من شهد بدرًا عدة أصحاب طالوت

حديث: من شهد بدرًا عدة أصحاب طالوت

عن البراء قال: حَدَّثَنِي أصحاب محمد ﷺ ممن شهد بدرًا أنهم كانوا عِدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر: بضعة عشر وثلاث مئة، قال البراء: لا، والله ما جاوز معه النهر إِلَّا مؤمن.

صحيح: رواه البخاري في المغازي (٣٩٥٧) عن عمرو بن خالد، حَدَّثَنَا زهير، حَدَّثَنَا أبو
إسحاق (هو السبيعي) قال: سمعت البراء يقول: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي سألت عنه رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يشير إلى قصة نبي الله طالوت وجنوده، ويقيم النبي صلى الله عليه وسلم مقارنة بينها وبين غزوة بدر، وسأشرحه لك على النحو التالي:
### أولاً. نص الحديث وروايته
● الراوي: هو الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه.
● المتن: يخبر البراء أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهدوا غزوة بدر أخبروه أن عددهم كان بمثابة عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، وكانوا "بضعة عشر وثلاثمئة" (أي: حوالي 313 أو 314 رجلاً). ثم يؤكد البراء بقسمه: "لا والله ما جاوز معه النهر إلا مؤمن".

### ثانياً. شرح المفردات
1- أصحاب طالوت: هم جنود الملك الصالح طالوت، الذي اختاره الله لملك بني إسرائيل وقادهم في حربهم ضد جالوت وجيشه. والقصة مذكورة في سورة البقرة (آيات 246-251).
2- جاوزوا معه النهر: المقصود هنا النهر الذي أمرهم طالوت باجتيازه كاختبار لإيمانهم وصبرهم، كما قال تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة: 249]. فمن شرب منه بكثرة فقد فشل في الاختبار، ومن صبر ولم يشرب أو اغترف غرفة واحدة فقد نجح.
3- بضعة عشر وثلاث مئة: البضعة تطلق على العدد من 3 إلى 9، أي أن العدد كان بين 313 و319 رجلاً. وهذا هو بالضبط عدد المسلمين الذين شاركوا في غزوة بدر الكبرى، وكانوا 313 أو 314 رجلاً.

### ثالثاً. شرح الحديث والمعنى الإجمالي
1- المقارنة العددية: يشير الحديث إلى أن عدد جيش النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر كان مطابقًا لعدد جنود طالوت المخلصين الذين نجحوا في اختبار النهر. وهذه المقارنة ليست صدفة، بل هي إشارة إلى أن النصر من عند الله، لا بالعدد والعدة. فكما انتصر طالوت وجنوده المؤمنون القلة على جالوت وجيشه الجبار، انتصر المسلمون القلة في بدر على كفار قريش وكثرتهم.
2- تأكيد البراء بن عازب: عندما يقسم البراء رضي الله عنه ويقول: "لا والله ما جاوز معه النهر إلا مؤمن"، فهو يؤكد المعنى الروحي والعقائدي العميق للقصة. فالذين اجتازوا النهر ولم يشربوا إلا قليلاً هم الذين ثبت إيمانهم ويقينهم وطاعتهم لله ولقائدهم. فلم تكن الغلبة للقوة الجسدية، بل للقوة الإيمانية والصدق مع الله.
3- العبرة في النوع لا في العدد: يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوضح لأصحابه – ومن بعدهم للأمة – أن قيمة الأمة في إيمانها وإخلاصها، لا في كثرتها العددية. فالفئة القليلة المؤمنة الصادقة خير وأعز عند الله من الجموع الهائلة المنقسمة الضعيفة الإيمان.

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- النصر من عند الله: الحديث يغرس في نفوس المؤمنين يقينًا بأن النصر والهزيمة بيد الله تعالى، وهو الذي ينصر عباده المؤمنين ولو كانوا قلة.
2- اختبار الله لعباده: كما اختبر الله جنود طالوت بالنهر، يختبر الله المؤمنين في كل زمان ومكان بالشدائد والمحن ليُمحص إيمانهم ويزيد درجاتهم.
3- قيمة الطاعة والانضباط: كان نجاح الجنود في اختبار النهر نتيجة طاعتهم العمياء لأمر قائدهم طالوت، الذي كان ينفذ أمر الله. وهذا درس في وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف واتباع الشرع.
4- التأسّي بالأنبياء والصالحين: يقود النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه للتأسي بقصة نبي الله طالوت، ليعلموا أن سنن الله في نصر المؤمنين واحدة لا تتغير.
5- مكانة غزوة بدر: هذه المقارنة ترفع من مكانة غزوة بدر وتظهر عظمتها، حيث شبهها النبي صلى الله عليه وسلم بمعجزة من معجزات نبي من أنبياء الله السابقين.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن ينصرنا بنصره إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٣٩٥٧) عن عمرو بن خالد، حَدَّثَنَا زهير، حَدَّثَنَا أبو
إسحاق (هو السبيعي) قال: سمعت البراء يقول: فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 224 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من شهد بدرًا عدة أصحاب طالوت

📜 حديث: من شهد بدرًا عدة أصحاب طالوت

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من شهد بدرًا عدة أصحاب طالوت

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من شهد بدرًا عدة أصحاب طالوت

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من شهد بدرًا عدة أصحاب طالوت

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية