حديث: أمر النبي بذود وراع لقوم عكل وعرينة فقتلوا الراعي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين

عن أنس بن مالك: أن ناسًا من عكل وعرينة قدموا المدينة على النَّبِيّ ﷺ، وتكلموا بالإسلام، فقالوا: يا نبي الله! إنا كنا أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة، فأمر لهم رسول الله ﷺ بذود وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فانطلقوا حتَّى إذا كانوا ناحية الحرة، كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النَّبِيّ ﷺ، واستاقوا الذود، فبلغ النَّبِيّ ﷺ، فبعث الطلب في آثارهم، فأمر بهم، فسمروا أعينهم، وقطعوا أيديهم، وتركوا في ناحية الحرة حتَّى ماتوا على حالهم.

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤١٩٢) واللّفظ له، ومسلم في القسامة (١٦٧١: ١٤) كلاهما من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس فذكره.

عن أنس بن مالك: أن ناسًا من عكل وعرينة قدموا المدينة على النَّبِيّ ﷺ، وتكلموا بالإسلام، فقالوا: يا نبي الله! إنا كنا أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة، فأمر لهم رسول الله ﷺ بذود وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فانطلقوا حتَّى إذا كانوا ناحية الحرة، كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النَّبِيّ ﷺ، واستاقوا الذود، فبلغ النَّبِيّ ﷺ، فبعث الطلب في آثارهم، فأمر بهم، فسمروا أعينهم، وقطعوا أيديهم، وتركوا في ناحية الحرة حتَّى ماتوا على حالهم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.
### الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 233)، ومسلم في صحيحه (رقح 1671)، وغيرهما من أصحاب السنن، وهو حديث صحيح متفق على صحته.

1. شرح المفردات:


● عكل وعرينة: اسمان لقبيلتين من قبائل العرب كانتا تسكنان البادية.
● أهل ضرع: أي يعيشون على رعي الإبل والأغنام وأكل ألبانها (حياة بدوية).
● أهل ريف: أي ليسوا ممن يزرعون الأرض ويستقرون في القرى (حياة حضرية).
● استوخموا المدينة: وجدوا هواء المدينة ثقيلًا عليهم، وأصابهم المرض (ربما الحمى) فاستاءوا منه.
● الذود: القطيع من الإبل، يتراوح بين العشرة إلى الأربعين.
● الراعي: الشخص الذي يقوم برعي الإبل وحمايتها.
● ناحية الحرة: منطقة صخرية بركانية قريبة من المدينة المنورة.
● سمروا أعينهم: كحلوها بمسمار محمى بالنار، أو قلعوها.
● قطعوا أيديهم: قطعت أيديهم من خلاف (اليد اليمنى والرجل اليسرى، أو العكس).


2. شرح الحديث:


يحكي لنا هذا الحديث قصة مجموعة من أهل البادية (من قبيلتي عكل وعرينة) قدموا إلى المدينة المنورة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأعلنوا دخولهم في الإسلام. ثم شكوا للنبي صلى الله عليه وسلم أنهم اعتادوا حياة البادية ولم يألفوا حياة المدينة، وأن هواءها قد أثقل عليهم وأمرضهم (استوخموها).
فاستجاب النبي صلى الله عليه وسلم لشكواهم برحابة صدر وعطف عظيم، وأمر أن يُعطَوْا قطيعًا من الإبل (ذودًا) وراعيًا ليسوقها لهم، وأمرهم أن يخرجوا بها خارج المدينة حيث الهواء النقي، وأن يشربوا من ألبانها وأبوالها للغرض الطبي الذي كان معروفًا ومقبولًا في طب ذلك الزمان لعلاج بعض أمراض البطن.
لكن هذه الجماعة، بدلًا من أن ترد الجميل وتشكر، ارتدت عن الإسلام بعد أن نالت ما تريد، واقترفت جريمة بشعة بقتل الراعي الأمين الذي كان معهم (وهو مسلم) ثم سرقت الإبل وهربت.
فلما بلغ الخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أرسل فريقًا في طلبهم، فأمسك بهم وأحضرهم. ثم أمر صلى الله عليه وسلم أن يُنفَّذ فيهم حد الحرابة والفساد في الأرض، وهو العقوبة التي بينها الله تعالى في قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33]. فنفذ فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ما رأه مناسبًا من هذه العقوبات، وهو تقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمر أعينهم، ثم تركهم في مكانهم حتى ماتوا على حالهم تلك.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته: تجلت في استماعه لشكواهم وتلبيته لحاجتهم رغم أنهم حديثو عهد بالإسلام، مما يدل على حسن خلقه وحرصه على تيسير أمور الناس.
2- جواز التداوي بأبوال الإبل وألبانها: هذا الفعل كان خاصًا بهذه الحالة وبإذن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من الأدوية النبوية التي أثبت العلم الحديث فوائدها، لكنه لا يُعمل به إلا ضمن ضوابط شرعية وطبية.
3- خطر النفاق والارتداد: يبين الحديث صورة من صور النفاق والغدر، حيث أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر والغدر، مما يؤكد على عظمة جريمة الردة وخطرها على الفرد والمجتمع.
4- تشريع حد الحرابة: الحديث من أهم الأدلة على تطبيق حد الحرابة على من يعتدي على الأنفس والأموال ويسعى في الأرض فسادًا، وهذه العقوبة رادعة تحفظ أمن المجتمع.
5- الحكمة في تطبيق العقوبات: فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان تنفيذًا لأمر الله، وليس انتقامًا شخصيًا، وهو يهدف إلى زجر الآخرين وردعهم عن ارتكاب مثل هذه الجرائم، تحقيقًا لمقصد حفظ الأمن.
6- عدم التهاون مع المفسدين: يُستفاد من الحديث أن المجتمع الإسلامي قوي لا يهاب تطبيق العدالة حتى على من يدَّعون الانتماء إليه إذا ما أفسدوا.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي يستدل بها الفقهاء على حد الحرابة، وأن الحاكم يختار من العقوبات الأربع المذكورة في الآية ما يراه أنسب للجريمة وأردع للجناة.
- فعل النبي صلى الله عليه وسلم (السمر والقطع) كان عقوبة مقدرة شرعًا، وليس من قبيل التعذيب المنهي عنه، لأنه تنفيذ لحدود الله التي شرعها لصيانة المجتمع.
- قصة هؤلاء القوم تذكرنا بأن الإيمان ليس مجرد كلمات تقال، بل هو تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازي (٤١٩٢) واللّفظ له، ومسلم في القسامة (١٦٧١: ١٤) كلاهما من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 458 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمر النبي بذود وراع لقوم عكل وعرينة فقتلوا الراعي

  • 📜 حديث: أمر النبي بذود وراع لقوم عكل وعرينة فقتلوا الراعي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أمر النبي بذود وراع لقوم عكل وعرينة فقتلوا الراعي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أمر النبي بذود وراع لقوم عكل وعرينة فقتلوا الراعي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أمر النبي بذود وراع لقوم عكل وعرينة فقتلوا الراعي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب