حديث: من قتل محمدًا أو أسره فله دية

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

قصة الهجرة واتباع سراقة بن مالك أثر رسول الله ﷺ -

عن ابن شهاب قال: وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي - وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم - أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله ﷺ وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة! إني قد رأيت آنفًا أسودة بالساحل أراها محمدًا وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا، انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي - وهي من وراء أكمة - فتحبسها عليّ، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي، حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها، أَضرُّهم أم لا؟ فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام - تقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ﷺ وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها، فنهضت فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عُثانٌ ساطع في السَّماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم. ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله ﷺ فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني، ولم يسألاني إلا أن قال: أخْفِ عنا،
فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله ﷺ.

صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٩٠٦) قال: قال ابن شهاب فذكره وهو معطوف على الإسناد السابق الذي رواه عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عُقيل، قال: قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت: فذكر الحديث بطوله كما سبق.

عن ابن شهاب قال: وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي - وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم - أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله ﷺ وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة! إني قد رأيت آنفًا أسودة بالساحل أراها محمدًا وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا، انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي - وهي من وراء أكمة - فتحبسها عليّ، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي، حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها، أَضرُّهم أم لا؟ فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام - تقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ﷺ وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها، فنهضت فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عُثانٌ ساطع في السَّماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم. ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله ﷺ فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني، ولم يسألاني إلا أن قال: أخْفِ عنا،
فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله ﷺ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث السيرة النبوية، يروي قصة إسلام الصحابي الجليل سراقة بن مالك رضي الله عنه، وهو من المواقف التي تظهر عظمة النبي ﷺ وتأييد الله له بالمعجزات. وسأشرح هذا الحديث شرحًا وافيًا بحسب الطلب، معتمدًا على كتب أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● دِيَّة: المال الذي يُعطى لمن قتل شخصًا.
● أسودة: جمع أسود، أي أشخاصًا يرتدون السواد (اللباس الأسود).
● الساحل: هنا refers to the coastal route between مكة والمدينة.
● الأكمة: التل الصغير.
● الرمح: السلاح الطويل.
● زجه: طرفه الحاد.
● الكنانة: الجعبة التي توضع فيها السهام.
● الأزلام: السهام التي كان المشركون يستقسمون بها في الجاهلية.
● عصيت الأزلام: خالفت ما أشارت به.
● ساخت: غاصت وغرزت في الأرض.
● عُثان: الغبار.
● ساطع: مرتفع وواضح.
● لم يرزآني: لم يقبلا مني (أي رفضا عرضي).
● رقعة من أدم: قطعة من جلد مدبوغ.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بأن كفار قريش قد جعلوا جائزة كبيرة (دية) لكل من يقتل النبي ﷺ أو أبي بكر الصديق رضي الله عنه أو يأسرهم. وكان سراقة بن مالك المدلجي جالسًا في مجلس قومه، فجاءه رجل وأخبره أنه رأى مجموعة من الناس على ساحل البحر (طريق الهجرة) ويظن أنهم النبي وأصحابه. فعرف سراقة أنهم هم حقًا، لكنه أخفى ذلك وقال للرجل: ليسوا هم، بل هم آخرون. ثم بعد بقائه قليلاً في المجلس، ذهب إلى بيته وأعد فرسه وسلاحه (رمحه) وخرج خفية ليطارد النبي ﷺ وأبا بكر رضي الله عنه، hoping to capture them for the reward.
وأثناء مطاردته، حدثت له معجزات:
1- عثرت به فرسه وسقط: فاستخرج الأزلام (سهام الاستقسام) ليستشيرها، فخرجت له بما يكره (أي نصحت بعدم مضيه في مطاردتهم).
2- عصى الأزلام واستمر: فركب فرسه again، فلما اقترب منهم سمع القرآن يتلى (كان النبي ﷺ يقرأ ولا يلتفت، وأبو بكر يلتفت خوفًا).
3- غاصت أقدام الفرس في الأرض: حتى بلغت الركبتين، وسقط مرة أخرى.
4- ظهر غبار كالدخان: عند نهوض الفرس، كعلامة على المعجزة.
5- استقسم بالأزلام again: فخرج again بما يكره.
عندها أيقن سراقة أن هذا ليس بشيء طبيعي، بل هو تأييد إلهي للنبي ﷺ، فناداهم بأنه يأتيهم آمناً (ليس ليقاتلهم)، فلما اطمأنوا وقفوا، فجاءهم وأخبرهم بأن قومه (قريش) قد جعلوا فيهما الدية، وعرض عليهما الطعام والمتاع، لكنهما رفضا ولم يقبلا منه شيئًا إلا أن طلبا منه إخفاء أمرهما. ثم طلب سراقة من النبي ﷺ أن يكتب له كتاب أمان (عهدًا بالأمان) له ولقومه في المستقبل، فأمر النبي ﷺ عامر بن فهيرة (رضي الله عنه) فكتب له ذلك في قطعة جلد.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- عناية الله بنبيه ﷺ: حيث حماه من كيد الكفار بالمعجزات الظاهرة.
2- الإيمان بالقدر والاستخارة: لكن لا يجوز الاستقسام بالأزلام (وهي من أمور الجاهلية التي أبطلها الإسلام).
3- التأثير المعجزي للقرآن: حتى إن سراقة سمعه من بعد فانقلب حاله.
4- كرم النبي ﷺ وعفوه: حيث قبل من سراقة بعد أن كان يطارده، وكتب له كتاب الأمان.
5- زهد النبي ﷺ وأبي بكر: حيث رفضا عرض الزاد والمتاع، توكلًا على الله.
6- بداية انتشار الإسلام: حيث دخل سراقة في الإسلام بعد هذه الحادثة، وكان من الصحابة الأخيار.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذه القصة حدثت أثناء هجرة النبي ﷺ من مكة إلى المدينة.
- سراقة بن مالك أصبح بعد إسلامه من الصحابة المقربين، وشهد فتوحات الإسلام.
- الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد القرآن.
- استعمال الأزلام كان حرامًا حتى قبل الإسلام، وقد ذمه الله في القرآن في سورة المائدة.
أسأل الله أن ينفعنا بهذا الحديث، وأن يجعلنا من اتباع of the Sunnah، والحمد لله رب العالمين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٩٠٦) قال: قال ابن شهاب فذكره وهو معطوف على الإسناد السابق الذي رواه عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عُقيل، قال: قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت: فذكر الحديث بطوله كما سبق. ثم حوّله إلى عبد الرحمن بن مالك المدلجي فذكر إسناده ورواه أحمد (١٧٥٩١) عن عبد الرزاق وهو في مصنفه (٩٧٤٣) عن معمر، عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن مالك فذكر مثله.
وأفرده البيهقي في الدلائل (٢/ ٤٨٥) بإسنادين: يحيى بن بكير، وأبو صالح كلاهما عن الليث به. وقال: رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير، عن الليث. وعامر بن فهيرة خادم أبي بكر.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 171 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من قتل محمدًا أو أسره فله دية

  • 📜 حديث: من قتل محمدًا أو أسره فله دية

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من قتل محمدًا أو أسره فله دية

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من قتل محمدًا أو أسره فله دية

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من قتل محمدًا أو أسره فله دية

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب