حديث: لا نترك كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من أنكر على فاطمة بنت قيس وقال: إن المبتونة لها النفقةُ والسُّكنى

عن أبي إسحاق قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالسًا في المسجد الأعظم ومعنا الشعبي، فحدَّث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله ﷺ لم يجعلْ لها سُكنى ولا نفقةَ، ثم أخذ الأسود كفًّا من حصى فحصبه به، فقال: ويلك! تحدث بمثل هذا؟ ! قال عمر: لا نترك كتابَ الله، وسنةَ نبيه ﷺ لقول امرأةٍ لا ندري لعلَّها حفظتْ أو نسيتْ، لها السكنى والنفقةُ. قال الله عز وجل: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: ١].

صحيح: رواه مسلم (٤٦: ١٤٨٠) عن محمد بن عمرو بن جبلة، حدثنا أبو أحمد، حدثنا عمار بن رُزَيق، عن أبي إسحاق، به، فذكره.

عن أبي إسحاق قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالسًا في المسجد الأعظم ومعنا الشعبي، فحدَّث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله ﷺ لم يجعلْ لها سُكنى ولا نفقةَ، ثم أخذ الأسود كفًّا من حصى فحصبه به، فقال: ويلك! تحدث بمثل هذا؟ ! قال عمر: لا نترك كتابَ الله، وسنةَ نبيه ﷺ لقول امرأةٍ لا ندري لعلَّها حفظتْ أو نسيتْ، لها السكنى والنفقةُ. قال الله ﷿: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: ١].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي ورد في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وغيرهما، مع بيان دروسه وعبره:

أولاً. شرح المفردات:


● حصبه به: رماه بالحصى.
● ويلك: كلمة تقال للتحذير والتعجب، وهي من الندم والهلاك.
● سُكنى: حق السكنى في بيت الزوجية.
● نفقة: النفقة الواجبة من طعام وكسوة وغيرها.

ثانيًا. شرح الحديث:


هذا الحديث يتعلق بقضية فقهية مهمة، وهي حق المطلقة البائن (التي انتهت عدتها) في السكنى والنفقة. والقصة تحكي أن الشعبي روى حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة عندما طلقت ثلاثًا. فأنكر عليه الأسود بن يزيد (وهو من كبار التابعين) هذا الرواية، ورماه بالحصى تعبيرًا عن شدة إنكاره، ثم استدل بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي ردَّ هذا القول بالقرآن والسنة، حيث قال: "لا نترك كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة لا ندري أَحَفِظَت أم نسيت"، ثم استشهد بآية سورة الطلاق التي تأمر بعدم إخراج المطلقات من بيوتهن.
والخلاصة: أن عمر رضي الله عنه وأسامة بن زيد وغيرهما من الصحابة فهموا من القرآن أن المطلقة الرجعية والبائن都有 حق السكنى، خلافًا لما فهمته فاطمة بنت قيس من حديثها. وهذا من فقه الصحابة رضي الله عنهم.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- احترام سنة النبي صلى الله عليه وسلم والتمسك بها: حيث إن عمر رضي الله عنه قدّم النص القرآني على فهم بعض الصحابة، حتى لو كانوا ثقات.
2- الجرأة في إنكار الخطأ: كما فعل الأسود بن يزيد عندما أنكر على الشعبي رواية هذا الحديث بدون بيان.
3- فقه الصحابة وعمق فهمهم: حيث جمعوا بين النصوص ووازنوا بينها، ولم يأخذوا بحديث واحد مع وجود ما يعضده أو يخصصه.
4- الأدب في التعامل مع المخالف: حيث أنكر الأسود على الشعبي لكنه لم يسيء إليه، بل نصحه وتحذيره.
5- الرد إلى الكتاب والسنة عند الاختلاف: كما هو واضح في قول عمر رضي الله عنه.

رابعًا. معلومات إضافية:


- اختلف الفقهاء في هذه المسألة؛ فجمهور العلماء (المالكية والشافعية والحنابلة) قالوا بأن المطلقة البائن لا سكنى لها ولا نفقة إلا إذا كانت حاملاً. بينما ذهب أبو حنيفة إلى أن لها السكنى فقط دون النفقة. والراجح -والله أعلم- قول الجمهور لقوة أدلتهم.
- هذا الحديث من الأمثلة على أن اجتهاد الصحابي لا يعارض النص، بل يكون شرحًا له أو تخصيصًا.
- فيه دليل على أن المرأة قد تروي الحديث ولكن فهمها قد يخطئ، فلا يؤخذ بقولها إذا خالفت النص أو فهم الجماعة.
نسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا في الشرع، إنه سميع مجيب.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم (٤٦: ١٤٨٠) عن محمد بن عمرو بن جبلة، حدثنا أبو أحمد، حدثنا عمار بن رُزَيق، عن أبي إسحاق، به، فذكره.
وما ورد في بعض كتب الفقهاء، والطحاوي في شرحه (٢/ ٣٩) «لعلها كذبتْ» فهو شاذ، غلط فيه الراوي، والصحيح كما في صحيح مسلم «لعلها حفظت أو نسيت».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: لا نترك كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة

  • 📜 حديث: لا نترك كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا نترك كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا نترك كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا نترك كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب