حديث: اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب شفاعة النّبيّ ﷺ لكلّ من قال: لا إله إلّا اللَّه، ولم يشرك باللَّه ولو عمل الكبائر واستحقّ النار

عن ابن عمر، قال: ما زلنا نُمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من في نبيِّنا ﷺ يقول: «إنّ اللَّه تبارك وتعالى لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء». قال: «فإنّي أخّرتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي يوم القيامة».
فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا.

حسن: رواه أبو يعلى (٥٨١٣)، والطبراني في الأوسط -مجمع البحرين (٤٨٠٩) -، وابن أبي عاصم في السنة (٣٨٠) كلّهم من طريق شيبان بن فرّوخ الأيلي، ثنا حرب بن سُريج المنقريّ، ثنا أيوب السّختيانيّ، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.

عن ابن عمر، قال: ما زلنا نُمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من في نبيِّنا ﷺ يقول: «إنّ اللَّه ﵎ لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء». قال: «فإنّي أخّرتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي يوم القيامة».
فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد وغيره عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، معتمدًا في ذلك على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن ابن عمر، قال: ما زلنا نُمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من في نبيِّنا ﷺ يقول: «إنّ اللَّه تبارك وتعالى لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء». قال: «فإنّي أخّرتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي يوم القيامة». فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا.


1. شرح المفردات:


● نُمسك: نترك ونمتنع.
● لأهل الكبائر: الذين يرتكبون الذنوب العظيمة كالزنا وشرب الخمر والسرقة وغيرها من الموبقات.
● يشرك به: أن يجعل لله ندًا أو شريكًا في العبادة أو الربوبية.
● ما دون ذلك: الذنوب التي هي أقل من الشرك.
● أخّرتُ شفاعتي: جعلت شفاعتي – وهي التوسط للخلق عند الله – متأخرةً ومخصوصةً بفئة معينة.
● أمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا: تركنا كثيرًا من الظنون والأفكار التي كانت تخطر في أذهاننا.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر ابن عمر رضي الله عنهما أن الصحابة كانوا يمتنعون عن الاستغفار لمن يرتكبون الكبائر، ظنًا منهم أن هؤلاء لا أمل في مغفرة الله لهم بسبب عِظَم ذنوبهم.
فلما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يبيّن أن الله تعالى لا يغفر الشرك أبدًا، لكنه يغفر ما دونه من الذنوب – حتى الكبائر – لمن يشاء من عباده، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ادخر شفاعته العظيمة يوم القيامة خاصة لأهل الكبائر من أمته، تغير فهمهم واستبشروا برحمة الله، وتركوا ذلك التشدّد الذي كان في نفوسهم.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- سعة رحمة الله تعالى: الحديث من أعظم الأدلة على أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأنه يغفر الذنوب جميعًا – حتى الكبائر – إلا الشرك لمن تاب ورجع.
2- الفرق بين الشرك والكبائر: الشرك هو الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله إذا مات صاحبه عليه، أما باقي الذنوب فإنها تحت مشيئة الله، إن شاء غفرها وإن شاء عذب بها.
3- مكانة شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم: من أعظم أنواع شفاعته صلى الله عليه وسلم الشفاعة لأهل الكبائر من أمته، حتى يخرجوا من النار بعدما دخلوها.
4- التثبت في الأمور الشرعية وترك الظنون: فعل الصحابة يدل على وجوب الرجوع إلى النصوص الشرعية وترك الآراء الشخصية والظنون التي قد تخالف الوحي.
5- عدم القنوط من رحمة الله: لا يجوز لمسلم أن يقنط من رحمة الله، مهما عظم ذنبه، ما دام لم يشرك بالله.
6- الحذر من الشرك: يجب على المسلم أن يخاف من الشرك أعظم الخوف، لأنه هو الهلاك المطلق.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب الشفاعة، وهو من الأحاديث التي تثبت شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر، وهو اعتقاد أهل السنة والجماعة، خلافًا للمخالفين الذين ينكرون الشفاعة.
- يستفاد منه أيضًا الرد على الخوارج والمعتزلة الذين يكفّرون مرتكب الكبيرة ويخّرجهون من الإسلام، بينما يرى أهل السنة أنه لا يكفر بذنب إلا الشرك.
- الاستغفار لأهل المعاصي جائز بل مستحب، مع الدعاء لهم بالهداية والتوبة، ولا يعني ذلك الرضا عن معصيتهم.
- هذا الحديث يبعث على الأمل والرجاء، ويحذر من اليأس من روح الله، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٥٨١٣)، والطبراني في الأوسط -مجمع البحرين (٤٨٠٩) -، وابن أبي عاصم في السنة (٣٨٠) كلّهم من طريق شيبان بن فرّوخ الأيلي، ثنا حرب بن سُريج المنقريّ، ثنا أيوب السّختيانيّ، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في حرب بن سريج فتكلّم فيه البخاريّ، وابن حبان، وأبو حاتم، ومشّاه أحمد وابن معين والدارقطني، وابن عدي وغيرهم، وهو حسن الحديث.
واعتمد الهيثمي في «المجمع» (٧/ ٥) توثيق من وثّقه فقال: «رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصّحيح غير حرب بن سريج وهو ثقة».
وقد رُوي عنه بإسناد آخر بلفظ: «شفاعتي يوم القيامة لأهل الكبائر من أمّتي». أورده الذهبيّ في «الميزان» (٢/ ٣١٤) في ترجمة صديق بن سعيد الصوناخي التركي، عن محمد بن نصر المروزيّ، عن يحيى، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وقال: «وهذا لم يروه هؤلاء قطّ، ولكن رواه عن صديق من يجهل حاله وهو أحمد بن عبد اللَّه ابن محمد الزيني فما أدري مَنْ وضعه» انتهى.
قال الأعظمي: ومن هذا الطّريق أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (٨/ ١١) في ترجمة الحسين بن أحمد ابن سلمة الأسديّ القاضي أبو عبد اللَّه.
قال الخطيب: قرأت في كتاب علي بن محمد النُّعيمي بخطّه، حدّثني القاضي أبو عبد اللَّه الحسين ابن أحمد بن سلمة الأسديّ المالكي -ببغداد- حدّثنا أبو الحسين أحمد بن عبد اللَّه بن محمد الزيني البصريّ -بجيلا من كورة أسْفِيحان- حدّثنا الصديق بن سعيد الصّوناخي، بإسناده، مثله.
وفي الباب عن أبي الدّرداء مرفوعًا: «شفاعتي لأهل الذّنوب من أمّتي». قال أبو الدّرداء: وإنْ زنى وإن سرق؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «نعم، وإنْ زنى وإنْ سرق على رغم أنف أبي الدّرداء».
رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» (١/ ٤١٦) (في ترجمة محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد الطّرسوسيّ أبو الفتح، يعرف بابن البصريّ)، عن الأزهريّ والقاضي أبي العلاء محمد بن علي، قالا: أنبأنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد الطّرسوسيّ، قال: نبّأنا الحسن بن عبد الرحمن بن زريق -بحمص- قال: نبّأنا محمد بن سنان الشّيرازيّ، قال: نبّأنا إبراهيم بن حيان ابن طلحة، قال: نبّا شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي الدّرداء، فذكره.
وإسناده ضعيف، فإنّ محمد بن سنان الشّيرازيّ قال في «الميزان» (٣/ ٥٧٥): «صاحب مناكير».
وفيه أيضًا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطيّ المقرئ ضعيف مخلّط، وفي الإسناد رجال لا يعرفون.
ولكن رواه البزّار -كشف الأستار (٥) - من وجه آخر مختصرًا، وهو قوله ﷺ: «من مات لا يُشرك باللَّه دخل الجنّة»، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن رغم أنف أبي الدّرداء».
قال البزّار: «وهذا قد روي عن أبي ذر، وأبي الدّرداء، وهذا أحسن أسانيد أبي الدّرداء؛ لأنّ الحسن كوفي مشهور، وزيد ثقة».
قال الأعظمي: حديث أبي الدّرداء رواه الإمام أحمد (٢٧٥٦١) مطوّلًا، عن حسن قال: حدّثنا ابنُ لهيعة، عن واهب بن عبد اللَّه، أنّ أبا الدّرداء، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «من قال: لا إله إلّا اللَّه، وحده لا شريك له، دخل الجنّة». قال: قلت: وإنْ زنى وإنْ سرق؟ ! قال: «وإنْ زنى وإنْ سرق». قلت: وإنْ زنى وإنْ سرق؟ ! قال: «وإن زنى وإن سرق». قلت: وإنْ زنى وإنْ سرق؟ ! قال: «وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف أبي الدّرداء». قال: فخرجتُ لأُنادي بها في النّاس، قال: فلقيني عمر، فقال: ارجع، فإنَّ النّاس إنْ علموا بهذه، اتّكلوا عليها، فرجعتُ فأخبرتُه ﷺ، فقال ﷺ: «صدق عمر».
وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام معروف، ولعلّ الهيثميّ أشار إلى هذا في «المجمع» (١/ ١٦) بقوله: «رواه أحمد والبزّار والطبرانيّ في: الكبير«، و»الأوسط«وإسناد أحمد صحيح، وفيه ابنُ لهيعة، وقد احتجّ به غير واحد».
قال الأعظمي: ولكن هذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد معروف أنه من حديث أبي ذرّ المتفق عليه، وقد مضى في كتاب الإيمان، وسيأتي أيضًا في كتاب صفة الجنّة.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن علي بن أبي طالب مرفوعًا: «شفاعتي لأمّتي من أَحَبَّ أهلّ بيتي وهم شيعتي».
رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٢/ ١٤٦) من طريق القاسم بن جعفر بن محمد بن عبد اللَّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه محمد بن عمر، عن أبيه عمر بن عليّ، عن أبيه علي بن أبي طالب، فذكره.
قال الخطيب: «قدم القاسم بن جعفر بغداد، وحدّث بها عن أبيه، عن جدّه، عن آبائه نسخة أكثرها مناكير».
واعتمد الذّهبيّ قول الخطيب فذكره في الميزان (٣/ ٣٦٩) ولم يزد عليه.
وفي الباب عن سلمان الفارسيّ قال: يأتونَ النَّبيَّ ﷺ، فيقولون: يا نبيَّ اللَّه! أنتَ الذي فتح اللَّهُ بك، وختم بك، وغفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، قُمْ فاشفع لنا إلى ربِّك، فيقول: نعم، أنا صاحبكم، فيخرج يحوشُ النّار، حتى ينتهي إلى باب الجنّة، فيأخذ بحلق في الباب من ذهب، فيقرعُ البابَ، فيقال: من هذا؟ فيقال: محمد». قال: فيفتح له. قال: فيجيءُ حتّى يقومَ بين يدي اللَّه، فيستأذنُ في السُّجود، فيؤذن له. قال: فيفتحُ اللَّه له من الثّناء، والتّحميد، والتمجيد ما لم
يفتحْهُ لأحد من الخلائق، فينادَى: يا محمد، ارْفعْ رأسَك، سَلْ تُعْطَه، ادعُ تُجب. قال: فيرفعُ رأسه، فيقول: ربّ أمّتي أمّتي، ثم يستأذنُ في السُّجود، فيؤذنُ له، فيفتحُ له من الثّناء والتّحميد والتّمجيد ما لم يُفْتَحه لأحدٍ من الخلائق، فيُنادى: يا محمد، ارْفعْ رأسكَ، سلْ تُعطه، واشفع تشفَّع، وادعُ تُجَب. قال: يفعل ذلك مرّتين أو ثلاثًا، فيُشَفَّعُ فيمن كان في قلبه حبّة من حنطة، أو مثقالُ شعيرة، أو مثقالُ حبّة من خردل من إيمان». قال سلمان: فذلك المقام المحمود.
رواه ابن خزيمة في التوحيد (٥٩٦) واللّفظ له، وابن أبي عاصم في السنة (٨١٣)، والطبرانيّ في الكبير (٦/ ٣٠٣ - ٣٠٤) إلّا أنه اختصره.
كلّهم من طريق أبي معاوية قال: حدّثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النّهديّ، عن سلمان. وإسناده صحيح إلّا أنه موقوف على سلمان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 883 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء

  • 📜 حديث: اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اللَّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب