لا يحل لامرأة تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع:

---

الحديث ورواته:

هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بآداب الحداد للمرأة. والحديث يرويه حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة (وهي ابنة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها)، والتي نقلت لنا ثلاث وقائع متشابهة، وها نحن نشرح منها وقعتين.

---

1. شرح المفردات:

● أم حبيبة: هي رملة بنت أبي سفيان، إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها.
● طيب فيه صفرة خلوق أو غيره: الخلوق هو نوع من الطيب يُصَبغ بلون، والصفرة إشارة إلى لونه.
● دهنت به جارية: وضعت الطيب على جارية أو خادمة.
● مسحت بعارضيها: مسحت على خديها أو جانبي وجهها.
● تُحِدَّ على ميت: تلبس ثياب الحداد وتترك الزينة والتطيب.
● أربعة أشهر وعشرًا: المدة الشرعية للعدة على الزوج المتوفى.

---

2. شرح الحديث:

الحديث يحكي موقفين:
● الموقف الأول: دخلت زينب بنت أبي سلمة على أم حبيبة رضي الله عنها بعد وفاة أبيها أبو سفيان، فطلبت أم حبيبة طيبًا ودهنت به جارية ثم مسحت على خديها به، ثم قالت: "والله ما لي بالطيب من حاجة" أي أنها لا تريد التطيب للزينة، ولكنها سمعت النبي ﷺ ينهى عن الإحداد على ميت أكثر من ثلاث ليال إلا للزوج.
● الموقف الثاني: دخلت على زينب بنت جحش رضي الله عنها بعد وفاة أخيها، ففعلت مثل ذلك وذكرت نفس الحديث.
المعنى الإجمالي: أن هاتين الصحابيتين الجليلتين تطيبتا بعد وفاة قريبيهما (أبو سفيان وأخو زينب) لا رغبة في الزينة، ولكن لبيان أن الحداد لا يزيد على ثلاثة أيام إلا للزوج.

---

3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

● تحريم الإحداد فوق ثلاثة أيام إلا للزوج: وهذا من رحمة الإسلام بالمرأة، حيث منعها من إطالة الحزن الذي قد يؤثر على صحتها ونفسيتها، إلا في حالة وفاة الزوج فلها أن تحد أربعة أشهر وعشرًا.
● الاستثناء في حالة الزوج: للزوج مكانة خاصة، ولذلك جعل الإسلام عدتهن أطول تكريمًا للرابطة الزوجية وإعطاءً للزوجة وقتًا للحزن ولبناء حياتها من جديد.
● الفقه في فعل الصحابيات: أن هاتين الصحابيتين تطيبتا بعد الثالثة لبيان الجواز، وأنه لا حرج بعد انقضاء مدة الحداد.
● التأسّي بالنبي ﷺ: كلتا الصحابيتين استشهدتا بقول النبي ﷺ، مما يدل على حرصهن على الاتباع وعدم المخالفة.
● التوضيح العملي للحديث: sometimes يُشرح الحكم العملي بالتطبيق، كما فعلت أم حبيبة وزينب بنت جحش.

---

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدخل في باب "الحداد" في كتب الفقه، ويستدل به على أن غير الزوج لا يحد عليه أكثر من ثلاثة أيام.
- الإحداد يعني: ترك الزينة والطيب واللباس الجميل، وهو خاص بالنساء.
- الحديث يظهر حرص أمهات المؤمنين والصحابيات على تعليم النساء وتوضيح الأحكام لهن.
- يستثنى من ذلك الزوج كما في الحديث، وكذلك بعض الفقهاء يستثنون الوالدة إذا مات ولدها الصغير، ولكن الاستثناء الواضح هو للزوج فقط.

أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا للعمل بسنة نبيه ﷺ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.