طلاق ابنة عبد الرحمن البتة وردها إلى بيتها

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الوارد في قصة طلاق يحيى بن سعيد بن العاص، مع بيان ما فيه من الدروس والعبر:

---

أولاً. شرح المفردات:

● البتة: الطلاق البائن الذي لا رجعة فيه.
● انتقلها: نقلها من بيت زوجها إلى بيت أهلها.
● اتقِ الله: خف الله وارحم المرأة.
● غلبني: قهرني وانتصر عليّ في الرأي.
● شأن فاطمة بنت قيس: أي قصة طلاقها وإسكان النبي صلى الله عليه وسلم لها خارج بيت زوجها.
● إن كان بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر: أي إن كنت تريدين الشر والإضرار بي فكافية هذه المشكلة بين يحيى وعبد الرحمن.

---

ثانياً. شرح الحديث:

تدور قصة هذا الحديث حول يحيى بن سعيد بن العاص الذي طلق امرأته (ابنة عبد الرحمن بن الحكم) طلاقاً بائناً، فقام أبوها عبد الرحمن بن الحكم بنقلها من بيت زوجها إلى بيته. وقد رأت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن هذا الفعل غير صحيح، فأرسلت إلى مروان بن الحكم -والذي كان أميراً على المدينة- تنصحه بأن يرد المرأة إلى بيت زوجها السابق، مستشهدة بحق المرأة في العدة والسكنى.
ورد مروان على عائشة بردين:
1. في رواية سليمان بن يسار: اعتذر بأن عبد الرحمن غلبه ولم يستطع منعه.
2. وفي رواية القاسم بن محمد: استدل مروان بقصة فاطمة بنت قيس التي أذن لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت غير بيت زوجها.
فردت عليه عائشة بأن حديث فاطمة بنت قيس لا ينطبق على هذه الحالة، ونبهته إلى خطورة تصرفه.

---

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1- وجوب سكنى المطلقة في عدة الطلاق الرجعي: وهذا ما دافعت عنه عائشة رضي الله عنها، حيث إن للمرأة المطلقة طلاقاً رجعياً الحق في السكنى والنفقة خلال العدة.
2- الاجتهاد في فهم النصوص: حيث اختلفت وجهات النظر بين عائشة ومروان في تطبيق حديث فاطمة بنت قيس، مما يدل على أن الاجتهاد في فهم النصوص قد يختلف بين العلماء.
3- مسؤولية الولاة: حيث نبهت عائشة الأمير مرواناً على تقوى الله في قضية الرعية، مما يدل على وجوب نصح الولاة وتذكيرهم بالله.
4- المرأة لها حق في السكنى أثناء العدة: وهذا من حقوق المرأة التي شرعها الإسلام لحمايتها ورعايتها.

---

رابعاً. معلومات إضافية:

- اختلف العلماء في مكان عدة المطلقة، فجمهور العلماء على أن المطلقة طلاقاً رجعياً تبقى في بيت زوجها، بينما ذهب بعضهم إلى أنها تعتد حيث شاءت استدلالاً بحديث فاطمة بنت قيس.
- قصة فاطمة بنت قيس كانت في طلاق بائن، بينما قصة هذه المرأة كانت في طلاق رجعي على رأي عائشة، hence الاختلاف في الحكم.
- هذا الحديث يظهر جرأة أم المؤمنين عائشة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى مع المسؤولين.
والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.