إمام ظلوم وكل غال مارق

حديث: إمام ظلوم وكل غال مارق

عن أبي أُمامة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «صنفان من أمّتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم، وكلّ غال مارق».

حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (٨/ ٣٣٧) عن معاذ بن المثنى ومحمد بن التمار البصريّ، قالا: ثنا مسدّد، ثنا جعفر بن سليمان، عن المعلى بن زياد الفردوسيّ، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي أُمامة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «صنفان من أمّتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم، وكلّ غال مارق».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بفهم سنة نبيه ﷺ.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم يحمل تحذيراً شديداً لفئتين من الناس، ورد عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَنْ تَنَالَهُمَا شَفَاعَتِي: إِمَامٌ ظَلُومٌ، وَكُلُّ غَالٍ مَارِقٍ».
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7740) وهو حسن في صحيح الجامع (3/ 112).

أولاً. شرح مفردات الحديث:

* صِنْفَانِ: نوعان، أو طائفتان.
* لَنْ تَنَالَهُمَا شَفَاعَتِي: لن يصل إليهما شفاعتي الخاصة يوم القيامة، وهي الشفاعة العظمى في فصل القضاء بين العباد التي تكون لأهل الكبائر من المسلمين، فيُشفع فيهم بعد أن كانوا قد استحقوا النار. وهذه الشفاعة هي من خصائص النبي ﷺ.
* إِمَامٌ ظَلُومٌ: الإمام هنا يشمل كل من له ولاية على الناس، كالحاكم أو الرئيس أو القائد. و"ظلوم" صيغة مبالغة من الظلم، أي كثير الظلم وغليظه، الذي يتعدى على حقوق رعيته ويجور في حكمهم، ويستعمل السلطة في الباطل والعدوان.
* غَالٍ مَارِقٍ: "الغالي" هو المتطرف الذي يتعدى الحدود في الدين، فيخرج عن الاعتدال والوسطية إلى التشديد والتعسير. و"المارق" من "مرق من الدين"، أي خرج منه كما يمرق السهم من الرمية (أي يخرج منها بسرعة وخفة)، فهو الذي بلغ في غلوه وتطرفه حتى خرج من الدين بالكلية.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر النبي ﷺ أن هناك فئتين من أمته سيكون مصيرهما شديد الخطورة، إلى درجة أنهما ستحرمان من شفاعته الخاصة يوم القيامة، التي ينالها كثير من العصاة، وهما:
1- الحاكم الجائر: الذي يظلم رعيته، ويحكم بغير ما أنزل الله، ويستعمل السلطة في إذلال الناس وأكل أموالهم بالباطل.
2- المتطرف الخارجي: الذي يتشدد في الدين تشدداً يخرجه عن جادة الصواب، فيكفر المسلمين بالمعاصي والذنوب، ويستحل دماءهم وأموالهم بغير حق، كبعض فرق الخوارج.
ويجمع بينهما أن كلاً منهما متعدٍ لحدود الله؛ الأول يتعدى على حقوق العباد، والثاني يتعدى على حدود الدين بالغلو والتفريط.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- خطورة الظلم وخاصة من الولاة: الحديث يضع تحذيراً شديد اللهجة لمن يتولى أمور المسلمين ثم يظلمهم، فهو ليس ظلماً عادياً، بل هو من الكبائر التي توعّد صاحبها بحرمان شفاعة النبي ﷺ.
2- ذم الغلو والتطرف في الدين: الدين الإسلامي دين الوسطية والاعتدال. والغلو والتنطع هو باب الشر والهلاك، وهو مدخل للخروج من الدين كما حذر النبي ﷺ في أحاديث أخرى.
3- العدل واجب على كل من له ولاية: على الحاكم أن يلتزم العدل في رعيته، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقسم الأموال بالحق، ويحكم بين الناس بالقسط.
4- عظم مكانة الشفاعة: حرمان هاتين الفئتين منها دليل على عظم قدرها وخطورة الذنب الذي يحرمها.
5- الترابط بين صلاح السلطة وصلاح المجتمع: فإمام الظلم يفسد الأرض، والغالي المارق يفسد الدين، وكلاهما يسببان الفرقة والدمار للأمة.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الحديث لا يعني أن هاتين الفئتين كافرتان مخلدتان في النار، بل هما من المسلمين، ولكنهما بسبب عظم جرمهما حُرما من شفاعة النبي ﷺ الخاصة، وقد يعذبان في النار ثم يُخرجان منها برحمة الله تعالى.
* يجب على المسلم أن يكون وسطياً معتدلاً، بعيداً عن ظلم الولاة وغلو المتطرفين.
* من أهم أسباب حفظ الأمة من هذين البلاءين: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لأئمة المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة.
أسأل الله أن يحفظنا من الظلم والغلو، وأن يوفق ولاة أمور المسلمين للعدل والرحمة، وأن يجعلنا من المعتدلين المستقيمين على دينه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبرانيّ في الكبير (٨/ ٣٣٧) عن معاذ بن المثنى ومحمد بن التمار البصريّ، قالا: ثنا مسدّد، ثنا جعفر بن سليمان، عن المعلى بن زياد الفردوسيّ، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في أبي غالب صاحب أبي أمامة غير أنه حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.
أورده الهيثميّ في «المجمع» (٥/ ٢٣٥)، والمنذريّ في الترغيب والترهيب (٣٤٠٤) وقالا: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات غير أن المنذريّ عزاه أيضًا إلى الأوسط وهو فيه كما في مجمع البحرين (٢٥٧٧) ولكن من وجه آخر عن الخليل بن مرة، عن أبي غالب، عنه ولفظه: «صنفان من أمّتي لا تنالهما شفاعتي إمام غاشم ظلوم، وغالٍ في الدّين».
وفيه الخليل بن مرّة ضعيف، والرّاوي عنه العلاء بن سليمان وهو الرّقيّ، قال ابن عدي: «منكر الحديث، يأتي بمتون وأسانيد لا يتابع عليها».
ولذا أفرد الهيثميّ بعد أن عزاه للطبرانيّ في «الكبير» و«الأوسط» ذكر رجال الطبرانيّ بأنهم ثقات دون رجال «الأوسط»، ولم يتنبّه له المنذريّ.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 899 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إمام ظلوم وكل غال مارق

📜 حديث: إمام ظلوم وكل غال مارق

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إمام ظلوم وكل غال مارق

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إمام ظلوم وكل غال مارق

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إمام ظلوم وكل غال مارق

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية