شفاعة النبي فيمن قال لا إله إلا الله

حديث: شفاعة النبي فيمن قال لا إله إلا الله

عن أنس، عن النّبيّ ﷺ قال: «ما زلتُ أشفع إلى ربّي ويُشَفِّعني حتى أقول: ربِّ شفّعني فيمن قال: لا إله إلّا اللَّه، قال: فيقول: ليست هذه لك يا محمد، إنّما هي لي، أما وعزّتي وحِلْمي ورحمتي لا أدعُ في النّار أحدًا -أو قال: عبدًا- قال: لا إله إلّا اللَّه».

حسن: رواه أبو يعلى (٢٧٨٦) عن هارون بن عبد اللَّه، حدّثنا حماد بن مسعدة، عن عمران العمي، عن الحسن، عن أنس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث الشفاعة الكبرى، ورد في الصحيحين وغيرهما، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:

● أشفع: أطلب الشفاعة، أي أتوسل وأتوسط لدى الله تعالى ليقبل شفاعتي.
● يُشَفِّعني: يقبل شفاعتي ويُجيب طلبي.
● حتى أقول: إلى أن أصل إلى حالة أقول فيها.
● ربِّ شفّعني: يا رب اقبل شفاعتي.
● أما وعزّتي: أقسِم بعزتي وجلالي.
● وحِلْمي: صفتي التي بها أمهل العصاة ولا أعاجلهم بالعقوبة.
● لا أدعُ: لا أترك.
● عبدًا: مؤمناً موحداً.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن منزلة عظيمة يُكرَم بها يوم القيامة، وهي شفاعته لأمته. فيقول إنه يظل يطلب من ربه تعالى أن يقبل شفاعته لأهل الكبائر من أمته، فيقبل الله منه ويُجيب طلبه، حتى يصل النبي إلى أقصى ما يمكن أن يطلبه فيقول: "يا رب، اشفعني (أي اقبل شفاعتي) حتى فيمن قال لا إله إلا الله"، أي حتى أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان وتوحيد.
فيجيبه الرب تعالى قائلاً: "ليست هذه لك يا محمد"، أي أن دخول الجنة بمجرد التوحيد ليس أمراً يحتاج إلى شفاعة، بل هو فضل من الله ومنته. ثم يقسم الله تعالى بعزته وحلمه ورحمته أنه لن يترك في النار أحداً قال "لا إله إلا الله" خالصاً من قلبه، مؤمناً بها معتقداً معناها، ولو كان قد ارتكب من الذنوب ما ارتكب.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه: حيث خُصَّ بأعظم الشفاعات لأمته.
2- سعة رحمة الله تعالى: فالقسم بالعزة والحلم والرحمة يؤكد سعة مغفرته وفضله على عباده الموحدين.
3- فضل كلمة التوحيد: فهي المفتاح الأساسي للنجاة من النار ودخول الجنة، وهي أعظم سبب للنجاة.
4- الشفاعة للمؤمنين: وهي حق ثابت للنبي صلى الله عليه وسلم، ويوم القيامة يشفع في أهل الكبائر من أمته بعد أن يأذن الله له.
5- أن الإيمان والتوحيد لا يبطل بالمعاصي: فصاحب الكبائر لا يخلد في النار إذا كان موحداً، بل يعذب بقدر ذنبه ثم يخرج منها بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أو برحمة الله.
6- الحث على التمسك بالتوحيد: والإخلاص فيه، لأنه سبب النجاة الأكبر.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من الأدلة القاطعة في إثبات شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر من أمته، وهو مما تواترت به الأحاديث الصحيحة.
- وهو رد على من أنكر الشفاعة من الخوارج والمعتزلة الذين قالوا إن صاحب الكبيرة مخلد في النار.
- المقصود بقوله "من قال لا إله إلا الله" هو من قالها مستوفية شروطها، معتقداً معناها، عاملاً بمقتضاها، منقاداً لأحكامها، غير مناقض لها بشرك أو كفر.
- هذا الحديث يبعث الأمل والطمأنينة في قلب المسلم، ويحذره في نفس الوقت من الاستهانة بالذنوب، لأنه وإن كان لا يخلد في النار، إلا أنه قد يعذب فيها عذاباً شديداً بقدر معصيته.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا صالح الأعمال، وأن يشفع فينا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يدخلنا الجنة بغير عذاب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٢٧٨٦) عن هارون بن عبد اللَّه، حدّثنا حماد بن مسعدة، عن عمران العمي، عن الحسن، عن أنس، فذكره.
والحسن هو الإمام البصريّ معروف، ولكنّه مدلّس وصرّح بالسماع كما سيأتي.
ورواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٥٨١)، وابن أبي عاصم في السنة (٨٢٨) كلاهما من حديث حماد بن مسعدة، بإسناده، مثله.
وإسناده حسن من أجل الكلام في عمران وهو ابن دَاوَر -بفتح الواو وبعدها راء- القطّان أبو العوّام العمي، غير أنّه حسن الحديث، وقد توبع.
وهو ما أخرجه الشّيخان - البخاريّ (٧٥١٠)، ومسلم (١٩٣: ٣٢٦) كلاهما من حديث حماد ابن زيد، حدّثنا معبد بن هلال العنزي، قال: انطلقنا إلى أنس بن مالك، فذكر الحديث بطوله كما مضى في شفاعة النبيّ ﷺ لأهل الموقف، وجاء فيه في آخر الحديث: «فأقول: يا ربّ، ائذن لي فيمن قال: لا إله إلّا اللَّه. قال: ليس ذاك إليك، ولكن وعزّتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجنّ من قال: لا إله إلّا اللَّه».
وقد أشار إليه أيضًا ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٥٨٢) فقال: في خبر حماد بن زيد، عن معبد ابن هلال، عن أنس، فذكر آخر الحديث.
وأخرجه بطوله في موضع آخر (٦٠٤) من هذا الوجه، وجاء فيه:
قال معبدٌ: فأقبلنا حتى إذا كُنّا بظهر الجبال، قلتُ: لو مِلنا إلى الحسن -وهو مستخفٍ في
منزل أبي خليفة- قال: فدخلنا عليه. فقلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أبي حمزة، وحدّثناه حتى إذا فرغنا. قال: ما حدّثكم إلّا بهذا؟ قلنا: ما زادنا على هذا. قال: فقال الحسن: فقد حدّثني منذُ عشرين سنةً، فما أدري أنسي الشّيخُ أم كره أن يحدِّثكم، فتتكلوا؟ قال: فقالوا يا أبا سعيد، حدِّثنا، فضحك وقال: خُلق الإنسان عجولًا، إنّي لم أذكره إلا وأنا أريد أن أحدّثْكموه -كما حدَّثكم- منذ عشرين سنة.
ثم قال: «فأقوم الرابعة، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخرّ له ساجدًا».
قال: «فيقال لي: ارفع رأسك، وقُلْ يُسْمَعْ لك، وسَلْ تعطه، واشفع تشفّع». قال: «فأرفع رأسي، فأقول: أي ربِّ، ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا اللَّه». قال: «فيقال: ليس لك ذلك، ولكن وعزّتي وكبريائي وعظمتي لأُخرجنّ منها من قال: لا إله إلّا اللَّه». انتهى.
وفي صحيح مسلم قال: معبد: فأشهد على الحسن أنه حدّثنا به أنه سمع أنس بن مالك، أراه قبل عشرين سنة وهو يومئذ جميع.
وليس معنى هذا الحديث أنّ قائل: لا إله إلّا اللَّه بلسانه من غير تصديق قلب يخرج من النّار، وقد جهّل ابنُ خزيمة من قال ذلك، ورماه بقلّة معرفة بدين اللَّه وأحكامه، وذلك يعود إلى جهله بأخبار النّبيّ ﷺ فمختصرها ومتقصَّاها؛ لأنّ شاهد أن لا إله إلّا اللَّه من غير أن يشهد أنّ للَّه رسلًا وكتبًا وجنّة ونارًا، وبعثًا، وحسابًا يدخل الجنّة أشدّ فرقًا».
وقال أيضًا: «إذ أكثرُ أهل زماننا لا يفهمون هذه الصّناعة، ولا يميّزون بين الخبر المختصر وبين الخبر المتقصّي، فيحتجّون بالخبر المختصر، ويدَعون الخبر المتقصّ، وربّما خفي عليهم الخبر المتقصّى فيحتجّون بالخبر المختصر، ويترأسون قبل التّعلم، قد حُرموا الصّبر على طلب العلم، لا يصبرون حتى يستحقّوا الرّياسة، فيبلغوا منازل العلماء» انتهى. كتاب التوحيد (٢/ ٦١٥).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 884 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: شفاعة النبي فيمن قال لا إله إلا الله

📜 حديث: شفاعة النبي فيمن قال لا إله إلا الله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: شفاعة النبي فيمن قال لا إله إلا الله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: شفاعة النبي فيمن قال لا إله إلا الله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: شفاعة النبي فيمن قال لا إله إلا الله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية