عن ابن عباس في تفسير الذين عقدت أيمانكم ونسخ الميراث

حديث: عن ابن عباس في تفسير الذين عقدت أيمانكم ونسخ الميراث

عن ابن عباس أنه قال في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ [النساء: ٣٣].
قال: ورثة ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣٣] كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجريُّ الأنصاريَّ دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النبي ﷺ بينهم. فلما نزلت: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ نسخت، ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ من النصر والرفادة والنصيحة، وقد ذهب الميراث، ويوصي له.

صحيح: رواه البخاري في التفسير (٤٥٨٠) عن الصلت بن محمد، حدثنا أبو أسامة، عن إدريس عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله ويهدينا إلى صراطه المستقيم.
هذا الأثر المروي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يفسر لنا آية من كتاب الله ويبين لنا جانباً من التشريع الإسلامي المتدرج والحكيم. وإليك الشرح الوافي:
### أولاً. شرح المفردات
● مَوَالِيَ: جمع مولى، والمقصود به هنا الورثة، أي الذين يتولون أمر الميت من جهة الميراث.
● عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ: أي حلفتم معهم وعاهدتموهم بالموالاة والنصرة. والعقد هنا هو الحلف والعهد.
● المهاجريُّ: هو المسلم الذي هاجر من مكة إلى المدينة.
● الأنصاريُّ: هو المسلم من أهل المدينة الذين نصروا رسول الله ﷺ والمهاجرين.
● آخى بينهم: أي جعل بينهم عقد أخوة في الدين، فصار المهاجري والأَنصاري يتوارثان بهذه الأخوة.
● نَسَخَتْ: أي أبطلت حكم الأخوة في الميراث، وحل محلها حكم الميراث بالقرابة.
● النَّصْر والرِّفَادَة والنُّصْحَة: النصر: المعونة والمناصرة- الرِّفادة: الإعانة بالمال والطعام- النصيحة: أن ينصح بعضهم لبعض ويخلص له.
● يُوصِي له: أي أنه يجوز له أن يوصي له بجزء من ماله (في حدود الثلث) بعد موته، تكريماً لهذه الصلة.

### ثانياً. شرح الحديث والأثر
يشرح لنا ابن عباس رضي الله عنهما قول الله تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33].
ويفصل ذلك في نقاط:
1- الحال قبل نزول الآية: عندما هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة، تركوا أموالهم وديارهم وأهلهم. فآخى النبي ﷺ بين المهاجرين والأنصار، ليتعاونوا ويتناصروا، وجعل الميراث بينهم بهذه الأخوة الإيمانية، وليس بالقرابة والنسب. فكان المهاجري يرث أنصاره (أخاه في الله) الذي آخاه النبي ﷺ بينهما، ولا يرثه أقاربه من غير المهاجرين لو كان لهم.
2- نزول الآية ونَسْخ الحكم: عندما نزلت الآية الكريمة {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}، بيَّنت أن الورثة الحقيقيين هم أولوا الأرحام (الوالدان والأقربون)، فنسخت حكم التوارث بالحلف والأخوة الإيمانية. وعاد الميراث إلى أصله، وهو القرابة والنسب.
3- البقاء على معنى الموالاة والنصرة: بين ابن عباس أن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} لم يعد له حكم في الميراث بعد النسخ، ولكن بقي له معنى آخر عظيم، وهو الموالاة والنصرة والنصيحة والإعانة بالمال (الرفادة). فما زال عقد الحلف يوجب حقوقاً أخروية وأدبية واجتماعية، لكنه لا يوجب حقاً مالياً إلزامياً (كالميراث).
4- الوصية بدلاً من الميراث: بما أن الميراث قد نسخ، فقد بيَّن ابن عباس أن من أراد أن يكرم صاحبه الذي عاقده باليمين (حلفائه)، فليس له أن يورثه، ولكن له أن يوصي له في ماله بحدود الثلث، تكريماً لهذه الصلة ووفاءً بذلك العهد.

### ثالثاً. الدروس المستفادة
1- حكمة التشريع الإسلامي: في هذا الأثر بيان واضح لمرونة التشريع الإسلامي ومراعاته للظروف. فشرع التوارث بالأخوة في بداية الهجرة لحاجة المجتمع الجديد إلى التماسك والتكافل، ثم نسخه عندما استقر الأمر وعاد الناس إلى أهليهم، ليبقى الميراث للنسب محفوظاً.
2- تقديم روابط الدم والنسب: أقر الإسلام أن أقوى الروابط وأحقها بالتملك هي روابط القرابة والنسب، فهي الركن الأساسي في نظام الميراث.
3- الحفاظ على الحقوق المعنوية:رغم أن نسخ الميراث بالحلف، لكن الإسلام حافظ على الحقوق المعنوية والأخوية، فأمر بالوفاء بالعهد والنصرة والنصيحة، وجعل باب الوصية مفتوحاً للتبرع.
4- مكانة الصحابة وفضلهم: فيه دليل على عظيم تضحية الأنصار وإيثارهم، حيث كانوا على استعداد لأن يورثوا إخوانهم المهاجرين الذين لا قرابة بينهم.
5- فهم القرآن بالسنة: يبين هذا الأثر كيف أن فهم القرآن يحتاج إلى بيان النبي ﷺ وأقوال الصحابة الذين شهدوا التنزيل وعرفوا أسبابها.

### رابعاً. معلومات إضافية مفيدة
- هذا النوع من النسخ (إبطال حكم شرعي بحكم آخر) يدل على أن الشريعة جاءت لتحقيق مصالح العباد، وهي تشرع ما يناسب كل مرحلة.
- التوارث في الإسلام محدد بجهات محددة (الفرائض، والعصبات، وذوي الأرحام) ولا يدخله الاتفاق أو العقد إلا من خلال الوصية التي لا تتجاوز الثلث.
- حقوق الحلف والعهد باقية، وهي من مكارم الأ

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٥٨٠) عن الصلت بن محمد، حدثنا أبو أسامة، عن إدريس عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره. قال البخاري: سمع أبو أسامة إدريس، سمع إدريس طلحة، انظر للمزيد: كتاب الميراث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 194 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عن ابن عباس في تفسير الذين عقدت أيمانكم ونسخ الميراث

📜 حديث: عن ابن عباس في تفسير الذين عقدت أيمانكم ونسخ الميراث

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عن ابن عباس في تفسير الذين عقدت أيمانكم ونسخ الميراث

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عن ابن عباس في تفسير الذين عقدت أيمانكم ونسخ الميراث

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عن ابن عباس في تفسير الذين عقدت أيمانكم ونسخ الميراث

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية