أُريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض

حديث: أُريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض

عن أمّ حبيبة، عن النّبيّ ﷺ قال: «أُريت ما تلقى أمّتي بعدي، وسفك بعضهم دماء بعضٍ، وسبق ذلك من اللَّه، كما سبق على الأمم قبلهم، فسألته أن يولّيني شفاعةً يوم القيامة فيهم، ففعل».

صحيح: رواه ابن خزيمة في التوحيد (٥٣٣)، وابن أبي عاصم في السنة (٨٠١)، والحاكم (١/ ٦٨) كلّهم من طريق أبي اليمان، قال: حدّثنا شعيب -وهو ابن أبي حمزة-، عن الزهريّ، عن أنس، عن أمِّ حبيبة، فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث الشفاعة، رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، وسأشرحه لك على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:

● أُريت: من الرؤيا، أي أُظهر لي في المنام أو بالوحي.
● ما تلقى أمتي بعدي: المصائب والفتن التي ستعانيها أمتي من بعد وفاتي.
● وسفك بعضهم دماء بعض: أي قتال واقتتال داخلي بين المسلمين.
● وسبق ذلك من الله: أي قدَّره الله وقضاه وقَدَّرَهُ في علمه الأزلي.
● كما سبق على الأمم قبلهم: كما حدث للديانات السابقة من افتراق واختلاف.
● فَسَأَلْتُهُ: سألت الله تعالى.
● أَنْ يُوَلِّيَنِي شَفَاعَةً: أن يجعل لي حق الشفاعة فيهم.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أُطلع من قبل الله تعالى على الفتن والمصائب التي ستحدث لأمته من بعده، ومن أشدها الاقتتال الداخلي وسفك الدماء بينهم. وهذا أمر قد قدّره الله تعالى وسجّله في اللوح المحفوظ، كما حدث للأمم السابقة من اليهود والنصارى من تفرق واختلاف. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شدة ما سيصيب أمته، سأل الله عز وجل أن يمنحه الشفاعة العظمى يوم القيامة ليشفع لهم ويخفف عنهم، فاستجاب الله تعالى لدعائه ومنحه هذه المنزلة العظيمة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: فقد أخبر عن أمور غيبية ستقع بعد وفاته، ووقعت كما أخبر، مما يدل على صدقه.
2- عظم منزلة الشفاعة: وهي خاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي من أعظم المقامات التي أكرمه الله بها.
3- حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته: حيث لم ينسَ أمته وهو في مقام التشريف والإكرام، بل سأل الله ما ينفعهم ويخفف عنهم.
4- الإيمان بالقدر خيره وشره: فما يصيب الأمة من فتن واقتتال هو بقضاء الله وقدره، وهو امتحان وابتلاء.
5- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء للأمة: فينبغي للمسلم أن يدعو لإخوانه المسلمين ويحب لهم الخير.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

● الشفاعة أنواع: منها الشفاعة العظمى في الموقف يوم القيامة لتخفيف هول الموقف، وهي المقصودة في هذا الحديث.
● الشفاعة لا تكون إلا بإذن الله: كما قال تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255].
● الشفاعة لا تنفع إلا من أذن الله له أن يُشفع له: وهي خاصة لأهل التوحيد، أما الكفار والمشركون فلا تنالهم الشفاعة.
نسأل الله تعالى أن يشملكم بشفاعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يجمعنا وإياكم تحت لوائه في دار كرامته.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن خزيمة في التوحيد (٥٣٣)، وابن أبي عاصم في السنة (٨٠١)، والحاكم (١/ ٦٨) كلّهم من طريق أبي اليمان، قال: حدّثنا شعيب -وهو ابن أبي حمزة-، عن الزهريّ، عن أنس، عن أمِّ حبيبة، فذكرته.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشّيخين ولم يخرجاه، والعلّة عندهما فيه أنّ أبا اليمان حدّث به مرّتين، فقال مرّة عن شعيب، عن الزّهريّ، عن أنس. وقال مرّة: عن شعيب، عن ابن أبي حسين، عن أنس. وقد قدّمنا القول في مثل هذا أنه لا ينكر أن يكون الحديث عند إمام من الأئمّة عن شيخين. فمرّة يحدِّثُ به عن هذا، ومرّة عن ذاك.
وقد حدّثني أبو الحسن علي بن محمد بن عمر، ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا إبراهيم بن هانئ النّيسابوريّ، قال: قال لنا أبو اليمان: الحديثُ حديثُ الزّهريّ، والذي حدّثكم عن ابن أبي حسين غلطتُ فيه بورقة قلبتُها. قال الحاكم: هذا كالأخذ باليد؛ فإنّ إبراهيم بن هانئ ثقة مأمون» انتهى.
قال الأعظمي: قول الحاكم: أن يكون الحديث عند إمام من الأئمّة عن شيخين. . . إلخ كلام سديد، ولكن يشترط له استواء الطّريقين في الصّحة، وأما إذا عُلِّلت إحدى الطّريقين فلا وجه لصحة الطّريقين كما هنا. فإنّ الحاكم نفسه نقل عن إبراهيم بن هانئ النّيسابوريّ أنه قال له أبو اليمان. . . إلخ ما ذكر.
فتبيّن من هذا أنّ هذا الحديث من حديث الزّهريّ، ومن قال خلاف ذلك فلا وجه له.
وقد روى جعفر بن محمد بن أبان الحرّاني أنّه سأل يحيى بن معين عن هذا الحديث فقال يحيى: أنا سألت أبا اليمان فقال: الحديث حديث الزّهريّ، فمن كتبه عنّي من حديث الزّهريّ فقد أصاب، ومن كتبه عنّي من حديث ابن أبي حسين فقد أخطأ، إنّما كتبُه في آخر حديث ابن أبي حسين، فغلطتُ فحدّثتُ به من حديث ابن أبي حسين، وهو صحيح من حديث الزّهريّ. هكذا قال يحيى.
وقد رُوي هذا الحديث عن أم سلمة، وفيه موسى بن عبيدة ضعيف. انظر: «السنة» لابن أبي عاصم (٨٠١).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 882 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أُريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض

📜 حديث: أُريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أُريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أُريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أُريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية