حديث: لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتويناها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في مناجاة النَّبِي ﷺ ربه ونزول الملائكة وقتالهم مع المسلمين

عن علي قال: لما قدّمنا المدينة أصبنا من ثمارها، فاجتويناها وأصابنا بها وعك، وكان النَّبِي ﷺ يتخبر عن بدر، فلمّا بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله ﷺ إلى بدر، وبدر بئر، فسبقنا المشركين إليها، فوجدنا فيها رجلين منهم، رجلًا من قريش، ومولى لعقبة بن أبي معيط، فأما القرشي فانفلت، وأمّا مولى عقبة فأخذناه، فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول: هم والله! كثير عددهم، شديد بأسهم، فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه، حتَّى انتهوا به إلى النَّبِي ﷺ فقال له: «كم القوم؟» قال: هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم. فجهد النَّبِي ﷺ أن يخبره كم هم، فأبى، ثمّ إن النَّبِي ﷺ سأله: «كم ينحرون من الجزور؟» فقال: عشرًا كل يوم. فقال رسول الله ﷺ: «القوم ألف، كل جزور لمئة وتبعها» ثمّ إنه أصابنا من الليل طش من مطر، فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها، من المطر، وبات رسول الله ﷺ يدعو ربه عز وجل، ويقول: «اللهم إنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد» قال: فلمّا طلع الفجر نادى: «الصّلاة عباد الله» فجاء الناس من تحت الشجر والحجف، فصلى بنا رسول الله ﷺ، وحرض على القتال، ثمّ قال: «إنَّ جمع قريش تحت هذه الضلع الحمراء من الجبل».
فلمّا دنا القوم منا وصاففناهم، إذا رجل منهم على جمل له أحمر يسير في القوم، فقال رسول الله ﷺ: «يا علي! ناد لي حمزة - وكان أقربهم من المشركين - من صاحب الجمل الأحمر، وماذا يقول لهم؟» ثمّ قال رسول الله: ﷺ «إن يكن في القوم أحد يأمر بخير، فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر» فجاء حمزة فقال: هو عتبة بن ربيعة، وهو ينهى عن القتال، ويقول لهم: يا قوم! إني أرى قومًا مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم خير، يا قوم! اعصبُوها اليوم برأسي، وقولوا: جبن عتبة بن ربيعة، وقد علمتم أني لست بأجبنكم، قال: فسمع ذلك أبو جهل، فقال: أنت تقول هذا؟ والله لو غيرك يقول هذا لأعضضته، قد ملأت رئتُك جوفَك رعبًا. فقال عتبة: إياي تعير يا مصفر استه؟ ستعلم اليوم أينا الجبان.
قال: فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية، فقالوا: من يبارز؟ فخرج فتية من الأنصار ستة، فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن يبارزنا من بني عمنا، من بني عبد
المطلب، فقال رسول الله ﷺ: «قم يا علي! وقم يا حمزة! وقم يا عبيدة بن الحارث بن المطلب!» فقتل الله تعالى عتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة، وجرح عبيدة، فقتلنا منهم سبعين، وأسرنا سبعين، فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا، فقال العباس: يا رسول الله! إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح، من أحسن الناس وجهًا، على فرس أبلق، ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال: «اسكت، فقد أيدك الله تعالى بملك كريم» فقال علي: فأسرنا من بني عبد المطلب: العباس، وعقيلًا، ونوفل بن الحارث.

صحيح: رواه أحمد (٩٤٨) والبزّار - كشف الأستار (١٧٦١) كلاهما من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي فذكره.

عن علي قال: لما قدّمنا المدينة أصبنا من ثمارها، فاجتويناها وأصابنا بها وعك، وكان النَّبِي ﷺ يتخبر عن بدر، فلمّا بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله ﷺ إلى بدر، وبدر بئر، فسبقنا المشركين إليها، فوجدنا فيها رجلين منهم، رجلًا من قريش، ومولى لعقبة بن أبي معيط، فأما القرشي فانفلت، وأمّا مولى عقبة فأخذناه، فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول: هم والله! كثير عددهم، شديد بأسهم، فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه، حتَّى انتهوا به إلى النَّبِي ﷺ فقال له: «كم القوم؟» قال: هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم. فجهد النَّبِي ﷺ أن يخبره كم هم، فأبى، ثمّ إن النَّبِي ﷺ سأله: «كم ينحرون من الجزور؟» فقال: عشرًا كل يوم. فقال رسول الله ﷺ: «القوم ألف، كل جزور لمئة وتبعها» ثمّ إنه أصابنا من الليل طش من مطر، فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها، من المطر، وبات رسول الله ﷺ يدعو ربه ﷿، ويقول: «اللهم إنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد» قال: فلمّا طلع الفجر نادى: «الصّلاة عباد الله» فجاء الناس من تحت الشجر والحجف، فصلى بنا رسول الله ﷺ، وحرض على القتال، ثمّ قال: «إنَّ جمع قريش تحت هذه الضلع الحمراء من الجبل».
فلمّا دنا القوم منا وصاففناهم، إذا رجل منهم على جمل له أحمر يسير في القوم، فقال رسول الله ﷺ: «يا علي! ناد لي حمزة - وكان أقربهم من المشركين - من صاحب الجمل الأحمر، وماذا يقول لهم؟» ثمّ قال رسول الله: ﷺ «إن يكن في القوم أحد يأمر بخير، فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر» فجاء حمزة فقال: هو عتبة بن ربيعة، وهو ينهى عن القتال، ويقول لهم: يا قوم! إني أرى قومًا مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم خير، يا قوم! اعصبُوها اليوم برأسي، وقولوا: جبن عتبة بن ربيعة، وقد علمتم أني لست بأجبنكم، قال: فسمع ذلك أبو جهل، فقال: أنت تقول هذا؟ والله لو غيرك يقول هذا لأعضضته، قد ملأت رئتُك جوفَك رعبًا. فقال عتبة: إياي تعير يا مصفر استه؟ ستعلم اليوم أينا الجبان.
قال: فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية، فقالوا: من يبارز؟ فخرج فتية من الأنصار ستة، فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن يبارزنا من بني عمنا، من بني عبد
المطلب، فقال رسول الله ﷺ: «قم يا علي! وقم يا حمزة! وقم يا عبيدة بن الحارث بن المطلب!» فقتل الله تعالى عتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة، وجرح عبيدة، فقتلنا منهم سبعين، وأسرنا سبعين، فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا، فقال العباس: يا رسول الله! إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح، من أحسن الناس وجهًا، على فرس أبلق، ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال: «اسكت، فقد أيدك الله تعالى بملك كريم» فقال علي: فأسرنا من بني عبد المطلب: العباس، وعقيلًا، ونوفل بن الحارث.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يروي لنا أحداث غزوة بدر الكبرى، وهي أول معركة فاصلة في الإسلام، وقد وقعت في السنة الثانية للهجرة. وسأشرح هذا الحديث شرحًا وافيًا وفقًا لما ورد في كتب أهل السنة والجماعة، معتمدًا على كبار الشروح مثل "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني، و"شرح النووي على صحيح مسلم"، و"زاد المعاد" لابن القيم، وغيرها.

أولًا:

شرح المفردات:
● اجتويناها: أصابنا الجوى، وهو مرض يصيب الإنسان من سوء تغذية أو منعكسات التغير المناخي، ويشبه الدوسنتاريا أو الإعياء الشديد.
● وعك: الحمى التي تصيب الإنسان عند تغير المناخ أو الانتقال إلى بيئة جديدة.
● يتخبر عن بدر: يستطلع أخبار العدو المتجه إلى بدر.
● بئر: البئر التي كانت في منطقة بدر، وكانت محطة للسقاية والتزود بالماء.
● انفلت: هرب ونجا.
● ضربوه: لأنه كان يخوفهم بكثرة العدو وقوته.
● ينحرون من الجزور: عدد الإبل التي يذبحونها يوميًا للطعام.
● طش من مطر: مطر خفيف.
● الحجف: الدروع أو الأغطية التي يسترون بها أنفسهم.
● يستظل: يلجأ إلى الظل.
● ضلع حمراء: جزء من الجبل أحمر اللون.
● صاففناهم: اصطففنا للقتال مقابلهم.
● مستميتين: يقاتلون حتى الموت ولا يهربون.
● اعصبوها اليوم برأسي: اجعلوا رأسي فداءً لكم، أي اقبلوا نصيحتي ولو كلفني ذلك حياتي.
● برز: خرج للمبارزة.
● أبلق: الفرس الذي لونه أبيض وأسود.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بوصول المسلمين إلى المدينة المنورة بعد الهجرة، وإصابتهم بمرض بسبب تغير المناخ والطعام، مما أضعفهم. ثم بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن قريشًا قد خرجت بقافلة كبيرة بقيادة أبي سفيان، فقرر الخروج لاعتراضها، لكن القافلة نجت، بينما خرج جيش قريش للقتال. فسار النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر لملاقاتهم.
سبق المسلمون المشركين إلى بئر بدر، واستولوا عليها، وأسروا رجلين منهم، أحدهما هرب والآخر أخذوه. وحين سألوه عن عدد المشركين، كان يخوفهم بكثرة عددهم وقوتهم، فضربوه حتى أتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فسأله النبي عن عددهم، فأصر على التخويف، فسأله النبي عن عدد الإبل التي يذبحونها يوميًا للطعام، فقال: عشرًا. فاستنتج النبي أن عددهم ألف رجل، لأن كل جزور (بعير) تكفي لمائة شخص تقريبًا.
ثم نزل مطر خفيف ليلًا، فاستظل المسلمون تحت الأشجار والدروع، بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن ينصرهم، ويقول: "اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد"، أي إذا هلك المسلمون فلن يعبد الله في الأرض بعد ذلك. وهذا يدل على عظم المسؤولية وأن الإسلام كان في بدايته.
فلما طلع الفجر، صلى النبي بالمسلمين، وحثهم على القتال، وأخبرهم أن قريشًا تحت جزء أحمر من الجبل. ثم لما اقترب العدو، رأى النبي رجلًا على جمل أحمر يسير بينهم، فظن أنه عتبة بن ربيعة، الذي كان معروفًا بالحكمة والعقل، فأرسل عليًا لينادي حمزة ليعرف من هو. فعلم أن عتبة ينصح قريشًا بعدم القتال، لأن المسلمين يقاتلون ببسالة، ولكن أبا جهل (عمرو بن هشام) أسكته واتهمه بالجبن.
ثم برز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد للمبارزة، فخرج ستة من الأنصار، لكن عتبة طلب من بني عمه (بني عبد المطلب) لأنهم أنداد لهم. فأمر النبي عليًا وحمزة وعبيدة بن الحارث بالمبارزة، فقتلوا الثلاثة، لكن عبيدة جُرح. ثم دارت المعركة، وقتل المسلمون سبعين من المشركين وأسروا سبعين.
وجاء أنصاري قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا، لكن العباس أنكر ذلك، وقال: إن الذي أسره رجل جميل الوجه على فرس أبلق، فكذبه الأنصاري، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسكت، فقد أيدك الله تعالى بملك كريم"، أي أن ملكًا من الملائكة ساعدك في الأسر، لكنه لم يظهر للناس. وهذا من إعجاز الغيب وأثر الملائكة في الغزوة.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي صلى الله عليه وسلم خطط وسأل عن عدد العدو، واستنتج من ذبح الإبل عددهم، ثم دعا الله بعد ذلك.
2- دعاء النبي واستغاثته بربه: في أحرج اللحظات، كان النبي يدعو الله، وهذا درس في اللجوء إلى الله عند الشدائد.
3- ثبات النبي وحكمته: رغم قلة عدد المسلمين (حوالي 313) وكثرة المشركين (حوالي 1000)، إلا أن النبي كان ثابتًا وحكيمًا في قيادته.
4- نصرة الله للمؤمنين: نصر الله المسلمين بالملائكة، كما في قصة الأسر بالعباس، وفي القرآن: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} [
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٩٤٨) والبزّار - كشف الأستار (١٧٦١) كلاهما من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي فذكره. واللّفظ لأحمد.
ورواه أبو داود (٢٦٦٥) وصحّحه الحاكم (٣/ ١٩٤) والبيهقي في الدلائل (٣/ ٤٢) كلّهم من طرق عن إسرائيل به جزءًا منه. وإسناده صحيح.
وأورده الهيثمي في «المجمع» (٦/ ٧٥ - ٧٦) وقال: رواه أحمد والبزّار، ورجال أحمد رجال الصَّحيح غير حارثة بن مضرّب وهو ثقة.
قال الأعظمي: كلام الهيثمي يشعر بأن البزّار رواه من طريق آخر، وهو ليس كما قال. وأمّا حارثة بن مضرّب - بتشديد الراء المكسورة - فقد وثّقه ابن معين وغلط من نقل عن ابن المديني أنه تركه.
وقوله: «لأعضضته» من العض بالنواجذ أي قلت له: اعضض هن أبيك.
وقوله: «يا مصفر استه»، والاست هو الدبر أي رماه بالأبنة، وأنه كان يزعفر استه، وقيل: هي كلمة تقال للمتنعم المترف الذي لم تحنكه التجارب والشدائد. قاله ابن الأثير في النهاية.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 248 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتويناها

  • 📜 حديث: لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتويناها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتويناها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتويناها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتويناها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب