حديث: شفاعة النبي لأهل الكبائر من الأمة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب شفاعة النّبيّ ﷺ لكلّ من قال: لا إله إلّا اللَّه، ولم يشرك باللَّه ولو عمل الكبائر واستحقّ النار
صحيح: رواه أبو داود (٤٧٣٩)، والترمذيّ (٢٤٣٥)، وأحمد (١٣٢٢٢)، وابن خزيمة في التوحيد (٥٢٧)، وابن حبان (٦٤٦٨)، والحاكم (١/ ٦٩) كلّهم من طرق عن أنس بن مالك، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فبإذن الله تعالى سأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
نص الحديث:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».
(أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه، وأحمد، وغيرهم).
أولاً. شرح المفردات:
* شفاعتي: الشفاعة في اللغة: السؤال في التجاوز عن الذنب. وفي الشرع: هي توسط النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من أهل الفضل عند الله تعالى لقضاء حاجة أو تفريج كربة أو التخفيف عن العصاة يوم القيامة. والشفاعة أنواع، والمقصود هنا هي الشفاعة العظمى الخاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أهل الموقف لتخفيف هول الموقف، وشفاعته لأهل الكبائر من أمته.
* لأهل الكبائر: "أهل" هنا بمعنى أصحاب، والكبائر هي الذنوب العظام التي توعد عليها صاحبها بعذاب أو لعن أو غضب، كالشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس بغير حق، وأكل الربا، وشهادة الزور، وغيرها. وهي ما دون الشرك الأكبر.
ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم أن من خصائصه وفضائله التي منحه الله إياها أن تكون شفاعته – بإذن الله تعالى – ناجحة ونافعة لأصحاب الكبائر من أمته، أي الذين ماتوا على التوحيد ولكنهم اقترفوا ذنوبًا عظيمة ولم يتوبوا منها توبة نصوحًا. وهذه الشفاعة ستكون سببًا في تخفيف عذابهم أو الخروج من النار بعد دخولها، بإذن الله وكرمه.
ثالثًا. الدروس المستفادة والفَوائد العَقَدِية:
1- إثبات شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث دليل صريح على ثبوت الشفاعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها أهل السنة والجماعة، خلافًا للمنكرين لها من الخوارج والمعتزلة.
2- الشفاعة لا تكون إلا لأهل التوحيد: الشفاعة خاصة بأهل الكبائر من أمته، وأمته هم المؤمنون الموحدون. أما الكفار والمشركون فلا تنالهم شفاعة الشافعين، لقوله تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (المدثر: 48). فشفاعته صلى الله عليه وسلم إنما هي للمذنبين الموحدين.
3- رحمة الله تعالى وعفوه الواسع: الحديث يدل على سعة رحمة الله تعالى وعفوه، حيث جعل لأهل المعاصي من عباده بابًا للنجاة من خلال شفاعة نبيه الكريم، مع أنهم استحقوا العذاب بمعاصيهم.
4- فضل الأمة المحمدية وخصوصيتها: من أعظم فضائل هذه الأمة أن نبيها صلى الله عليه وسلم يشفع لها، وهذا من تكريم الله لها.
5- الشفاعة مُلك لله تعالى يُؤذن فيها للشافعين: يجب الاعتقاد أن الشفاعة كلها لله تعالى أولاً وآخرًا، وهي لا تكون إلا بإذنه للشافع، و برضاه عن المشفوع له. قال تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (البقرة: 255). فالنبي صلى الله عليه وسلم يتفضل بالشفاعة، والله تعالى هو الذي يأذن له ويقبل شفاعته.
6- الرد على الخوارج والمعتزلة: الذين يكفرون مرتكب الكبيرة أو يخلدونه في النار، فهذا الحديث حجة عليهم، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن شفاعته ستنال هذا الصنف من الناس، مما يدل على أنهم لم يخرجوا من الملة، ولكنهم تحت مشيئة الله إن عذبهم فإنه عدل منه، وإن غفر لهم فهو فضله وكرمه.
7- لا ينبغي التهاون بالمعاصي: لا يفهم من الحديث التجرؤ على فعل الكبائر والاعتماد على الشفاعة، فهذا من حظوظ الشيطان. فالشفاعة هي لأهل المعاصي الذين ماتوا على التوحيد، ولكنهم عرضة لعذاب الله، ولا يدري الإنسان هل سينال شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ فطريق السلامة هو تجنب المعاصي والتوبة النصوح.
رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:
* شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أنواع، منها:
* الشفاعة العظمى في أهل الموقف لتخفيف حسابهم (المقام المحمود).
* شفاعته في دخول الجنة.
* شفاعته في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم ليدخلوا الجنة.
* شفاعته في أهل الكبائر من أمته الذين دخلوا النار أن يخرجوا منها، وهذه هي المقصودة في هذا الحديث غالبًا.
* ليس النبي صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي يشفع، بل يشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون، ولكن شفاعته صلى الله عليه وسلم هي أعظمها وأولاها.
* هذا الحديث يبعث الأمل في نفوس العصاة، ويحثهم على الرجوع إلى الله والتوبة قبل الموت، مع اليقين بأن رحمة الله واسعة وأن لنبيهم شفاعة عظيمة.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
قال الترمذيّ: «حسن صحيح غريب».
وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشّيخين».
وقوله: «شفاعتي لأهل الكبائر» فإنّما أراد الشّفاعة بعد الشّفاعة الكبرى التي عمّت جميع المسلمين وهي شفاعة لمن قد أُدخل النّار من المؤمنين بذنوبهم وخطاياهم قد ارتكبوها، ولم يغفرها اللَّه لهم في الدّنيا، فيخرجون من النّار بشفاعته ﷺ». ذكره ابن خزيمة (٢/ ٥٧٧).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 872 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 847 تيسير قراءة القرآن على سبعة أحرف
- 848 دعوة النبي المخبأة شفاعة لأمته يوم القيامة
- 849 ارفع رأسك سل تعطه اشفع تشفع فارفع رأسي فأقول: يا...
- 850 حديث الشفاعة: محمد يشفع لأمته يوم القيامة.
- 851 المؤمنون يطلبون الشفاعة من آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم...
- 852 شفاعة النبي محمد لأمته يوم القيامة
- 853 إنّي لسيّد الناس يوم القيامة ولا فخر
- 854 ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع
- 855 أعطيت الشفاعة ولم يعطها أحد من الأنبياء قبلي
- 856 أُتيتُ خمسًا لم يؤتهنّ نبيٌّ كان قبلي
- 857 سَلْ فإن كل نبيٍّ قد سأل فأخرْتُ مسألتي إلى يوم...
- 858 عرض على رسول الله ما هو كائن من أمر الدنيا...
- 859 اللهم أمتي أمتي وبكى النبي ﷺ
- 860 يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة...
- 861 كل أمة تتبع نبيها يقولون يا فلان اشفع
- 862 يكسوني ربي حلة خضراء، فذاك المقام المحمود
- 863 تمد الأرض يوم القيامة مدا لعظمة الرحمن
- 864 إذا كان يوم القيامة جيء بنبيِّكم فأُقْعِد بين يدي اللَّه...
- 865 من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه
- 866 إذا كان يوم القيامة شفعت فقلت: يا رب أدخل الجنة...
- 867 يسميهم أهل الجنة الجهنميين
- 868 أهل النار لا يموتون فيها ولا يحيون
- 869 ما الثعارير؟ قال: الضغابيس
- 870 حديث جابر بن عبد الله عن خروج قوم من النار
- 871 يخرج قوم من النار بشفاعة محمد فيدخلون الجنة
- 872 شفاعة النبي لأهل الكبائر من الأمة
- 873 شفاعتي يوم القيامة لأهل الكبائر من أمتي
- 874 الشفاعة لأهل الكبائر من أمتي
- 875 رسول الله ﷺ يخير بين دخول نصف أمته الجنة وبين...
- 876 أشهدكم أن شفاعتي لكل من مات لا يشرك بالله شيئا
- 877 اخترت الشفاعة وهي لكل من مات لا يشرك بالله شيئًا
- 878 اللهم اغفر لكل عبد مسلم لقيك يؤمن بي لا يشرك...
- 879 فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت...
- 880 أنا أول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا...
- 881 الصراط الميزان الحوض: فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن
- 882 أُريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض
- 883 اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك...
- 884 شفاعة النبي فيمن قال لا إله إلا الله
- 885 من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة...
- 886 فضل الموت في المدينة واستحقاق الشفاعة
- 887 من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها
- 888 من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت، لا يموتُ بها...
- 889 من صبر على لأواء المدينة وشدتها كنت له شفيعًا
- 890 من مات صابرًا على لأواء المدينة
- 891 المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون
- 892 من يصبر على لأواء المدينة كنت له شفيعًا أو شهيدًا
- 893 يُجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه
- 894 قيل للنبي ﷺ: ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك...
- 895 أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي
- 896 جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم
معلومات عن حديث: شفاعة النبي لأهل الكبائر من الأمة
📜 حديث: شفاعة النبي لأهل الكبائر من الأمة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: شفاعة النبي لأهل الكبائر من الأمة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: شفاعة النبي لأهل الكبائر من الأمة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: شفاعة النبي لأهل الكبائر من الأمة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








