حديث: قوموا إلى سيدكم أو خيركم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في موافقة قضاء سعد بن معاذ حكم الله في بني قريظة

عن أبي سعيد الخدري قال: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل رسول الله ﷺ إلى سعد، فأتاه على حمار، فلما دنا قريبا من المسجد، قال رسول الله ﷺ للأنصار: «قوموا إلى سيدكم - أو - خيركم» ثم قال: «إن هؤلاء نزلوا على حكمك» قال: تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذريتهم. قال: فقال النبي ﷺ: «قضيت بحكم الله» وربما قال: «قضيت بحكم الملك».

متفق عليه: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٨٠٤)، ومسلم في الجهاد (١٧٦٨ - ٦٤) كلاهما من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي سعيد الخدري فذكره.

عن أبي سعيد الخدري قال: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل رسول الله ﷺ إلى سعد، فأتاه على حمار، فلما دنا قريبا من المسجد، قال رسول الله ﷺ للأنصار: «قوموا إلى سيدكم - أو - خيركم» ثم قال: «إن هؤلاء نزلوا على حكمك» قال: تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذريتهم. قال: فقال النبي ﷺ: «قضيت بحكم الله» وربما قال: «قضيت بحكم الملك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، وأسأل الله التوفيق والسداد.

الحديث ومصدره:


هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب "المغازي"، باب "مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب وغزوة بني قريظة"، ورواه الإمام مسلم في صحيحه أيضًا. وهو حديث صحيح متفق عليه، مما يزيده قوة وثبوتًا.

سبب ورود الحديث (السياق التاريخي):


بعد انتهاء غزوة الأحزاب (الخندق)، توجه النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون إلى بني قريظة الذين نقضوا عهدهم مع رسول الله وتحالفوا مع الأحزاب ضد المسلمين. حاصرهم المسلمون خمسًا وعشرين ليلة، حتى اضطروا إلى طلب الصلح. فقبلوا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه، وهو سيد الأوس، وكان بنو قريظة حلفاء للأوس قبل الإسلام.

شرح المفردات:


* نزل أهل قريظة على حكم سعد: استسلموا ووافقوا على أن يحكم فيهم بما يراه.
* على حمار: لأن سعدًا كان جريحًا من غزوة الأحزاب.
* دنا قريبًا من المسجد: اقترب من مكان الحكم.
* قوموا إلى سيدكم - أو - خيركم: فيه احترام وتكريم لسعد وإعلاء لشأنه.
* تقْتل مُقاتِلَتَهم: الرجال البالغين المحاربين.
* وتَسْبي ذريتهم: النساء والأطفال يصيرون سبياً.
* قضيت بحكم الله: أي أن حكمك وافق حكم الله تعالى الذي كان سينزله فيهم.

شرح الحديث:


1- تقدير الصحابة وإجلالهم: قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار "قوموا إلى سيدكم أو خيركم" هو درس عظيم في تربية الأمة على احترام أهل الفضل والصلاح والإمارة. وهو ليس نفاقًا، بل إنصاف واعتراف بالجميل، فسعد كان من خيرة الصحابة ومن السابقين إلى الإسلام، وقد بذل نفسه وماله في سبيل الله. وفي هذا إرشاد إلى توقير الكبير والعالم والشجاع.
2- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم: ترك الحكم لسعد بن معاذ - وهو من الأوس الذين بينهم وبين بني قريظة حلف قديم - حكمة بالغة؛ ليكون الحكم نافذًا لا اعتراض عليه، وليظهر للجميع عدالة الإسلام، فلا يتهم المسلمون بالتحيز ضدهم.
3- حكم سعد العادل والشديد: كان حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه حكمًا عادلًا موافقًا للشريعة الإسلامية التي جاءت في شأن الخونة الذين ينقضون العهود ويشهرون السلاح ضد الأمة. ففي شريعة التوراة نفسها، التي كان يزعم بنو قريظة أنهم يؤمنون بها، أن حكم من خان وأشعل الحرب هو القتل. فحكم سعد لم يكن حكمًا عشوائيًا أو انتقاميًا، بل كان حكمًا شرعيًا قضى به ملك قاضٍ عادل.
4- إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للحكم: قوله صلى الله عليه وسلم: "قضيت بحكم الله" أو "بحكم الملك" هو تصديق إلهي على صحة هذا الحكم وموافقته لما في علم الله تعالى من الحكمة والعدل. فهو تشريع إلهي يؤكد أن حكم الخونة الذين يهددون كيان الأمة الإسلامية هو أشد العقوبات.

الدروس المستفادة والعبر:


1- عدالة الإسلام وشدة عقوبته على الخيانة العظمى: الإسلام دين رحمة وعدل، لكنه شديد على من يعتدي ويخون وينقض العهود. فحماية كيان الدولة الإسلامية وأمنها وسلامة عقيدتها أمر مقدس.
2- الحكمة في القيادة وإدارة الأزمات: اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لسعد للحكم نموذج رفيع في الحكمة السياسية والقدرة على إقناع الخصم وإزالة الشبهات.
3- توقير أهل الفضل والصلاح: الأمر بالقيام لسعد هو إعلاء لشأن الفضيلة والبطولة والتضحية، وتذكير للأمة بأن تكون لها قدواتها التي تحترمها.
4- القضاء بحكم الله وليس بالهوى: الحاكم المسلم يحكم بما أنزل الله، وليس بعواطفه أو مصالحه الشخصية، حتى لو كان الحكم على حلفائه السابقين.
5- عاقبة الغدر والخيانة: قصة بني قريظة عبرة للأمم جميعًا في سوء عاقبة الغدر ونقض العهود.

معلومات إضافية مفيدة:


* يعتبر كثير من المؤرخين أن حادثة بني قريظة كانت بعد معركة الخندق مباشرة في سنة 5 هـ.
* سعد بن معاذ رضي الله عنه توفي بعد هذه الحادثة مباشرة متأثرًا بجرحه، فاهتز لموته عرش الرحمن تكريمًا له، كما في الحديث الصحيح.
* هذا الحكم خاص بمن حالف المسلمين ثم نقض العهد وتحالف مع أعدائهم في وقت الحرب، وهو ليس حكمًا عامًا لأهل الذمة الذين يعيشون في أمان ووفاء تحت حكم المسلمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٨٠٤)، ومسلم في الجهاد (١٧٦٨ - ٦٤) كلاهما من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 407 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قوموا إلى سيدكم أو خيركم

  • 📜 حديث: قوموا إلى سيدكم أو خيركم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قوموا إلى سيدكم أو خيركم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قوموا إلى سيدكم أو خيركم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قوموا إلى سيدكم أو خيركم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب