حديث: من كلام عمر بن الخطاب: "والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من شهد غزوة الحديبية

عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجت مع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين! هلك زوجي وترك صبية صغارًا، والله ما ينضجون كراعًا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النَّبِيّ ﷺ، فوقف عمر ولم يمض، ثمّ قال: مرحبا بنسب قريب، ثمّ انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما، وحمل بينهما نفقة وثيابا، ثمّ ناولها بخطامه، ثمّ قال: اقتاديه، فلن يفنى حتَّى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها، قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه، ثمّ أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه.

صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (٤١٦١، ٤١٦٠) عن إسماعيل بن عبد الله، قال: حَدَّثَنِي مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: فذكره.

عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجت مع عمر بن الخطّاب ﵁ إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين! هلك زوجي وترك صبية صغارًا، والله ما ينضجون كراعًا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النَّبِيّ ﷺ، فوقف عمر ولم يمض، ثمّ قال: مرحبا بنسب قريب، ثمّ انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما، وحمل بينهما نفقة وثيابا، ثمّ ناولها بخطامه، ثمّ قال: اقتاديه، فلن يفنى حتَّى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها، قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه، ثمّ أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث العظيم الذي يروي قصة عطرة من سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه:

أولاً. شرح المفردات:


● لحقت عمر امرأة شابة: أي أدركته وسلمت عليه.
● هلك زوجي: أي مات.
● لا ينضجون كراعًا: الكراع هو العظم قليل اللحم، والمقصود أنهم لا يجدون ما يسدون به جوعهم.
● ولا لهم زرع ولا ضرع: الزرع هو الزراعة، والضرع هو المواشي، أي لا مصدر للرزق.
● أن تأكلهم الضبع: أي تخشى عليهم الموت جوعًا.
● بنت خفاف بن إيماء الغفاري: أي تنتمي إلى قبيلة غفار المعروفة.
● شهد أبي الحديبية: أي حضر بيعة الرضوان التي كانت عند الحديبية.
● بعير ظهير: أي بعير قوي يستخدم للحمل.
● غرارتين: الغرارة هي الكيس الكبير من الجلد.
● نفقة وثيابا: أي مالًا وملابس.
● ناولها بخطامه: الخطام هو حبل القيادة، أي أعطاها الحبل لتقود البعير.
● اقتاديه: أي خذيه وامشي به.
● ثكلتك أمك: كلمة يقولها العرب تعبيرًا عن الإنكار والتعجب، وليس المقصد الدعاء بالفقد.
● حاصرا حصنا زمانا: أي حاصروا قلعة أو حصنًا لمدة طويلة.
● نستفيء سهمانهما: أي ننتفع بنصيبهما من الغنائم.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي زيد بن أسلم عن أبيه أسلم (مولى عمر بن الخطاب) أنه خرج مع عمر إلى السوق، فإذا بامرأة شابة تلتفت إليه وتناديه: "يا أمير المؤمنين!"، وتشرح له حالها بأن زوجها قد توفي وترك أولادًا صغارًا لا يجدون ما يأكلونه، ولا يملكون مصدرًا للرزق، حتى أنها تخشى أن يموتوا جوعًا. ثمّ تعرّف بنفسها بأنها بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وأن أباها كان من الصحابة الذين شهدوا بيعة الرضوان تحت الشجرة.
عندما سمع عمر رضي الله عنه كلامها، وقف ولم يمشِ، واستحضر في ذهن فضل أبيها وجدهما في الإسلام، فقال: "مرحبًا بنسب قريب"، أي مرحبًا بكِ وأهلاً بسبب نسبكِ القريب من رسول الله ﷺ بواسطة صحبة أبيك. ثمّ انصرف إلى بيته وأخذ بعيرًا قويًا كان مربوطًا في داره، وحمّل عليه كيسين كبيرين مملوءين طعامًا، وأضاف بينهما مالاً وملابسًا، ثمّ ناول المرأة حبل البعير وقال لها: "اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير"، أي خذيه ولا تخافي، فهذا سيكفيكم حتى يرزقكم الله من فضله.
تعجب رجل من جودة عمر وكرمه، فقال: "يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟" أي أعطيتها كثيرًا! فرد عليه عمر ردًا حكيمًا يبين فيه فضل أبوها وجدها في الجهاد: "ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنا زمانًا فافتتحاه، ثمّ أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه"، أي كيف أبخل على ابنتهم وأنا أتذكر كيف جاهد أبوها وأخوها في سبيل الله، وحاصروا حصنًا حتى فتحوه، وصرنا ننتفع بنصيبنا من غنائم ذلك الفتح؟

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- العدل والرحمة بالرعية: يظهر من موقف عمر رضي الله عنه حرصه على سماع شكاوى الناس وتلبية حاجاتهم، خاصة الضعفاء والأيتام.
2- الوفاء للصحابة وأهل الفضل: عمر رضي الله عنه لم ينس فضل أبي المرأة وأخيها في الجهاد، فكافئهم بهذا الكرم العظيم.
3- السخاء والكرم في سبيل الله: تصرف عمر رضي الله عنه يُعد مثالاً رائعًا للإنفاق في سبيل الله، وتفقد أحوال المحتاجين.
4- الحكمة في الرد: عندما اعترض الرجل على كرم عمر، رد عليه ردًا حكيمًا يذكره بفضل أهل البيت وجهادهم.
5- العناية بأبناء الشهداء والمجاهدين: إكرام أبناء الصحابة والمجاهدين هو من صميم الدين، وتكريم لهم على ما قدموا.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذه القصة تظهر مدى حرص الخلفاء الراشدين على رعاية الرعية وتفقد أحوالهم.
- المرأة في الإسلام لها الحق في اللجوء إلى الحاكم لطلب المساعدة، وهذا من عدل الإسلام.
- القصة أيضًا تبرز أهمية الجهاد وفضله، وأن المجاهدين وأبناءهم لهم مكانة عظيمة في الإسلام.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الاقتداء بسيرة السلف الصالح، وأن يجعلنا من المتخلقين بأخلاقهم، إنه سميع مجيب.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازي (٤١٦١، ٤١٦٠) عن إسماعيل بن عبد الله، قال: حَدَّثَنِي مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 469 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كلام عمر بن الخطاب: "والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا

  • 📜 حديث: من كلام عمر بن الخطاب: "والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من كلام عمر بن الخطاب: "والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من كلام عمر بن الخطاب: "والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من كلام عمر بن الخطاب: "والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب