حديث: انتقلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من أنكر على فاطمة بنت قيس وقال: إن المبتونة لها النفقةُ والسُّكنى

عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس قالت: طلّقني زوجي فأردت النقلةَ، فأتيتُ رسولَ الله ﷺ فقال: «انتقِلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم، فاعتدي فيه» فحصبه الأسود وقال: ويلك لم تُفتي بمثل هذا؟ قال عمر: إن جئتِ بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله ﷺ، وإلا لم نترك كتاب الله لقول امرأة ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: ١].

صحيح: رواه النسائي (٣٥٤٩) والدارقطني ومن طريقه البيهقي (٧/ ٤٣١) كلهم من حديث عمار بن رُزيق، عن أبي إسحاق، عن الشعبي فذكره.

عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس قالت: طلّقني زوجي فأردت النقلةَ، فأتيتُ رسولَ الله ﷺ فقال: «انتقِلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم، فاعتدي فيه» فحصبه الأسود وقال: ويلك لم تُفتي بمثل هذا؟ قال عمر: إن جئتِ بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله ﷺ، وإلا لم نترك كتاب الله لقول امرأة ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: ١].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث عظيم فيه مسائل فقهية مهمة تتعلق بالمرأة المطلقة وعدتها، وفيه أيضاً أدب الصحابة رضي الله عنهم في التعامل مع السنة النبوية.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● فأردت النقلةَ: أي الانتقال من بيتي الذي أسكن فيه إلى مكان آخر.
● فاعتدي فيه: أي أقيمي فيه عدتك (والعدة: هي المدة التي تتربصها المرأة بعد الطلاق أو الوفاة).
● فحصبه الأسود: الحصب هو الرمي بالحصباء (الحصى الصغيرة)، وهنا كناية عن الإنكار والتوبيخ بشدة. والمراد بالأسود هنا هو الأسود بن يزيد النخعي، وهو من كبار التابعين.
● ويلك: كلمة تقال للإنكار والتعجب، ومعناها الهلاك أو الشقاء.
● لم تفتي بمثل هذا؟: أي كيف تجرؤ على أن تفتي بخلاف ما في كتاب الله؟
● لم نترك كتاب الله لقول امرأة: أي لا نترك الحكم الواضح في القرآن الكريم لمجرد رواية امرأة واحدة للحديث.

ثانياً. شرح الحديث:


تقول السيدة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها: إن زوجها طلقها، فأرادت أن تنتقل من بيتها الذي تسكن فيه إلى مكان آخر خلال العدة. فذهبت إلى رسول الله ﷺ تستفتيه، فأمرها ﷺ أن تنتقل إلى بيت ابن عمها (عمرو بن أم مكتوم) وهو رجل أعمى، وأن تقيم عدتها هناك.
فلما سمع التابعي الجليل الأسود بن يزيد بهذه الفتوى من الشعبي (الذي روى الحديث عن فاطمة)، أنكر عليه بشدة، لأنه فهم من القرآن الكريم أن المرأة المطلقة يجب أن تبقى في بيتها خلال العدة، كما في قوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1].
ثم بلغ الأمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال كلمته المشهورة: "لا نترك كتاب الله لقول امرأة"، يعني أنه لا يمكن أن نترك النص القرآني الواضح لمجرد رواية امرأة واحدة للحديث، حتى ولو كانت ثقة. واشترط أن تأتي بشاهدين آخرين يصدقان روايتها، وإلا فالحكم هو ما جاء في القرآن.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- وجوب البقاء في بيت العدة للمطلقة: الأصل في المرأة المطلقة أن تقيم في بيت الزوجية خلال العدة، ولا تخرج منه إلا لضرورة أو لحاجة معتبرة شرعاً.
2- الحديث النبوي يخصص القرآن ويبينه: أمر النبي ﷺ لفاطمة بنت قيس بالانتقال هو تخصيص للآية الكريمة، حيث أجاز لها الخروج للضرورة (وقد يكون لعدم وجود من ينفق عليها أو لعدم أمانها في البيت).
3- حرص الصحابة على التثبت في رواية الحديث: وهذا من فقه عمر رضي الله عنه، حيث لم يرد أن يرد الحديث، بل طلب التثبت فيه لأنه يعارض ظاهر القرآن.
4- الإنكار على من يخالف القرآن بالسنة غير الثابتة: لأن السنة لا يمكن أن تخالف القرآن، فإذا رأى الصحابة رواية توهم التعارض، توقفوا حتى يتأكدوا من صحتها.
5- مكانة المرأة في الرواية: المرأة مقبولة الرواية إذا كانت ثقة، ولكن عمر رضي الله عنه احتاط لأن المسألة خطيرة وتتعلق بنسخ حكم قرآني أو تخصيصه.
6- الأخذ باليقين والاحتياط في الدين: وهذا من حكمة عمر رضي الله عنه، حيث فضل البقاء على الحكم القرآني حتى يثبت لديه الحديث يقيناً.

رابعاً. بيان الخلاف الفقهي في المسألة:


● جمهور العلماء (ومنهم الأئمة الأربعة) على أن المطلقة الرجعية يجب أن تبقى في بيت الزوجية durante العدة، ولا تخرج إلا لحاجة.
● بعض العلماء (كابن حزم الظاهري) أخذوا بحديث فاطمة بنت قيس وأجازوا للمطلقة الخروج durante العدة إذا لم يكن هناك ضرر.
- والراجح هو قول الجمهور، لأن حديث فاطمة بنت قيس قد يكون خاصاً بحالتها، أو منسوخاً بالآية الكريمة.

خامساً:

العبرة الإيمانية:
في هذا الحديث درس عظيم في أدب الصحابة مع النصوص، وفقههم العميق في الجمع بين القرآن والسنة، وحرصهم على التثبت في Religion، وعدم التسرع في الأخذ بالأحاديث حتى تثبت صحتها.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا حسن الاتباع لسنة نبيه ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٣٥٤٩) والدارقطني ومن طريقه البيهقي (٧/ ٤٣١) كلهم من حديث عمار بن رُزيق، عن أبي إسحاق، عن الشعبي فذكره.
إنكار عمر بن الخطاب على فاطمة بنت قيس مبنيٌّ على موقفِه من السنة النبوية بأنه كان يحتاط
في قبولها، ولذا كان يطلب من يشهد له، لا أنه كان منكرا لها.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله هذا لم يصح كما نقل أبو داود عن الإمام أحمد في مسائل أحمد (ص ١٨٤).
فلعله أراد ما ورد من طريق إبراهيم النخعي عن عمر لكونه لم يلقه كما قال الحافظ في «الفتح» (٩/ ٣٩٧) وهو يريد ما رواه الترمذي (١١٨٠) من طريق مغيرة، عن الشعبي قال: قالت فاطمة بنت قيس طلقني زوجي ثلاثا على عهد رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ: «لا سكنى لك ولا نفقة».
قال مغيرة: فذكرته لإبراهيم فقال: قال عمر: لا ندع كتاب الله، وسنة نبيه لقول امرأة لا ندري أحفِظتْ أم نَسيتْ، وكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: انتقلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم

  • 📜 حديث: انتقلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: انتقلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: انتقلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: انتقلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب