حديث: أول آية نزلت في القتال: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الإذن بالقتال
صحيح: رواه النسائيّ في الكبرى (١١٢٨٣) عن زكريا بن يحيى، حَدَّثَنَا محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، حَدَّثَنَا سلْمويه أبو صالح، أخبرنا عبد الله، عن يونس، عن الزهري فذكره.
![عن الزهري قال: فكان أول آية نزلت في القتال كما أخبرني عروة، عن عائشة: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: ٤٠]، ثم أذن بالقتال في آي كثير من القرآن. عن الزهري قال: فكان أول آية نزلت في القتال كما أخبرني عروة، عن عائشة: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: ٤٠]، ثم أذن بالقتال في آي كثير من القرآن.](img/Hadith/hadith_8647.png)
شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الإمام الزهري، يرويه عن عروة بن الزبير، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يتناول نقطة محورية في تاريخ الدعوة الإسلامية، وهي بداية تشريع القتال والجهاد في سبيل الله.
أولاً. شرح المفردات:
● أُذِنَ: أُعطِي الإذن والفُسحة والشَّرعية.
● يُقَاتَلُونَ: يُحارَبون ويُعتدى عليهم. والصيغة تدل على أن القتال وقع عليهم أولاً، فهم يدافعون عن أنفسهم.
● بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا: بسبب أنهم وقع عليهم الظلم والاعتداء في دينهم وأنفسهم وأموالهم.
● لَقَدِيرٌ: على نصرهم، أي شديد القدرة لا يعجزه شيء.
● لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ: صاحب القوة التامة والعزة التي لا تُرام، فلا يغالَب.
ثانيًا. شرح الحديث ومعناه:
يخبرنا هذا الأثر على لسان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي من هو أعلم الناس بسنته وحياته صلى الله عليه وسلم، عن المرحلة التأسيسية لتشريع الجهاد في الإسلام.
1- المرحلة المكية: الصبر والكف عن القتال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة ثلاثة عشر عامًا يعانون من أشد أنواع الظلم والتعذيب والاضطهاد. كان الأمر الإلهي لهم هو الصبر والعفو وكف الأيدي، كما في قوله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85]. لم يُؤذن لهم بالقتال رغم شدة الأذى.
2- بداية الإذن بالقتال بعد الهجرة: بعد الهجرة إلى المدينة، وبناء الدولة الإسلامية الناشئة، ووجود دار للإسلام وأمة قادرة على الدفاع، أنزل الله تعالى الإذن بالقتال. وكانت أول آية نزلت في هذا الشأن هي قوله تعالى من سورة الحج:
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ...} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 39-40].
3- طبيعة هذا الإذن الأولى: لاحظ دقة التعبير في الآية:
● {يُقَاتَلُونَ}: (صيغة المبني للمجهول) أي أنهم موضوع القتال وليسوا فاعليه، فهم يُحارَبون أولاً. وهذا يؤسس لمبدأ القتال الدفاعي، ردًا على العدوان.
● {بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}: بيان العلة والسبب، وهو دفع الظلم الواقع عليهم. لقد ظُلموا بإخراجهم من ديارهم وأموالهم لمجرد إيمانهم.
● وعد النصر: المقترن بصفات الله القدرة والقوة والعزة، ليطمئن قلوب المؤمنين ويقوّي عزائمهم.
4- التدرج في التشريع: كما أفاد الأثر، لم يتوقف الأمر عند هذه الآية، بل تلاها "آي كثير من القرآن" تشرع للقتال وتبين أحكامه وأهدافه النبيلة، مثل:
- قتال من يقاتل المسلمين: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190].
- ثم شرع قتال المشركين كافة حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- الحكمة والتدرج في التشريع الإسلامي: يظهر من هذا الأثر عظمة التشريع الإسلامي الذي يراعي ظروف الناس وقدراتهم، ولم يأمر بالجهاد إلا بعد تهيئة الأسباب وبناء القوة القادرة على تحمله.
2- مشروعية الدفاع عن النفس والعقيدة: الإسلام شرع القتال لدفع العدوان والظلم وحماية حرية الاعتقاد، وليس عدوانًا أو طمعًا في دنيا. قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40].
3- الربط بين الإيمان والتوكل على الله: إذن القتال مقترن بالتذكير بقدرة الله وعزته، ليكون الدافع إيمانياً بحتاً، وليتوكل المسلمون على الله حق توكله.
4- الرد على شبهة انتشار الإسلام بالسيف: هذا الأثر والآية التي ذكرته أقوى دليل على بطلان هذه الفرية، فالإسلام منع القتال سنوات طوالاً رغم الظلم، ثم أذن به فقط للدفاع عن المظلومين، ولم يأمر بالاعتداء على أحد.
5- مكانة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها العلمية: فهي منارة في رواية الحديث وشرح أحداث السيرة النبوية وتفسير القرآن، مما يدل على سعة علمها وفقهها رضي الله عنها.
والله أعلم، وصلى
تخريج الحديث
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٧/ ٢٨٠): «إسناده صحيح».
وعبد الله هو ابن المبارك، والراوي عنه سلمويه هو سليمان بن صالح الليثيّ، وسلمويه لقبه من رجال الصَّحيح.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 204 من أصل 1279 حديثاً له شرح
- 179 أم معبد تصف النبي ﷺ: ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن...
- 180 خروج النبي ﷺ من الغار مهاجرًا مع أبي بكر
- 181 المسلمون يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرون رسول الله
- 182 اللهم اصرعه فصرعه الفرس
- 183 قدم رسول الله ﷺ وما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء...
- 184 لعب الحبشة بحرابهم فرحًا بقدوم رسول الله ﷺ المدينة.
- 185 هاد يهديني
- 186 ركب رسول الله ﷺ راحلته وسار يمشي معه الناس.
- 187 دعوها فإنها مأمورة
- 188 نزول النبي ﷺ جانب الحرة وبعثه إلى الأنصار
- 189 أبو أيوب يكره ما يكره النبي ﷺ
- 190 لما نزل عليّ رسول الله قلت: إني أكره أن أكون...
- 191 بناء المسجد النبوي وموقف بني النجار من ثمن الأرض
- 192 ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى...
- 193 جبريل عدو اليهود من الملائكة
- 194 عن ابن عباس في تفسير الذين عقدت أيمانكم ونسخ الميراث
- 195 دلّني على السوق
- 196 لا حلف في الإسلام وقد حالف رسول الله بين قريش...
- 197 عثمان بن مظعون طار له سهمه في السكنى حين أقرعت...
- 198 آخى رسول الله ﷺ بين أبي عبيدة بن الجراح وأبي...
- 199 حالف رسول الله ﷺ بين قريش والأنصار في داره بالمدينة.
- 200 رد النبي ﷺ إلى أمه عذاقها وأعطى أم أيمن مكانهن
- 201 ما رأيناه قوما أبذل من كثير، ولا أحسن مواساة من...
- 202 لا يحل لمسلم أن يتولى مولى رجل مسلم بغير إذنه
- 203 أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن
- 204 أول آية نزلت في القتال: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
- 205 غزوت مع رسول الله تسع عشرة غزوة
- 206 كم غزا النبي من غزوة؟
- 207 غزا مع النبي ست عشرة غزوة
- 208 غزوت مع النبي ﷺ خمس عشرة
- 209 غزوت مع النبي ﷺ سبع غزوات
- 210 لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم
- 211 كم غزا النبي ﷺ من غزوة
- 212 بعث النَّبِيّ ﷺ رهطًا وأمرهم بعدم إكراه أحد على المسير
- 213 لم أتخلف عن رسول الله في غزوة غزاها إلا في...
- 214 خروج رسول الله ﷺ لملاقاة قافلة أبي سفيان التجارية
- 215 بعث رسول الله ﷺ بسيسة عينًا ينظر ما صنعت عير...
- 216 رؤيا عاتكة قبل معركة بدر بثلاث ليال
- 217 لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها
- 218 لن نكون كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك...
- 219 من نحن نقول للمؤمنين: نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين...
- 220 من كان ظهره حاضرًا فليركب معنا
- 221 قطع الأجراس من أعناق الإبل في غزوة بدر
- 222 دعاء النبي في غزوة بدر اللهم انشدك عهدك ووعدك
- 223 اللهم إنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد
- 224 من شهد بدرًا عدة أصحاب طالوت
- 225 استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر
- 226 نظر رسول الله ﷺ إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة...
- 227 اللهم إنهم حفاة فاحملهم اللهم إنهم عراة فاكسهم
- 228 عدّة أهل بدر كعدّة أصحاب طالوت
معلومات عن حديث: أول آية نزلت في القتال: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
📜 حديث: أول آية نزلت في القتال: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أول آية نزلت في القتال: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أول آية نزلت في القتال: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أول آية نزلت في القتال: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








