير بن العوام مرسلة كما قال البوصبري: ولكن رواه البيهقي (٧/ ٤٢١) من وجه آخر عن عبيد الله الأشجعي، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن أم كلثوم بنت عقبة أنها كانت تحت الزبير، فجاءته، وهو يتوضأ فذكر القصة.
وعبيد الله الأشجعي أثبت في سفيان من قبيصة بن عقبة، وجعل الحديث من مسند أم كلثوم وهذا أصح من ذاك، ولكن علة الإرسال لا تزال موجودة فيه، فإن ميمون بن مهران ولد سنة (٤٠) كما في تهذيب الكمال، وأم كلثوم بنت عقبة من المهاجرات، هاجرت إلى المدينة وليس لها زوج في مكة فتزوجها زيد بن حارثة، فقتل، ثم تزوجها الزبير بن العوام، ثم طلقها، ثم تزوج عبد الرحمن بن عوف، فمات عنها، ثم تزوجها عمرو بن العاص فماتت عنده.
وعمرو بن العاص مات سنة (٤٣ هـ) على الصحيح كما قال ابن حجر في «التهذيب»، وقيل: إن أم كلثوم بنت عقبة ماتت في خلافة علي الذي مات سنة (٤٠ هـ).
وبهذا تبين أن لقاء ميمون بن مهران لا يمكن مع أم كلثوم بنت عقبة أيضا وإن كانت متأخرة الوفاة من الزبير بن العوام وبالله التوفيق.
والأمر الذي لا خلاف فيه أن المطلَّقةَ الحاملَ عدّتُها الوضع لقوله تعالى، كما سبق، ولأن
العدة شرعت لاستبراء الرحم.
وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: «أجل كل حامل أن تضع ما في بطنها».
والحداد تابع للعدة، فإن كانت المرأةُ الحامل المتوفى عنها زوجُها في الأشهر الأول من الحمل، فحدادها يستمر إلى الوضع، ولو بلغ تسعة أشهر أو زيادة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: عن سبيعة أنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمسة وعشرين فتهيأت تطلب الخير

  • 📜 حديث: عن سبيعة أنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمسة وعشرين فتهيأت تطلب الخير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عن سبيعة أنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمسة وعشرين فتهيأت تطلب الخير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عن سبيعة أنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمسة وعشرين فتهيأت تطلب الخير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عن سبيعة أنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمسة وعشرين فتهيأت تطلب الخير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب