حديث: صاحب الجبذة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إخبار النبي ﷺ أبا شهم بجبذته

عن أبي شهم قال: مرت بي جارية بالمدينة فأخذت بكشحها قال: وأصبح الرسول يبايع الناس - يعني النبي ﷺ قال: فأتيته، فلم يبايعني، فقال: «صاحب الجبذة!» قال: قلت: والله لا أعود، قال: فبايعني.

صحيح: رواه النسائي في الكبرى (٧٢٨٨) وأحمد (٢٢٥١١) وصححه الحاكم (٤/ ٣٧٧) كلهم من طريق الأسود بن عامر شاذان، حدثنا هريم بن سفيان، عن بيان بن بشر الأحمسي، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي شهم، فذكره.

عن أبي شهم قال: مرت بي جارية بالمدينة فأخذت بكشحها قال: وأصبح الرسول يبايع الناس - يعني النبي ﷺ قال: فأتيته، فلم يبايعني، فقال: «صاحب الجبذة!» قال: قلت: والله لا أعود، قال: فبايعني.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يفتح علينا من فضله ويرزقنا الفهم في دينه.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، عن الصحابي أبي شهم رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.
وفيما يلي الشرح الوافي له على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:


* أبو شهم: هو صحابي جليل، اسمه الحارث بن يزيد، وقيل غير ذلك، وكنيته أبو شهم.
* جارية: هنا تعني امرأة شابة.
* بكشحها: الكَشْح هو الخاصرة، أي الجانب من الخصر. وأخذ بكشحها يعني أمسك بخصرها أو جانبها من غير إذنها، وهو فعل يتضمن مساً ومخالطة محرمة.
* يُبَايِعُ النَّاسَ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ البيعة من الناس على التزام شرع الله، وربما كانت بيعة خاصة على ألا يشركوا بالله شيئاً ولا يسرقوا ولا يزنوا... إلخ.
* فَلَمْ يُبَايِعْنِي: أي رفض النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل بيعته ويصافحه لها.
* صَاحِبَ الْجَبْذَةِ: الجَبْذَة مشتقة من الجَذْب، وهي تعني الجَرَّة أو الشَّدَّة. والمعنى: يا صاحب الفعلة (أي الذي جذب المرأة ومسها بغير حق).

2. شرح الحديث:


يُخبرنا الصحابي الجليل أبو شهم رضي الله عنه عن قصة وقعت له، حيث مرت به امرأة شابة في طرقات المدينة، فمد يده وأمسك بخصرها من غير حق، وهذا فعل منكر محرم، لأنه اعتداء على حرمة المرأة ومس لها بغير إذنها.
وفي ذلك اليوم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً يُبايع الناس، أي يأخذ منهم العهود والمواثيق على التزام طاعة الله ورسوله واجتناب الكبائر. فذهب أبو شهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه كبقية الصحابة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن مبايعته ولم يصافحه، مع أنه قبل بيعة الآخرين.
ولم يترك النبي صلى الله عليه وسلم أبي شهم في حيرة، بل وبخه وعايره بفعله أمام الناس قائلاً: (صَاحِبَ الْجَبْذَةِ!) أي: "أنت هو الرجل الذي اعتدى على تلك المرأة وجذبها اليوم!".
فأدرك أبو شهم خطأه الكبير، وندم ندامة شديدة، فبادر إلى التوبة النصوح، وحلف بالله قائلاً: (وَاللَّهِ لا أَعُود) أي: "والله لن أعود إلى هذا الفعل القبيح أبداً".
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم صدق توبته وندمه، وعزمه على عدم العودة، قبل توبته وبايعه، ليكون بعد ذلك من الصحابة الأخيار.

3. الدروس المستفادة منه:


هذا الحديث العظيم يحوي كنوزاً من الدروس والعبر، منها:
* تحريم مس المرأة الأجنبية: يحرم على الرجل مس امرأة لا تحل له أو النظر إليها بشهوة، وهذا الفعل من كبائر الذنوب، وهو باب من أبواب الفاحشة.
* الحكمة في الدعوة والتربية: لم ينهر النبي صلى الله عليه وسلم أبي شهم انهياراً، ولم يهتك ستره أمام الناس بكلام مفصل، بل نبهه بعبارة موجزة مفهومة (صاحب الجبذة) فكانت توبته سريعة وصدوقة. وهذا من فقهه صلى الله عليه وسلم في التعامل مع أخطاء الناس.
* التوبة تجب ما قبلها: بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن التوبة الصادقة تمحو الذنب، فبمجرد أن أقر أبي شهم بخطئه ووعد بعدم العودة، قبل النبي توبته وبايعه، مما يدل على أن باب التوبة مفتوح لكل من صدق فيها.
* الستر على المسلمين: لم يفضح النبي صلى الله عليه وسلم أبي شهم، بل كان تعييره بهذا الأسلوب كافياً لتوبته دون أن يهتك ستره بشكل كامل.
* أن البيعة والتائب مقبول: لا يحرم التائب من حقوقه في المجتمع الإسلامي، فبمجرد توبته عاد إليه حقه في مبايعة الإمام والدخول في جماعة المسلمين.
* الحلف على ترك المعصية: من السنة أن يحلف الإنسان على ترك المعصية إذا كان ذلك يعينه على عدم العودة إليها، كما فعل أبو شهم.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث من أدلة العلماء على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية، لأن أخذ الكشح أشد من المصافحة، فإذا كان هذا محرماً فالمصافحة من باب أولى.
* فيه دليل على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم وإطلاعه بوحي من الله على أمور الغيب، فكيف علم بأن أبا شهم هو فاعل هذه الجبذة؟ هذا من إعلام الله تعالى له، ليكون عبرة وعظة للأمة.
* قصة أبي شهم هي نموذج رائع لخلق الصحابة رضي الله عنهم، حيث كانوا سريعي الاستجابة للحق، لا يتكبرون عن الاعتراف بالخطأ، بل يبادرون إلى التوبة فوراً.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يقينا عثرات اللسان واليد والجوارح.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي في الكبرى (٧٢٨٨) وأحمد (٢٢٥١١) وصححه الحاكم (٤/ ٣٧٧) كلهم من طريق الأسود بن عامر شاذان، حدثنا هريم بن سفيان، عن بيان بن بشر الأحمسي، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي شهم، فذكره.
وإسناده صحيح.
ورواه الإمام أحمد (٢٢٥١٢) عن سريج (هو ابن النعمان) حدثنا يزيد بن عطاء، عن بيان بن بشر، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي شهم، قال: كان رجلًا بطّالًا قال: فمرّت بي جارية في بعض طرق المدينة، إذ هويت إلى كشحها، فلما كان الغد قال: فأتى الناس رسول الله ﷺ يبايعونه، فأتيته فبسطت يدي لأبايعه فقبض يده، وقال: «أجنّك صاحب الجبيذة» -يعني أما إنك
صاحب الجبيذة أمس- قال: قلت: يا رسول الله، بايعني، فوالله لا أعود أبدًا قال: فنعم إذًا.
ويزيد بن عطاء هو اليشكري ليّن الحديث لكنه توبع كما تقدم.
ذكره ابن حجر في الإصابة في ترجمة أبي شهم (١٢/ ٣٥٢) وقال: إسناده قوي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1222 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صاحب الجبذة

  • 📜 حديث: صاحب الجبذة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صاحب الجبذة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صاحب الجبذة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صاحب الجبذة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب