حديث: خرج النبي ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تشاور النَّبِيّ ﷺ عند غدير الأشطاط وأنه لا يريد القتال

عن عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم - يزيد أحدهما على صاحبه - قالا: خرج النَّبِيّ ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلمّا أتى ذا الحليفة، قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة، وبعث عينًا له من خزاعة، وسار النَّبِيّ ﷺ حتَّى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه، قال: إن قريشًا جمعوا لك جموعًا، وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت، ومانعوك. قال: «أشيروا أيها الناس علي، أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله عز وجل قد قطع عينًا من المشركين وإلا تركناهم محروبين». قال أبو بكر: يا رسول الله! خرجت عامدًا لهذا البيت، لا تريد قتل أحد، ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه. قال: «امضوا على اسم الله».

صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (٤١٧٩، ٤١٧٨) حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد، حَدَّثَنَا سفيان (هو ابن عيينة) قال: سمعت الزهري حين حدّث هذا الحديث حفظت بعضه، وثبتني معمر، عن عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، قالا: فذكراه.

عن عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم - يزيد أحدهما على صاحبه - قالا: خرج النَّبِيّ ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلمّا أتى ذا الحليفة، قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة، وبعث عينًا له من خزاعة، وسار النَّبِيّ ﷺ حتَّى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه، قال: إن قريشًا جمعوا لك جموعًا، وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت، ومانعوك. قال: «أشيروا أيها الناس علي، أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله ﷿ قد قطع عينًا من المشركين وإلا تركناهم محروبين». قال أبو بكر: يا رسول الله! خرجت عامدًا لهذا البيت، لا تريد قتل أحد، ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه. قال: «امضوا على اسم الله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، يروي لنا قصة صلح الحديبية، وهي من الأحداث الفاصلة في تاريخ الدعوة الإسلامية، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● بضع عشرة مائة: أي ما بين عشرة إلى تسعة عشر ألفاً، والمقصود هنا ألف وأربعمائة صحابي.
● ذا الحليفة: مكان معروف قرب المدينة المنورة، وهو ميقات أهل المدينة للإحرام.
● قلد الهدي: وضع قلادة في عنق البدنة (الإبل أو البقر المعدة للهدي) ليعرف أنها هدي.
● أشعره: أي جعل في جانب سنام البعير أثراً بآلة حادة حتى يسيل دمه، وهي علامة على أنه هدي.
● أحرم منها بعمرة: دخل في نسك العمرة من ذلك الميقات.
● عينًا له: جاسوساً أو كاشفاً لأخبار العدو.
● غدير الأشطاط: مكان بين مكة والمدينة فيه ماء.
● الأحابيش: هم حلفاء قريش من قبائل أخرى مثل بني المصطلق وغيرهم.
● مقاتلوك: سيقاتلونك.
● صادوك: يمنعونك.
● مانعوك: يدفعونك عن البيت.
● أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء: أي أهاجم نساءهم وأطفالهم في ديارهم ليشغلوا عنا.
● محروبين: منهزمين، أو في حالة حرب وذل.

ثانياً. شرح الحديث:


يصف هذا الحديث موقفاً حاسماً في طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأداء العمرة في السنة السادسة للهجرة، والمعروفة بصلح الحديبية.
1- الخروج والإحرام: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة بقرابة 1400 من أصحابه، متوجهين إلى مكة لأداء العمرة، وليس للقتال. وعند وصولهم إلى ميقات ذي الحليفة، أحرم النبي وأصحابه بالعمرة، وأشعر الهدي وقلده ليبينوا أن قصدهم العبادة والسلم.
2- استخبار أخبار العدو: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عيناً (جاسوساً) من قبيلة خزاعة (وهي حليفة للمسلمين) ليعلم أخبار قريش ونواياهم.
3- نبلاء قريش يتجهزون للقتال: عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى غدير الأشطاط، جاءه عينه وأخبره أن قريشاً قد جمعت جيوشها وحلفاءها (الأحابيش) لمنع المسلمين من دخول مكة، ونيتهم القتال وصد المسلمين عن البيت الحرام.
4- استشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: هنا يظهر أدب النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته في القيادة، حيث شاور أصحابه في أمر لم ينزل فيه وحي مباشر. وطرح عليهم خياراً تكتيكياً: هل يهاجمون ديار قريش (نساءهم وأطفالهم) ليشغلوهم عن صد المسلمين، مما قد يؤدي إلى أحد نتيجتين: إما أن يهزم المشركين، أو يتركهم في حالة ذل وهزيمة.
5- رد أبي بكر الصديق رضي الله عنه: بفهمه العميق لنية النبي صلى الله عليه وسلم ومقصد هذه الرحلة، أجاب أبو بكر بحكمة: إننا خرجنا لزيارة البيت عبادةً، ولسنا بخارجين لقتال أحد، فمن صدنا عن هذا المقصد الشرعي قاتلناه دفاعاً عن حقنا في العبادة. فهو يرفض فكرة الهجوم على الذراري لأنه لا يتناسب مع المقصد الأساسي من الرحلة.
6- قرار النبي صلى الله عليه وسلم: وافق النبي صلى الله عليه وسلم على رأي أبي بكر، وأمرهم بالمضي قدماً على بركة الله، مؤكداً على النية الأصلية وهي العمرة، مع الاستعداد للدفاع إذا تعرضوا للصد.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضل الشورى: الحديث يظهر أهمية الشورى في حياة المسلم، حتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد بالوحي يشاور أصحابه. قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}.
2- الحكمة في القيادة: النبي صلى الله عليه وسلم قدم خياراً تكتيكياً لاختبار رد فعل أصحابه وليعلم مدى استيعابهم للهدف الأصلي.
3- فقه أبي بكر وفضله: كان رده رضي الله عنه مثالاً للفقه العميق和理解 النوايا والمقاصد الشرعية، حيث ميز بين الهجوم والدفاع.
4- التيسير وعدم التشدد: الأصل في زيارة البيت هو السلم والعبادة، والقتال يكون رداً للاعتداء ودفعاً للصد.
5- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: أمرهم بالمضي على اسم الله، بعد الأخذ بالاستخبارات والمشورة.
6- عزة المسلمين مع عدم الاعتداء: إظهار القوة والاستعداد دون البدء بالعدوان.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث هو مقدمة لوقائع صلح الحديبية، الذي كان بداية لنصر كبير وفتح مبين، حيث قال الله عنه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا}.
- من نتائج الصلح: اعتراف قريش بالدولة الإسلامية، وتمكن المسلمين من الدعوة في أوساط العرب دون خوف، مما أدى إلى دخول الناس في دين الله أفواجاً بعد ذلك.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازي (٤١٧٩، ٤١٧٨) حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد، حَدَّثَنَا سفيان (هو ابن عيينة) قال: سمعت الزهري حين حدّث هذا الحديث حفظت بعضه، وثبتني معمر، عن عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، قالا: فذكراه.
قوله: «عينًا له من خزاعة»: العين هو الجاسوس واسمه بشر بن سفيان الخزاعي.
قوله: «غدير الأشطاط»: موضع قرب عسفان على مرحلتين من مكة على طريق المدينة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 477 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خرج النبي ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه

  • 📜 حديث: خرج النبي ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خرج النبي ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خرج النبي ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خرج النبي ﷺ عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب