نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة

حديث: نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة

عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة.

صحيح: رواه الحاكم (٢/ ٣٥)، والبيهقي (٩/ ٣٣٣) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة).
رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.

1. شرح المفردات:

* نهى: أي حرّم وأمر بالترك.
* المَجَثَّمَة: (بفتح الميم والجيم وتشديد الثاء المفتوحة) هي الطير أو الصيد الذي يُرمى بسهم أو بحجر أو بغيرهما فيُثبَّت في مكانه (يُجَثَّم) ولا يُقتل في الحال، فيموت من الجوع والعطش أو من جرحه بعد مدة. وسُميت بذلك لأن الصياد يجثم عليها (أي يقعد منتظراً لها) حتى يموت.
* الجَلَّالَة: (بفتح الجيم وتشديد اللام) هي كل حيوان (مثل الإبل، البقر، الغنم، الدجاج، الإوز...) يكثر أكله للقاذورات والنَّجاسات كعذرة الآدميين أو روث الحيوانات. وسُميت بذلك لأنها "تتجلل" بها، أي تتلوث وتتسخ بها.

2. شرح الحديث:

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحم هذين النوعين من الحيوانات:
* نهيه عن أكل المجثمة: هذا النهي يدل على رحمة الإسلام بالحيوان حتى في طريقة ذبحه. فالشرع أمر بإحسان الذبح والتذكية، بأن يكون الذبح بسكين حاد، وبسرعة، وبقطع الودجين والمريء والحلقوم لتسريع خروج الروح وتخفيف الألم على الحيوان. أما ترك الحيوان يعاني ويتألم حتى الموت، فهذا تعذيب له وهو أمر مُحرَّم، ولذلك حُرِّم أكل لحمه حتى لو ذُكِّي بعد ذلك، لأنه مات بسبب الجرح والعطش لا بالذكاة الشرعية. وهذا من كمال الشريعة ومراعاتها للأخلاق حتى مع الحيوانات.
* نهيه عن أكل الجلالة: النهي هنا ليس تحريماً مطلقاً دائماً، بل هو نهي تحريم أو كراهة تنزيهية وقتي، خوفاً من أن يؤثر أكلها النجس على لحمها ولبنها فيتأذى به الإنسان. فإذا زال هذا السبب، زال الحكم. وذلك بحبسها مدةً (قيل: ثلاثة أيام للإبل، وقيل أربعون للبقر، وقيل أقل للدجاج والغنم) وتُعلف طعاماً طاهراً حتى ينظف بطنها ويتحول طعم لحمها ولبنها ورائحتها، فتصبح حلالاً للأكل. وهذا من إعجاز التشريع الإسلامي في الحفاظ على صحة الإنسان ومنع الضرر عنه.

3. الدروس المستفادة منه:

1- الرحمة بالحيوان: يُستفاد من النهي عن المجثمة وجوب الرحمة بالحيوان وتحريم تعذيبه أو إيذائه، وأن الذبح يجب أن يكون بالطريقة التي توفر أقصى درجات الراحة للذبيحة وتقلل من ألمها.
2- النظافة والطهارة: يُستفاد من النهي عن أكل الجلالة حرص الشريعة الإسلامية على طهارة المطعم والمشرب، وسدّاً للذرائع المؤدية إلى أكل النجاسات والتأذي بها، مما يحفظ صحة الإنسان البدنية.
3- حكمة التشريع: Behind every ruling in Islam there is a wisdom that aims to preserve religion, life, intellect, lineage, and wealth. The prohibition of "Al-Mujaththama" preserves the soul from cruelty, and the prohibition of "Al-Jallala" preserves the body from harm.
4- مراعاة المآل والعواقب: الشريعة لا تنظر إلى الفعل فقط، بل تنظر إلى عواقبه وآثاره. فصيد الحيوان وإمساكه حتى يموت عطشاً أو جوعاً فعل قاسٍ، وأكل لحم الحيوان الذي يتغذى على النجاسة مضر بالصحة، فمنعت الشريعة كلا الأمرين.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* حكم أكل لحم الجلالة ولبنها هو الكراهة وليس التحريم المحض عند جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية)، وهو رأي قوي. وقال بعض العلماء بالتحريم. والأحوط هو حبسها حتى يزول أثر النجاسة.
* النهي عن ركوب الجلالة أو استخدامها (كالإبل لل نقل) أثناء فترة كونها جلالة، خوفاً من تأذي الإنسان برائحتها الكريهة، ولكن النهي الرئيسي هو عن أكل لحمها وشرب لبنها.
* هذا الحديث من الأدلة التي يستشهد بها على سمو الأخلاق الإسلامية وشموليتها، حيث شرعت حتى آداب التعامل مع الحيوان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحاكم (٢/ ٣٥)، والبيهقي (٩/ ٣٣٣) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة فذكره. وزاد البيهقي: «وأن يشرب من في السقاء».
وإسناده صحيح، غير أن البيهقي ساقه بعد حديث عكرمة، عن ابن عباس السابق، ثم قال: «وقد قيل: عن عكرمة، عن أبي هريرة» وكأنه يشير إلى إعلاله، وأن المحفوظ هو حديث ابن عباس، لكن يجوز أن يكون لعكرمة فيه شيخان ويؤيد ذلك أن البخاري رواه في الأشربة (٥٦٢٧، ٥٦٢٨) من طريق سفيان بن عيينة، وإسماعيل ابن علية كلاهما عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة في النهي عن الشرب من في السقاء.
ثم رواه (٥٦٢٩) من طريق خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس.
فالشاهد أن عكرمة رواه على الوجهين ولم يُعلّ البخاري أحدهما بالآخر.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 123 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة

📜 حديث: نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى رسول الله ﷺ عن المجثمة والجلالة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية