نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب

حديث: نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب

عن زيد بن ثابت قال: نسخت الصحف في المصاحف، ففقدت آية من سورة الأحزاب، كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرأ بها، فلم أجدها إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين، وهو قوله: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٢٣].

صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير (٢٨٠٧) من طرق عن الزهري، عن خارجة بن زيد أن زيد بن ثابت قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي أشرت إليه، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يتعلق بجمع القرآن الكريم في عهد الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ويبرز جانبًا من جوانب حفظ الله لكتابه.

أولاً. شرح المفردات:

● نسخت الصحف في المصاحف: أي نُقل ما كان مكتوبًا متفرقًا في صحف (أوراق) وجُمع في مصاحف مجتمعة بين دفتي كتاب واحد.
● ففقدت آية: أي لم توجد مكتوبة في تلك الصحف التي جُمعت منها.
● شهادته شهادة رجلين: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل شهادة خزيمة بن ثابت تعدل شهادة رجلين في القبول والثبوت.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه، وهو أحد كُتَّاب الوحي وأحد أهم من شارك في جمع القرآن، أنه أثناء قيامه بمهمة جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه من الرقاع والعظام والجلود، لم يجد الآية الكريمة: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ مكتوبة لدى أي من الصحابة الذين جمع منهم القرآن، مع أنه كان يحفظها ويذكر أنه سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لم يقبل زيد أن يدون الآية بمجرد حفظه الشخصي، لأنه التزم منهجًا صارمًا في الجمع، وهو الاعتماد على مصدرين: الكتابة في حضور النبي صلى الله عليه وسلم، والحفظ الجماعي. فلم يقبل الآية إلا عندما وجدها مكتوبة مع الصحابي خزيمة بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، فقام بإثباتها في المصحف.
وكان سبب قبول شهادة خزيمة بمفرده أنها فضيلة خصه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قبل شهادته كشهادة رجلين، فاكتسبت روايته للقرآن قوةً وثبوتًا كافيين لقبولها.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- عناية الصحابة الفائقة بالقرآن: يظهر من القصة الحرص الشديد والدقة المتناهية التي تعامل بها الصحابة مع نصوص القرآن الكريم، ورفضهم الاعتماد على المصادر الفردية ولو كانت من حفظهم هم أنفسهم.
2- منهجية علمية في النقل: وضع الصحابة منهجًا صارمًا لجمع القرآن يعتمد على التواتر والكتابة، مما يضمن أعلى درجات الصحة والضبط.
3- فضل خزيمة بن ثابت: تظهر فضيلة هذا الصحابي الجليل، الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالصدق والأمانة حتى جعل شهادته كشهادة رجلين، فلقب ب "ذو الشهادتين".
4- حفظ الله لكتابه: تبرز هذه القصة جانبًا من جوانب حفظ الله تعالى لكتابه، حيث هيأ الأسباب والأشخاص لضمان وصوله إلينا كاملاً غير منقوص.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذه الآية هي جزء من الآية 23 من سورة الأحزاب، وهي تمدح صفوة المؤمنين الذين وفوا بعهدهم مع الله، وكانوا شهداء في سبيله.
- عملية الجمع في عهد أبي بكر كانت بسبب استشهاد many of the حفاظ القرآن في معركة اليمامة، فأمر أبو بكر بجمعه مخافة ضياعه.
- خزيمة بن ثابت هو من الأنصار، شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستشهد في صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أسأل الله أن يرزقنا تلاوة كتابه والعمل به على الوجه الذي يرضيه.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجهاد والسير (٢٨٠٧) من طرق عن الزهري، عن خارجة بن زيد أن زيد بن ثابت قال: فذكره.
والسبب الذي من أجله جعل شهادته شهادة رجلين في الحديث الآتي: عن عمارة بن خزيمة أن عمه حدَّثه، وهو من أصحاب النبي ﷺ أن النبي ﷺ ابتاع فرسا من أعرابي، فاستتبعه النبي ﷺ ليقضيه ثمن فرسه، وأسرع النبي ﷺ المشي، وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس، ولا
يشعرون أن النبي ﷺ ابتاعه، فنادى الأعرابي رسول الله ﷺ فقال: إن كت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته. فقام النبي ﷺ حين سمع نداء الأعرابي فقال: «أوليس قد ابتعته منك؟». فقال الأعرابي: لا والله ما بعتك. فقال النبي ﷺ: «بلى قد ابتعته منك». فطفق الأعرابي يقول: هلمَّ شهيدا. فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد أنك قد بايعته. فأقبل النبي ﷺ على خزيمة، فقال: «بِمَ تشهد؟». فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل النبي ﷺ شهادة خزيمة بشهادة رجلين.
صحيح: رواه أبو داود (٣٦٠٧)، والنسائي (٤٦٤٨)، وأحمد (٢١٨٨٣)، والحاكم (٢/ ١٧ - ١٨) والبيهقي (١٠/ ١٤٥ - ١٤٦) كلهم من طرق عن الزهري، أخبره عن عمارة بن خزيمة فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ورجاله باتفاق الشيخين ثقات، وعمارة بن خزيمة سمع هذا الحديث عن أبيه أيضا».
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده كما في المطالب العالية (٤٠١٩) عن زيد بن الحباب، حدثني محمد بن زرارة بن خزيمة، حدثنا عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه رضي الله عنه قال: إن رسول الله ﷺ اشترى فرسا من سواء بن قيس المحاربي، فجحده، فشهد له خزيمة بن ثابت، فقال له رسول الله ﷺ: «ما حملك على الشهادة ولم تكن معنا حاضرا؟» فقال رضي الله عنه: صدقتك بما جئت به، وعلمت أنك لا تقول إلا حقا، فقال رسول الله ﷺ: «من شهد له خزيمة أو عليه فهو حسبه».
ومن هذا الوجه صحّحه الحاكم (٢/ ١٨).
ومحمد بن زرارة هو: ابن عبد الله بن خزيمة، لم يرو عنه غير زيد بن الحباب، وذكره ابن حبان في الثقات، وترجم له البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.
وتفرد محمد بن زرارة بهذا اللفظ، وهو قوله: «من شهد له خزيمة أو عليه فهو حسبه».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 386 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب

📜 حديث: نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية