حديث: المسلمون يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرون رسول الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

نزول النبي ﷺ قباء وبناء المسجد الذي أسس على التقوى، ثم توجهه إلى المدينة

عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله ﷺ لقي الزبير في ركب من المسلمين، كانوا تجارًا قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله ﷺ وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله ﷺ، من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يومًا بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله ﷺ وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب! هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله ﷺ بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله ﷺ صامتًا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله ﷺ يحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله ﷺ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله ﷺ عند ذلك.
فلبث رسول الله ﷺ في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأَسس المسجد الذي أُسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله ﷺ ثم ركب راحلته وسار يمشي معه
الناس، حتى بركت عند مسجد رسول الله ﷺ بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربدًا للتمر لسهيل وسهل، غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، فقال رسول الله ﷺ حين بركت به راحلته: «هذا إن شاء الله المنزل» ثم دعا رسول الله ﷺ الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدًا، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله! فأبى رسول الله ﷺ أن يقبله منهما هبة، حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدًا، وطفق رسول الله ﷺ ينقل معهم اللبن في بنيانه، ويقول وهو ينقل اللبن:
«هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبَر ربّنا وأطهر»
ويقول:
«اللهم إن الأجر أجر الآخره ... فارحم الأنصار والمهاجره»
فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي. قال ابن شهاب: ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله ﷺ تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت.

صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٩٠٦) بالإسناد السابق وهو عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، قال: ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير، فذكره.

عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله ﷺ لقي الزبير في ركب من المسلمين، كانوا تجارًا قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله ﷺ وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله ﷺ، من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يومًا بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله ﷺ وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب! هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله ﷺ بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله ﷺ صامتًا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله ﷺ يحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله ﷺ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله ﷺ عند ذلك.
فلبث رسول الله ﷺ في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأَسس المسجد الذي أُسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله ﷺ ثم ركب راحلته وسار يمشي معه
الناس، حتى بركت عند مسجد رسول الله ﷺ بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربدًا للتمر لسهيل وسهل، غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، فقال رسول الله ﷺ حين بركت به راحلته: «هذا إن شاء الله المنزل» ثم دعا رسول الله ﷺ الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدًا، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله! فأبى رسول الله ﷺ أن يقبله منهما هبة، حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدًا، وطفق رسول الله ﷺ ينقل معهم اللبن في بنيانه، ويقول وهو ينقل اللبن:
«هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبَر ربّنا وأطهر»
ويقول:
«اللهم إن الأجر أجر الآخره ... فارحم الأنصار والمهاجره»
فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي. قال ابن شهاب: ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله ﷺ تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا الحديث العظيم الذي طلبت شرحه يروي قصة وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة مهاجراً من مكة، وهو من الأحاديث التي تحوي أحداثاً عظيمة في تاريخ الإسلام. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بحسب الطلب، معتمداً على كُتب أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● رَكْب: جماعة من المسافرين على الدواب.
● قَافِلِين: راجعين من سفر.
● ثِيَاب بِيضَاض: ملابس بيضاء.
● يَغْدُونَ: يذهبون في وقت الغداة (أول النهار).
● الحَرَّة: أرض ذات حجارة سوداء.
● حَرُّ الظَّهِيرَة: شدة حر وقت الظهيرة.
● أَوْوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ: رجعوا إلى بيوتهم.
● أُطُم: حصن عالٍ أو بناء مرتفع.
● مُبَيِّضِين: ظاهرين في بياض الثياب أو بسبب لمعان السراب.
● يَزُولُ بِهِمْ السَّرَاب: يظهرون خلال السراب (الوهج الذي يظهر فوق الأرض الحارة).
● بِظَهْرِ الحَرَّة: بجانب الحرة أو عندها.
● ذَاتِ اليَمِين: جهة اليمين.
● بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً: ما بين العشر إلى التسع عشرة ليلة.
● أَسَّسَ: بنى وأقام.
● المَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى: هو مسجد قباء.
● مَرْبِدًا: موضعاً يُجفف فيه التمر.
● يَتَيمَيْنِ: اثنين ليس لهما أب.
● فِي حَجْرِ: في رعاية وكفالة.
● سَاوَمَهُمَا: تفاوض معهما على الثمن.
● لَبِن: الطوب المصنوع من الطين.
● هَذَا الحِمَالُ لا حِمَال خَيْبَر: أي هذا العمل الشاق ليس كعمل خيبر (كناية عن شدة العمل وبذل الجهد).


ثانياً. شرح الحديث:


يصف هذا الحديث المشاهد الأولى لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ويتضمن النقاط الرئيسية التالية:
1- لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بالزبير: في الطريق، التقى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالزبير بن العوام رضي الله عنه وهو في مجموعة من التجار المسلمين القادمين من الشام. فكساهما الزبير ثياباً بيضاء، وهي إكرام منه وتوفير للستر والحماية.
2- ترقب الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: كان المسلمون في المدينة (الأنصار) يترقبون وصول النبي صلى الله عليه وسلم بشغف كبير. فكانوا يخرجون كل صباح إلى "الحرة" (مكان مرتفع على أطراف المدينة) وينتظرونه حتى يحل بهم حر الظهيرة فيعودون.
3- بشارة اليهودي: في يوم من الأيام، بعد أن عادوا من الانتظار، صعد رجل يهودي إلى مكان مرتفع ("أطم") لينظر إلى أمر ما، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعيد وهم قادمون، وقد ظهر بياض ثيابهم من خلال السراب. لم يتمالك اليهودي نفسه فنادى بأعلى صوته يخبر العرب (المسلمين) بأن من ينتظرونه قد وصل. وهذا من المواقف العجيبة حيث جاءت البشارة من غير المسلم.
4- استقبال النبي صلى الله عليه وسلم: لما سمع المسلمون النداء، أسرعوا إلى أسلحتهم لاستقبال النبي صلى الله عليه وسلم بحماية وفرح، وتوجهوا إليه عند "ظهر الحرة". فعدل بهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهة اليمين ونزل في منطقة بني عمرو بن عوف في "قباء". وكان ذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول.
5- اللطيفة في معرفة النبي صلى الله عليه وسلم: عند النزول، جلس النبي صلى الله عليه وسلم صامتاً، وقام أبو بكر رضي الله عنه يستقبل الناس. فكان بعض الأنصار ممن لم يَرَوا النبي صلى الله عليه وسلم من قبل يظنون أن أبا بكر هو النبي، فيحيونه. حتى لما أشتد الحر وأصابت الشمس النبي صلى الله عليه وسلم، تقدم أبو بكر فظلل عليه بردائه (أي جعل بردائه كالسقف ليقي النبي من الشمس)، فعرف الناس النبي صلى الله عليه وسلم من هذه التكريمة والهيبة.
6- بناء مسجد قباء: مكث النبي صلى الله عليه وسلم في قباء بضعة عشرة ليلة، وأسس فيها مسجد قباء، الذي وصفه الله تعالى في القرآن بأنه "المسجد الذي أسس على التقوى" (سورة التوبة: 108). وصلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
7- التوجه إلى وسط المدينة وبناء المسجد النبوي: ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم ناقته وسار باتجاه وسط المدينة، وكان الناس يمشون معه. فوقفت ناقته في مكان مسجده الآن. وكان المكان "مربداً" (مكاناً لتجفيف التمر) لغلامين يتيمين هما سهل وسهيل، تحت كفالة أسعد بن زرارة رضي الله عنه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا إن شاء الله المنزل»، أي مكان المسجد والدار.
8- شراء الأرض وبناء المسجد: دعا النبي صلى الله عليه وسلم الغلامين اليتيمين ليشترى منهم الأرض، فعرضا أن يهباه له، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أبى أن يأخذه هبة واشتراه منهما ليعلم الأمة أدب التعامل وحرمة أموال اليتامى والناس، وليكون المال حلال
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٩٠٦) بالإسناد السابق وهو عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، قال: ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير، فذكره.
وصورته مرسل، ولكن وصله الحاكم من طريق معمر، عن الزهري قال: أخبرني عروة، أنه سمع الزبير به. ذكره الحافظ في «الفتح» (٧/ ٢٤٣) وعند عبد الرزاق (٥/ ٣٩٥) عن معمر قال: قال الزهري: وأخبرني عروة بن الزبير أنه لقي الزبير وركبًا من المسلمين ... فذكر نحوه.
واختلف في سماع عروة عن أبيه الزبير فأثبته الشيخان وأخرجا له في الصحيح، ووثقه الآخرون.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 181 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المسلمون يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرون رسول الله

  • 📜 حديث: المسلمون يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرون رسول الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المسلمون يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرون رسول الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المسلمون يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرون رسول الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المسلمون يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرون رسول الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب