حديث: اتّعد عمر وعياش وهشام للهجرة إلى المدينة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

هجرة عمرو بن عياش بن أبي ربيعة

عن عمر بن الخطاب، قال: اتّعدت، لما أردنا الهجرة إلى المدينة، أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل السهمي التناضب من أضاة بني غفار، فوق سرف، قلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه. قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب، وحبس عنا هشام، فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة، وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما، حتى قدما المدينة، ورسول الله ﷺ بمكة، فكلما وقالا: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرق لها، فقلت له: يا عياش! إنه والله! إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فو الله! لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، قال: فقال: أبر قسم أمي، ولي هنالك مال فآخذه.
قال: فقلت: والله! إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالًا، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما. قال: فأبى عليّ إلا أن يخرج معهما، فلما أبى إلا ذلك، قال: قلت له: أما إذ قد فعلت ما فعلت، فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب، فانج عليها. فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال له أبو جهل: يا ابن أخي! والله لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى، قال: فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلما استووَا بالأرض عدَوَا عليه، فأوثقاه وربطاه، ثم دخلا به مكة، وفتناه فافتتن. قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتتن صرفًا ولا عدلًا ولا توبةً، قوم عرفوا الله، ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم. فلما قدم رسول الله ﷺ المدينة، أنزل الله تعالى فيهم، وفي قولنا وقولهم لأنفسهم: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [الزمر: ٥٣ - ٥٥]. قال عمر بن الخطاب: فكتبتها بيدي في صحيفة، وبعثت بها إلى هشام بن العاصي قال: فقال هشام بن العاصي: فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى، أصعد بها فيه وأصوّب ولا أفهمها، حتى قلت: اللهم فهّمنيها. قال: فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا. قال: فرجعت إلى بعيري، فجلست عليه، فلحقت برسول الله ﷺ وهو بالمدينة.

حسن: رواه محمد بن إسحاق، قال: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر، عن عبد الله، عن أبيه عمر بن الخطاب.

عن عمر بن الخطاب، قال: اتّعدت، لما أردنا الهجرة إلى المدينة، أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل السهمي التناضب من أضاة بني غفار، فوق سرف، قلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه. قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب، وحبس عنا هشام، فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة، وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما، حتى قدما المدينة، ورسول الله ﷺ بمكة، فكلما وقالا: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرق لها، فقلت له: يا عياش! إنه والله! إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فو الله! لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، قال: فقال: أبر قسم أمي، ولي هنالك مال فآخذه.
قال: فقلت: والله! إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالًا، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما. قال: فأبى عليّ إلا أن يخرج معهما، فلما أبى إلا ذلك، قال: قلت له: أما إذ قد فعلت ما فعلت، فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب، فانج عليها. فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال له أبو جهل: يا ابن أخي! والله لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى، قال: فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلما استووَا بالأرض عدَوَا عليه، فأوثقاه وربطاه، ثم دخلا به مكة، وفتناه فافتتن. قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتتن صرفًا ولا عدلًا ولا توبةً، قوم عرفوا الله، ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم. فلما قدم رسول الله ﷺ المدينة، أنزل الله تعالى فيهم، وفي قولنا وقولهم لأنفسهم: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [الزمر: ٥٣ - ٥٥]. قال عمر بن الخطاب: فكتبتها بيدي في صحيفة، وبعثت بها إلى هشام بن العاصي قال: فقال هشام بن العاصي: فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى، أصعد بها فيه وأصوّب ولا أفهمها، حتى قلت: اللهم فهّمنيها. قال: فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا. قال: فرجعت إلى بعيري، فجلست عليه، فلحقت برسول الله ﷺ وهو بالمدينة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا من الأحاديث العظيمة التي تحمل دروسًا وعبرًا جليلة، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● اتّعدت: تواعدنا واتفقنا على موعد.
● التناضب: مكان مرتفع.
● أضاة بني غفار: مورد ماء لقبيلة غفار.
● سرف: مكان قرب مكة.
● حُبس: منع واعتقل.
● قباء: منطقة قرب المدينة.
● امتشطت: مشطت شعرها.
● ناقة نجيبة: سريعة وجيدة.
● ذلول: مطيعة سهلة القياد.
● رابك من القوم ريب: خافك منهم شك أو خديعة.
● أوثقاه: ربطاه وقيداه.
● افتتن: ارتد عن الإسلام بعد إكراهه.
● صرفًا ولا عدلًا: لا توبة مقبولة ولا فدية.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي عمر بن الخطاب رضي الله عنه قصة هجرته إلى المدينة مع صاحبيه عياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص، حيث اتفقوا على مكان اللقاء (التناضب) وأن من لم يأتِ يكون قد حُبس فليذهب الآخران. وعندما حضر عمر وعياش ولم يحضر هشام، ذهبا إلى المدينة ونزلا في قباء.
ثم جاء أبو جهل والحارث (أخوا هشام) إلى المدينة لخداع عياش (ابن عمهما) claiming أن أمه نذرت ألا تمشط شعرها أو تستظل من الشمس حتى تراه. حذر عمر عياشًا من مكيدتهما، ونصحه بعدم الذهاب، وعرض عليه نصف ماله، لكن عياشًا أصر على الذهاب لأخذ ماله وإبرار قسم أمه (كما زعما).
أعطى عمر عياشًا ناقته السريعة المطيعة لينجو بها إذا خُدع. وفي الطريق، خدعه أبو جهل بطلب الركوب على الناقة، فلما نزلوا، اعتدوا عليه وقيدوه وأخذوه إلى مكة حيث عذبوه حتى ارتد عن الإسلام.
كان المسلمون يقولون: إن الله لا يقبل توبة من ارتد بعد البلاء، وظنوا أن هذا حكمهم. لكن عندما نزلت الآيات من سورة الزمر (53-55) التي تبشر بالمغفرة لجميع الذنوب وتدعو إلى عدم القنوط من رحمة الله، فهم عمر أن هذه الآيات نزلت في شأنهم. فكتبها وأرسلها إلى هشام بن العاص (الذي كان لا يزال في مكة)، فقرأها هشام وفهم أنها تتحدث عنهم، فاهتدى ورجع إلى المدينة مسلمًا.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- خطر الكفار ومكرهم: الكفار لا يتورعون عن استخدام أي حيلة للفتنة، حتى باستغلال عواطف الأمومة.
2- النصيحة والأمر بالمعروف: يجب على المسلم نصح إخوانه وتحذيرهم من المخاطر، كما فعل عمر مع عياش.
3- عدم اليأس من رحمة الله: الآيات الكريمة تذكرنا أن رحمة الله واسعة، وأنه يغفر جميع الذنوب لمن تاب وأناب، حتى الردة تحت الإكراه.
4- قبول التوبة: التوبة مقبولة من أي ذنب إذا كانت صادقة، وهذا من رحمة الله بعباده.
5- فضل الصحابة وحرصهم: حرص عمر على كتابة الآيات وإرسالها لهشام يدل على حرص الصحابة على هداية إخوانهم.

رابعًا. معلومات إضافية:


- القصة ذكرها الإمام البخاري في صحيحه (كتاب التفسير، باب سورة الزمر).
- استدل العلماء بهذه القصة على أن التوبة مقبولة من المرتد إذا عاد إلى الإسلام.
- الآيات نزلت لتطمين المسلمين أن رحمة الله واسعة، وليعلموا أن لا يقنطوا منها مهما عظم الذنب.
- هشام بن العاص أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان من الصحابة الأخيار.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يغفر لنا ويرحمنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه محمد بن إسحاق، قال: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر، عن عبد الله، عن أبيه عمر بن الخطاب. قال: فذكره. سيرة ابن هشام (١/ ٤٧٤ - ٤٧٦) وإسناده حسن من أجل الكلام في محمد بن إسحاق.
وأما ما رُوي عن علي بن أبي طالب: ما علمت أن أحدًا من المهاجرين هاجر إلا مختفيًا، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلّد سيفه، وتنكّب قوسه، وانتضى في يده أسهمًا، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعًا متمكنًا، ثم أتى القوم، فصلى متمكنًا، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، فقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، أو يؤتم ولده، أو يرمّل زوجه فليلقني وراء هذا الوادي.
قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم، ومضى لوجهه. فهو ضعيف.
رواه ابن عساكر في تاريخه (٤٤/ ٥١ - ٥٢).
قال أبو بكر محمد بن عبد الباقي، نا أبو محمد الجوهري إملاءً، أنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الحافظ، نا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزّاني - بالبصرة - نا الزبير بن محمد بن خالد العثماني - بمصر سنة خمس وستين ومائتين - نا عبد الله بن القاسم الأيلي - عن أبيه، عن عقيل بن خالد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس قال: قال لي علي بن أبي طالب، فذكره.
ورواه أيضًا ابن الأثير في أسد الغابة (٤/ ٥٨) من طريق محمد بن عبد الباقي بإسناده نحوه.
وفيه رجال لا يعرفون.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 157 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اتّعد عمر وعياش وهشام للهجرة إلى المدينة

  • 📜 حديث: اتّعد عمر وعياش وهشام للهجرة إلى المدينة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اتّعد عمر وعياش وهشام للهجرة إلى المدينة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اتّعد عمر وعياش وهشام للهجرة إلى المدينة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اتّعد عمر وعياش وهشام للهجرة إلى المدينة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب