حديث: السيد الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية رفع النّبيّ ﷺ فوق المنزلة التي أنزله اللَّه ﷾

عن مطرّف بن عبد اللَّه بن الشّخير، قال: قال أبي: انطلقتُ في وفد بني عامر إلى رسول اللَّه ﷺ، فقلنا: أنت سيدنا، فقال: «السيد اللَّه تبارك وتعالى». قلنا: وأفضلنا فضلًا، وأعظمنا طولًا. فقال: «قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرنّكم الشّيطان».

صحيح: رواه أبو داود (٤٨٠٦) عن مسدد، حدّثنا بشر -يعني ابن المفضَّل-، حدّثنا أبو سلمة، سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن مطرف، فذكره.

عن مطرّف بن عبد اللَّه بن الشّخير، قال: قال أبي: انطلقتُ في وفد بني عامر إلى رسول اللَّه ﷺ، فقلنا: أنت سيدنا، فقال: «السيد اللَّه ﵎». قلنا: وأفضلنا فضلًا، وأعظمنا طولًا. فقال: «قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرنّكم الشّيطان».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك على حرصك على فهم حديث رسول الله ﷺ. هذا الحديث العظيم له معانٍ جليلة ودروس عظيمة، سأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله ومستنداً إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن مطرّف بن عبد اللَّه بن الشّخير، قال: قال أبي: انطلقتُ في وفد بني عامر إلى رسول اللَّه ﷺ، فقلنا: أنت سيدنا، فقال: «السيد اللَّه تبارك وتعالى». قلنا: وأفضلنا فضلًا، وأعظمنا طولًا. فقال: «قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرنّكم الشّيطان».


1. شرح المفردات:


● مطرّف بن عبد الله: راوي الحديث عن أبيه.
● وفد بني عامر: مجموعة من قبيلة بني عامر جاءت لتبايع النبي ﷺ وتسمع منه.
● سيدنا: أي الرئيس والمطاع ذو المكانة والرفعة.
● السيد الله: أي أن السيادة المطلقة والربوبية الكاملة هي لله وحده.
● أفضلنا فضلاً: الأكثر منا خيراً وبركة.
● أعظمنا طولاً: الأكبر منا جاهاً وقدراً ومكانة.
● قولوا بقولكم أو بعض قولكم: أي الزموا الحدود الشرعية في المدح، أو اقتصروا على بعض ما تقولون دون إفراط.
● لا يستجرنكم الشيطان: لا يجرئنكم الشيطان أو يدفعكم إلى الإفراط في المدح والغلو.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي عبد الله بن الشخير رضي الله عنه أنه ذهب مع وفد قبيلته (بني عامر) إلى النبي ﷺ، وأرادوا أن يبدؤوا كلامهم بمدحه وإطرائه، فقالوا له: "أنت سيدنا"، فرد عليهم النبي ﷺ بتواضع عظيم قائلاً: "السيد الله"، ليصحح مفهومهم ويوجههم إلى أن السيادة الحقيقية المطلقة هي لله تعالى وحده.
فلما رأوا أن النبي لم يقبل منهم ذلك المدح، حاولوا مرة أخرى بقولهم: "وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولاً"، أي أنت الأفضل بيننا والأعظم مكانة. هنا نهاهم النبي ﷺ نهياً حازماً، وأمرهم أن يقتصروا في كلامهم على الحدود الشرعية، وحذرهم من إغواء الشيطان الذي يوسوس للإنسان بالغلو والمبالغة في مدح البشر، مما قد يؤدي إلى الشرك أو النفاق.


3. الدروس المستفادة منه:


1- التوحيد ونبذ الغلو: الحديث درس عظيم في التوحيد الخالص لله تعالى، وترك الغلو في مدح البشر، حتى لو كانوا أنبياءً ورسلاً. فالنبي ﷺ يريد لأمته أن تكون عقيدتها نقية من أي شائبة.
2- تواضع النبي ﷺ: يظهر من الحديث تواضعه العظيم ﷺ، وهو سيد الخلق، حيث رفض أن ينسب إليه وصف "السيد" المطلق، ورد الأمر إلى الله تعالى.
3- تحذير من مداخل الشيطان: الشيطان يتسلل إلى القلوب من خلال المبالغة في حب الصالحين، والتي قد تصل إلى درجة الغلو التي نهى عنها الإسلام. قوله ﷺ: «لا يستجرنكم الشيطان» تحذير واضح من هذا الباب.
4- آداب المخاطبة والمدح: يُستفاد من الحديث أدب في مناقشة الكبار ومدحهم، وهو أن يكون المدح ضمن حدود الشرع، دون مبالغة أو إطراء.
5- التصحيح النبوي للتصورات: النبي ﷺ كان يصحح لأصحابه أي مفهوم خاطئ قد يؤدي إلى مخالفة عقيدة التوحيد، حتى لو كان صادراً عن حب وإعجاب.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه أبو داود في سننه، وهو حسن.
- العلماء يستدلون به على تحريم الغلو في مدح النبي ﷺ أو غيره من الصالحين، لأن السيادة المطلقة لله تعالى.
- الفرق بين المدح الجائز والغلو المحرم: المدح الجائز هو الوصف بالصفات الحسنة الحقيقية دون مبالغة، مثل قولنا: "رسول الله خير البشر". أما الغلو فهو المبالغة التي تصل إلى درجة التقديس الذي لا يليق إلا بالله، كادعاء أنه يعلم الغيب أو يتصرف في الكون.
- هذا التواضع من النبي ﷺ هو من أسباب علو مكانته عند ربه، فقد قال تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: 37].
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في سنن نبيه، وأن يجنبنا الغلو والتفريط، وأن يرزقنا حبه وحب رسوله ﷺ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٨٠٦) عن مسدد، حدّثنا بشر -يعني ابن المفضَّل-، حدّثنا أبو سلمة، سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن مطرف، فذكره.
ورواه الإمام أحمد (١٦٣١١)، والبيهقيّ في المدخل (٥٣٧) كلاهما من طريق مهدي بن ميمون، ثنا غيلان بن جرير، عن مطرّف بن عبد اللَّه بن الشّخّير، عن أبيه، وزاد فيه: «والجَفْنَةُ الغرَّاء»، وقال في آخره: «ولا يستهوينّكم».
وقوله: «الجفنة الغرّاء». قال ابن الأثير في «النهاية»: «كانت العربُ تدعو السّيد المطْعِم جفنة، لأنّه يضعها ويُطعم النّاس فيها، فسمي باسمها. والغرّاء: البيضاء أي أنّها مملوءة بالشّحم والدّهن».
وأما قوله: «يستجرّنَكم» بتشديد الرّاء من الجرّ. قال السّنديّ وهو صحيح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 760 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: السيد الله

  • 📜 حديث: السيد الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: السيد الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: السيد الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: السيد الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب