حديث: من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
بيعة العقبة الثانية في السنة الثالثة عشرة من البعثة
الرجل يرحل من مضر، أو من اليمن إلى ذي رحمه فيأتيه قومه، فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك، ويمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله عز وجل يشيرون إليه بالأصابع، حتى بعثنا الله عز وجل له من يثرب، فيأتيه الرجل فيؤمن به فيقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم يبق دار من دور يثرب إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام. ثم بعثنا الله فأتمرنا واجتمعنا سبعون رجلا منا، فقلنا: حتى متى نذر رسول الله ﷺ يطرد في جبال مكة، ويخاف؟ فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم فواعدناه شعب العقبة، فقال عمه العباس: يا ابن أخي! إني لا أدري ما هؤلاء القوم الذين جاؤوك؟ إني ذو معرفة بأهل يثرب، فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين، فلما نظر العباس في وجوهنا، قال: هؤلاء قوم لا أعرفهم، هؤلاء أحداث. فقلنا: يا رسول الله! علام نبايعك؟ قال: «تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم فيه لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت يثرب، فتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة».
فقمنا نبايعه، فأخذ بيده أسعد بن زرارة، وهو أصغر السبعين، فقال: رويدًا يا أهل يثرب! إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، إن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على السيوف إذا مستكم، وعلى قتل خياركم، وعلى مفارقة العرب كافة، فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة، فذروه، فهو أعذر عند الله، قالوا: يا أسعد بن زرارة! أمط عنا يدك، فو الله! لا نذر هذه البيعة، ولا نستقيلها. فقمنا إليه رجلًا رجلًا يأخذ علينا بشرطة العباس ويعطينا على ذلك الجنة.
حسن: رواه الإمام أحمد (١٤٦٥٣) وصحّحه ابن حبان (٧٠١٢) والحاكم (٢/ ٦٢٤ - ٦٢٥) كلهم من حديث يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، أنه حدثه جابر بن عبد الله فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.أما بعد، فإن الحديث الذي أورده الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يروي لنا قصةً عظيمةً من قصص الصبر والثبات والدعوة إلى الله، وهي قصة بيعة العقبة الثانية التي كانت نقطة تحول في تاريخ الدعوة الإسلامية. وإليكم الشرح الوافي للحديث:
أولاً. شرح المفردات:
● يتبع الحاج في منازلهم: يذهب إليهم في أماكن نزولهم.
● الموسم: وقت الحج.
● مجنة وعكاظ: أسواق العرب المشهورة في الجاهلية.
● منى: مكان قرب مكة يقيم فيه الحجاج.
● يؤويني: يُسكنني ويحميني.
● لا يفتنك: لا يضلك أو يخرجك عن دينك.
● يشيرون إليه بالأصابع: يدلون عليه تحذيرًا منه.
● فيقرئه القرآن: يعلمه القرآن.
● رهط: جماعة.
● يظهرون الإسلام: يعلنون إسلامهم دون خوف.
● يُطرد: يُلاحق ويُضايق.
● شعب العقبة: مكان بين مكة ومنى.
● أحداث: شباب صغار السن.
● رويدًا: تمهلوا.
● لم نضرب إليه أكباد المطي: لم نأتِ إليه من بلادنا بعناء إلا ونحن نعلم صدقه.
● خياركم: أفضلكم.
● تعضكم السيوف: تُقاتلون بالسيوف.
● بشرطة العباس: بشرط العباس أو اتفاقيته.
ثانيًا. شرح الحديث:
يصف جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ما عاناه النبي ﷺ في بداية دعوته، حيث كان يتبع القبائل العربية في موسم الحج وفي أسواقهم المشهورة مثل مجنة وعكاظ، وداخل منى، يدعوهم إلى الإسلام ويطلب النصرة والحماية حتى يبلغ رسالة ربه، ويعدهم بالجنة، ولكن لا يجده أحد ينصره أو يؤويه.
بل كان الناس يحذرون منه، حتى إن الرجل إذا جاء من مضر أو اليمن لزيارة قومه، ينصحونه قائلين: "احذر من هذا الغلام (يقصدون النبي ﷺ) لا يضلك عن دينك"، وكان الناس يشيرون إليه بالأصابع تحذيرًا منه.
ثم يذكر الحديث كيف أن الله هيأ أهل يثرب (المدينة المنورة) لقبول الدعوة، حيث كان يأتي الرجل من المدينة فيؤمن بالنبي ﷺ، فيعلمه القرآن، ثم يعود إلى قومه فيدعوهم إلى الإسلام، فيستجيبون له، حتى انتشر الإسلام في كل بيت من بيوت المدينة.
وبعد ذلك، اجتمع سبعون رجلاً من المسلمين في المدينة، وتشاوروا في كيفية نصرته ﷺ، فقرروا مقابلته في موسم الحج، واتفقوا على اللقاء في شعب العقبة.
وحضر العباس بن عبد المطلب عم النبي ﷺ، وكان لا يزال على دين قومه، فقال للنبي ﷺ: "يا ابن أخي، إني لا أعرف هؤلاء القوم جيدًا، ولكنني أعرف أهل يثرب، وهم قوم لا أعرفهم جيدًا، وهم أحداث (شباب)". وهذا يدل على حرص العباس على سلامة ابن أخيه.
ثم سألوا النبي ﷺ: "علام نبايعك؟" فقال: "تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله الحق لا تخافون لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت المدينة فتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة".
وهذه البيعة تُعرف ببيعة العقبة الثانية، وكانت بيعة على النصرة والحماية.
ثم قام أسعد بن زرارة رضي الله عنه، وهو أصغر الحاضرين سناً، ونصحهم قائلاً: "تمهلوا يا أهل يثرب، فإننا لم نأتِ إلى رسول الله ﷺ إلا ونحن نعلم أنه رسول الله حقًا، ولكن إخراجه من مزة يعني مفارقة العرب كلهم، وتعرضكم للقتال، فإما أن تصبروا على ذلك، وإما أن تتركوا البيعة الآن".
فأجابوه جميعًا: "لا نترك هذه البيعة، ولا نتراجع عنها". فبايعوه رجلاً رجلاً على هذه الشروط.
ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:
1- الصبر على الدعوة: تحمل النبي ﷺ المشاق في سبيل دعوته، ولم ييأس من رحمة الله.
2- أهمية النصرة: الدعوة تحتاج إلى أنصار يُؤوون الداعية ويحمونه.
3- صدق الإيمان: أهل المدينة آمنوا بالنبي ﷺ ووعدوه بالنصرة حتى في أصعب الظروف.
4- بيعة على الطاعة والجهاد: البيعة كانت على الطاعة في كل حال، والنفقة في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والثبات على الحق.
5- التضحية والفداء: كان الصحابة مستعدين للتضحية بأنفسهم وأموالهم في سبيل نصر دين الله.
6- الحكمة في الدعوة: النبي ﷺ كان حكيماً في اختيار الوقت والمكان للدعوة، مثل موسم الحج حيث تجمع الناس.
رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:
- هذه البيعة كانت سببًا رئيسيًا في هجرة النبي ﷺ إلى المدينة، حيث وجد الأنصار الذين نصروه وآووه.
- البيعة لم تكن مجرد كلمات، بل كانت عهدًا بين النبي ﷺ والأنصار على الثبات حتى الموت.
- من نتائج هذه البيعة تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة، والتي أصبحت منطلقًا لانتشار الإسلام في العالم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أنصار دينه، وأن يوفقنا للثبات على الحق كما ثبت الصحابة رضي الله عنهم. وصلى الله على سيدنا
تخريج الحديث
ورواه أيضًا أحمد (١٤٤٥٦) والبزار - كشف الأستار (١٧٥٦) وابن حبان (٦٢٧٤) كلهم من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به نحوه وله طرق أخرى عن ابن خثيم.
وإسناده حسن من أجل أبي الزبير فإنه حسن الحديث إذا صرّح.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 146 من أصل 1279 حديثاً له شرح
- 121 إني أسري بي الليلة إلى بيت المقدس
- 122 رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها في ليلة الإسراء
- 123 أُسري بالنبي إلى بيت المقدس ثم جاء من ليلته
- 124 رؤيا عين أريها رسول الله ليلة أسري به
- 125 رأيت بلالا في الجنة وسمعت وجسه
- 126 عُرض عليَّ الأنبياء، فإذا موسى ضربٌ من الرّجال
- 127 دابة البراق أبيض طويل خطوه مد البصر
- 128 شد جبريل البراق بإصبعه عند بيت المقدس
- 129 الإسراء والمعراج: رحلة النبي من مكة إلى بيت المقدس.
- 130 أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل...
- 131 قمت في الحجر فجلّى الله لي بيت المقدس
- 132 قريش تسأل النبي عن بيت المقدس في حادثة الإسراء
- 133 عند سدرة المنتهى أُعطِي رسول الله ﷺ ثلاثًا
- 134 رفعت لي سدرة المنتهى في السماء السابعة
- 135 هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشًا قد منعوني
- 136 من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة
- 137 يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا
- 138 يا أيها الناس إن هذا قد غوى فلا يغوينكم
- 139 قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا
- 140 يا بني إني رسول الله إليكم
- 141 رأيت رسول الله ﷺ في سوق ذي المجاز، وعليه حلة...
- 142 يوم بُعاث يومًا قدّمه الله لرسوله
- 143 أنا رسول الله أدعو إلى أن يعبدوا الله لا يشركوا...
- 144 لقاء النبي ﷺ مع نفر من الخزرج ودعوتهم إلى الإسلام
- 145 بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تسرقوا ولا...
- 146 من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة
- 147 شهد بي خالاي العقبة
- 148 تخلف كعب بن مالك عن النبي في غزوة تبوك
- 149 صلاة البراء بن معرور إلى الكعبة قبل القبلة
- 150 رأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره
- 151 دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين
- 152 لن تخلّف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا زادت...
- 153 أريت دار هجرتكم سبخة ذات نخل بين لابتين
- 154 أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم
- 155 قدم رسول الله ﷺ وفرح أهل المدينة
- 156 اللهم أجُرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها
- 157 اتّعد عمر وعياش وهشام للهجرة إلى المدينة
- 158 عمر يقول لأقومن في أول مقام أقومه بالمدينة
- 159 بعث النبي لأربعين سنة ومات وهو ابن ثلاث وستين
- 160 إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله
- 161 أحب الناس إلي أن أجاهدهم فيك من كذبوا رسول الله
- 162 قصة هجرة النبي مع أبي بكر
- 163 أبو بكر يحتمل ماله كله معه في الهجرة
- 164 ذات النطاقين
- 165 أول مولود في الإسلام وريقة النبي ﷺ في فيه
- 166 مكر المشركين بالنبي ﷺ في دار الندوة
- 167 ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما
- 168 نكبت إصبع رسول الله ﷺ في الغار
- 169 تشاورت قريش ليلة بمكة ليُثبتوا النبي بالوثاق
- 170 من هذا الرجل الذي بين يديك؟ هذا الرجل يهديني السبيل
معلومات عن حديث: من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة
📜 حديث: من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








