حديث: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية رفع النّبيّ ﷺ فوق المنزلة التي أنزله اللَّه ﷾

عن ابن عباس قال: سمعتُ عمر يقول على المنبر: سمعتُ النّبيّ ﷺ قال: «لا تطْروني كما أَطْرتِ النّصارى ابنَ مريم، فإنّما أنا عبده، فقولوا: عبد اللَّه ورسوله».

صحيح: رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٤٤٥) عن الحميديّ، حدّثنا سفيان، قال: سمعتُ الزّهريّ يقول: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس، قال (فذكر الحديث).

عن ابن عباس قال: سمعتُ عمر يقول على المنبر: سمعتُ النّبيّ ﷺ قال: «لا تطْروني كما أَطْرتِ النّصارى ابنَ مريم، فإنّما أنا عبده، فقولوا: عبد اللَّه ورسوله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يوضح فيه التواضع العظيم والاعتدال في محبته وتعظيمه، وحرصه على صيانة جناب التوحيد.

الحديث بلفظه:


عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعتُ عمر يقول على المنبر: سمعتُ النّبيّ ﷺ قال: «لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ».


1. شرح المفردات:


● لا تُطْرُونِي: الإطراء هو المبالغة في المدح والثناء بما يخرج عن حد الاعتدال، ويدخل في باب الغلو. والنفي "لا" هنا للنهي، أي: انتهوا عن هذا الفعل.
● كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ: أي كما بالغت النصارى في مدح عيسى ابن مريم عليه السلام حتى رفعوه فوق منزلته التي أنزله الله إياها، فادعوا فيه الألوهية أو أنه ابن الله تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.
● فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ: تأكيد على حقيقة بشريته وعبوديته الكاملة لله تعالى. كلمة "عبد" هنا تحمل معنى العبودية الخالصة والذل والانكسار بين يدي الله، وهي أعلى مراتب الفخر.
● فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ: هذا هو الوصف الصحيح والاعتدالي الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، جامعًا بين كمال العبودية لله وكمال تبليغ الرسالة.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


ينهى النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن مجرد التقليد الأعمى في طريقة المدح والتعظيم، حتى لو كان المقصود به هو نفسه. فهو يحذرهم من سلوك طريق الغلو والمبالغة الذي سلكته النصارى مع نبي الله عيسى عليه السلام، حيث أدى بهم غلوهم إلى الخروج عن الحق واعتقاد الباطل فيه.
ثم يبين صلى الله عليه وسلم الحقيقة التي يجب أن تثبت في أذهان الأمة عنه، وهي أنه "عبد الله ورسوله". فهذه الكلمة جامعة مانعة:
● "عبد الله": تنفي أي ادعاء للألوهية أو المشاركة في صفات الربوبية، وتؤكد بشريته الكاملة.
● "ورسوله": تثبت له أعلى منزلة ممكنة لمخلوق، وهي منزلة النبوة والرسالة، وتقر بحقه في التعظيم والمحبة والطاعة بما شرعه الله.
فالحديث يأمر بالوسطية والاعتدال: فلا نجفو في حقه وننكر فضله، ولا نغلو فيه ونتجاوز الحد الذي شرعه الله.


3. الدروس المستفادة منه:


1- التحذير من الغلو في الدين: وهو من أعظم مقاصد الشريعة. والغلو في الصالحين، ولو كانوا أنبياء، هو باب عظيم من أبواب الشرك والضلال. قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171].
2- التواضع النبوي العظيم: فالنبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق وأكرمهم على الله، يعلنها صريحة: "إنما أنا عبد"، ليعلّم أمته التواضع لله وللخلق.
3- الحفاظ على جناب التوحيد: كان شغل النبي صلى الله عليه وسلم الشاغل هو صيانة عقيدة أمته من أي شائبة شرك، ولو كانت في شكل محبة وتعظيم له.
4- الاقتداء بالأنبياء في طريق الحق: الطريق الصحيح هو اتباع الأنبياء، لا ابتداع طرق في العبادة أو التعظيم لم يشرعوها.
5- الفرق بين التعظيم المشروع والغلو المذموم: التعظيم المشروع للنبي صلى الله عليه وسلم يكون باتباع سنته، ونشر دعوته، ومحبته فوق محبة النفس والأهل والمال، والقيام بحقوقه التي شرعها الله. أما الغلو فهو تجاوز ذلك إلى ما لم يشرعه الله، كالدعاء به، أو الطواف بقبره، أو ادعاء أنه يعلم الغيب.
6- بيان خطأ النصارى: الحديث يوضح بشكل صريح أن ما وقعت فيه النصارى من الغلو في عيسى عليه السلام كان خطأً ومنهيًا عنه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● رواية الحديث: الحديث رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} [مريم: 16])، وهو من الأحاديث الصحيحة في المعنى.
● المناسبة: يُذكر أن عمر رضي الله عنه كان يخطب على المنبر فسمعه ابن عباس، مما يدل على حرص الصحابة على نقل هذا التحذير العظيم للأمة وتذكيرها به في المجامع.
● العلاقة مع آيات القرآن: يؤكد هذا الحديث معنى许多 آيات قرآنية تثبت بشرية الرسل، كقوله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ} [الكهف: 110]، وقوله عن عيسى: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} [الزخرف: 59].
فالحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من ينقل هذا الهدي النبوي القويم، ويحفظ عليها عقيدتها من الزيغ والانحراف. وصلى الله
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٤٤٥) عن الحميديّ، حدّثنا سفيان، قال: سمعتُ الزّهريّ يقول: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس، قال (فذكر الحديث).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 757 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم

  • 📜 حديث: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب