حديث: بُعثتُ إلى الناس كافة الأحمر والأسود
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما فُضل به النّبي ﷺ على غيره من الأنبياء منها الشّفاعة
حسن: رواه الإمام أحمد (٢٧٤٢)، والبزّار -كشف الأستار (٣٤٦٠) - وابن أبي عاصم في السنة (٨٠٣) كلّهم من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، فذكره، ولفظهم سواء.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من الأحاديث التي تبيّن فضل هذه الأمة وخصوصية نبيها محمد ﷺ، رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وفيما يلي شرحه وبيانه:
أولاً. شرح المفردات:
● لم يُعطهنَّ نبيٌّ قبلي: أي أن هذه الخصائص الخمس لم تجتمع لنبي من الأنبياء قبلي.
● ولا أقولهنَّ فخرًا: أي لست أقول ذلك تبجحًا أو تكبرًا، بل شكرًا لله تعالى وإعلامًا بفضله.
● بُعثتُ إلى النّاس كافّة: أي أن رسالتي عامة للإنس والجن، العرب والعجم، إلى كل البشر.
● الأحمر والأسود: كناية عن جميع أجناس البشر باختلاف ألوانهم وأعراقهم.
● نُصرتُ بالرُّعب: أي أن الله يلقى الرعب في قلوب أعدائي من مسافة بعيدة.
● مسيرة شهر: المسافة التي يمكن قطعها في شهر.
● أُحلَّتْ لي الغنائم: أي أباح الله لي وأمتي أخذ أموال الكفار المحاربين المنهوبة في الحرب.
● جعلتْ لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا: أي أن الأرض كلها صارت مكانًا للصلاة لي ولأمتي، وطاهرة يمكن التيمم بها إذا عدم الماء.
● أُعطيتُ الشّفاعة: وهي الشفاعة العظمى في يوم القيامة لإراحة الناس من هول الموقف.
● فأخّرتُها لأمّتي: أي ادخرتها وخصصتها لأمتي.
● فهي لمن لا يشرك باللَّه شيئًا: أي شفاعتي تنالها كل أمتي إلا من أشرك بالله.
ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر النبي ﷺ أن الله تعالى منَّ عليه بخمس خصال عظيمة، لم يجمعها لنبي غيره من قبله، ويؤكد أن قوله هذا ليس من قبيل الفخر والتباهي على الآخرين، بل هو إخبار عن نعمة الله وفضله عليه. وهذه الخصال الخمس هي:
1. عموم رسالته لكل الناس.
2. نصرته بإلقاء الرعب في قلوب أعدائه.
3. إباحة الغنائم له ولأمته.
4. جعل الأرض كلها مسجدًا وطهورًا.
5. إعطاؤه الشفاعة العظمى واختصاص أمته بها.
ثالثًا. الدروس المستفادة والفَوائد:
1- شكر النعم والاعتراف بفضل الله: نهج النبي ﷺ في ذكر هذه النعم هو نهج الشاكرين، المعترفين بفضل الله، لا نهج المتكبرين.
2- عالمية الرسالة الإسلامية: رسالة الإسلام ليست لقوم دون آخرين، ولا لعصر دون غيره، فهي خاتمة الرسالات وصالحة لكل زمان ومكان.
3- نصرة الله لأوليائه: من أسباب نصرة المؤمنين إلقاء الرعب في قلوب أعدائهم، وهي نعمة عظيمة من الله.
4- التيسير على الأمة: من مظاهر التيسير على هذه الأمة إباحة الغنائم، والتي كانت محرمة على الأمم السابقة، وجعل الأرض كلها مسجدًا وطهورًا، مما يزيل الحرج ويوسع مجال العبادة.
5- مكانة النبي ﷺ عند الله: اختصاصه بالشفاعة العظمى دليل على علو منزلته عند ربه.
6- الشرك هو أعظم الذنوب: اشتراط عدم الشرك لنيل الشفاعة تحذيرٌ عظيم من هذا الذنب المهلك، وهو دليل على أنه لا يغفر إذا مات صاحبه عليه.
7- رحمة النبي ﷺ بأمته: تأخيره الشفاعة لأمته وحرصه على نجاتهم دليل على شفقته العظيمة ورحمته بهم.
رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:
- هذه الخمس من الخصائص التي انفرد بها النبي ﷺ عن غيره من الأنبياء، وهناك خصائص أخرى ذكرها العلماء في كتب السيرة والشمائل.
● الرعب الذي يلقى في قلوب الأعداء يكون قبل اللقاء بمسيرة شهر، وهذا من التمكين والنصر المعنوي الذي أعطاه الله لهذه الأمة.
● التيمم بالتراب الطاهر عند فقد الماء أو العجز عن استعماله من محاسن هذه الشريعة وسماحتها.
● الشفاعة أنواع، وأعظمها الشفاعة العظمى (المقام المحمود) التي هي للنبي ﷺ خاصة، يشفع عند الله ليبدأ الحساب ويخلص الناس من هول الموقف.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل لا إله إلا الله، الذين تنالهم شفاعة نبيه ﷺ، وأن يعيننا على شكره وعبادته حق عبادته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ويزيد بن أبي زياد هو الهاشميّ مختلف فيه فوثّقه ابن سعد، والعجلي، وقال ابن عدي: مع
ضعفه يكتب حديثه وتكلّم فيه أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم، والسّبب في تضعيفه أنه لما كبر ساء حفظه وتغيّر، وكان يلقّن، ما لُقِّن وقعتِ المناكير فيه، وكان صدوقًا، قاله ابن حبان.
قال الأعظمي: الظّاهر أنه أصاب في هذا الحديث، ولم يخطئ لوجود متابع له، وكثرة شواهده الصّحيحة.
وأما المتابع فهو ما رواه البزار -كشف الأستار- كما سبق من طريق ابن أبي يعلى، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، فذكره.
وابن أبي ليلى سيء الحفظ إلّا أنه توبع أيضًا في الإسناد الأوّل.
وأورده الهيثميّ في «المجمع» (٨/ ٢٥٨) وقال: «رواه أحمد والبزّار والطّبرانيّ بنحوه إلّا أنه قال: «حتى إنّ العدو ليخافني من مسيرة شهر أو شهرين. وقيل لي: سلْ تُعْطَه، فادّخرتُ دعوتي شفاعة لأمّتي». ورجال أحمد رجال الصّحيح غير يزيد بن أبي زياد، وهو حسن الحديث».
وفي الباب أيضًا عن أبي موسى مرفوعًا: «أُعطيتُ خمسًا بعثتُ إلى الأحمر والأسود، وجعلتْ لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأحلتْ لي الغنائم، ولم تحل لمن كان قبلي، ونصرتُ بالرّعب شهرًا، وأعطيتُ الشّفاعة، وليس من نبيّ إلّا وقد سأل الشّفاعة، وإنّي اختباتُ شفاعتي، ثم جعلتها لمن مات من أمّتي لم يشرك باللَّه شيئًا».
رواه الإمام أحمد (١٩٧٣٥) عن حسين بن محمد، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ.
وأبو إسحاق مدلّس ومختلط، وإسرائيل سمع منه بعد الاختلاط كما قال الإمام أحمد، ولذا اضطرب في رفعه ووقفه، فقد رواه الإمام أحمد (١٩٧٣٦) من وجه آخر عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، مرسلًا، ولم يذكر أبا موسى فلعلّه عائد إلى اختلاطه فلم يتميّز من الرّفع والإرسال، أيهما أرجح، مع أنّ القاعدة أنّ زيادة الثقة مقبولة، ولكن هنا أبو إسحاق وإن كان ثقة إلّا أنه اختلط في آخر حياته.
وكذلك في الباب أيضًا عن عوف بن مالك مرفوعًا: «أُعطيتُ أرْبعًا لم يُعطهنّ أحدٌ كان قبلنا، وسألتُ ربّي الخامسة فأعطانيها، كان النّبيُّ يبعث إلى قريته ولا يعدوها، وبُعثت كافة إلى النّاس، وأرهب منا عدوُّنا مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض طهورًا ومساجد، وأحل لنا الخمسُ ولم يحل لأحد كان قبلنا، وسألتُ ربّي الخامسة، فسألته أن لا يلقاه عبد من أمّتي يوحِّده إلّا أدخله الجنّة فأعطانيها».
رواه ابن حبان في «صحيحه» (٦٣٩٩) عن أبي يعلى، حدّثنا هارون بن عبد اللَّه الحمّال، حدّثنا ابن أبي فديك، عن عبيد اللَّه بن عبد الرّحمن بن موهب، عن عباس بن عبد الرحمن بن ميناء الأشجعيّ، عن عوف بن مالك، فذكره.
وعباس بن عبد الرحمن بن ميناء الأشجعيّ لم يوثقه أحدٌ وإنّما ذكره ابن حبان في كتابه
«الثقات»، وأخرج عنه في صحيحه، ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول». أي إذا تُوبع، ولم يتابع فهو لين الحديث.
والرّاوي عنه عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن موهب، قال فيه النسائي: ليس بالقوي.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 898 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 873 شفاعتي يوم القيامة لأهل الكبائر من أمتي
- 874 الشفاعة لأهل الكبائر من أمتي
- 875 رسول الله ﷺ يخير بين دخول نصف أمته الجنة وبين...
- 876 أشهدكم أن شفاعتي لكل من مات لا يشرك بالله شيئا
- 877 اخترت الشفاعة وهي لكل من مات لا يشرك بالله شيئًا
- 878 اللهم اغفر لكل عبد مسلم لقيك يؤمن بي لا يشرك...
- 879 فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت...
- 880 أنا أول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا...
- 881 الصراط الميزان الحوض: فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن
- 882 أُريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض
- 883 اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك...
- 884 شفاعة النبي فيمن قال لا إله إلا الله
- 885 من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة...
- 886 فضل الموت في المدينة واستحقاق الشفاعة
- 887 من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها
- 888 من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت، لا يموتُ بها...
- 889 من صبر على لأواء المدينة وشدتها كنت له شفيعًا
- 890 من مات صابرًا على لأواء المدينة
- 891 المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون
- 892 من يصبر على لأواء المدينة كنت له شفيعًا أو شهيدًا
- 893 يُجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه
- 894 قيل للنبي ﷺ: ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك...
- 895 أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي
- 896 جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم
- 897 أرسلت إلى الناس كلهم عامة وكان من قبلي إنما يرسل...
- 898 بُعثتُ إلى الناس كافة الأحمر والأسود
- 899 إمام ظلوم وكل غال مارق
- 900 إمام ظلوم غشوم لا تناله شفاعة النبي.
- 901 اللعانون لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة
- 902 أعنّي على نفسك بكثرة السجود
- 903 حاجتي أن تشفع لي يوم القيامة
- 904 رأيت أنّ الدنيا زائلة من أهلها، فأحببتُ أن آخُذ لآخرتي
- 905 ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين
- 906 من مات وقام على جنازته أربعون لا يشركون بالله شيئًا...
- 907 من صلى علي حين يصبح عشرًا أدركته شفاعتي
- 908 شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم...
- 909 إن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة
- 910 ادعوا الأنبياء فيشفعون ثم يدخلون الجنة من لا يشرك بالله...
- 911 إن الرجل ليشفع للرجلين والثلاثة
- 912 شفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم
- 913 يُحمل الناس على الصراط يوم القيامة
- 914 سل تعطه واشفع تشفع
- 915 يُخرج الله قومًا منتنين محشتهم النار بشفاعة الشافعين
- 916 يخرج من النار بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة...
- 917 حوض النبي ﷺ كما بين البيضاء إلى بصري
- 918 أخرجوا من النار من كان في قلبه ذرة من إيمان
- 919 يُغفر للشهيد في أول دفعة
- 920 يُشفَّع الشهيد في سبعين من أهل بيته
- 921 اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه
- 922 سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له
معلومات عن حديث: بُعثتُ إلى الناس كافة الأحمر والأسود
📜 حديث: بُعثتُ إلى الناس كافة الأحمر والأسود
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: بُعثتُ إلى الناس كافة الأحمر والأسود
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: بُعثتُ إلى الناس كافة الأحمر والأسود
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: بُعثتُ إلى الناس كافة الأحمر والأسود
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








