لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا

حديث: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا

عن زيد بن أرقم قال: كنت في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا من عنده ليخرجن الأعز
منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي - أو لعمر -، فذكره للنبي ﷺ، فدعاني فحدَّثْته، فأرسل رسول الله ﷺ إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذَّبني رسول الله ﷺ وصدَّقه، فأصابني هم لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذَّبك رسول الله ﷺ ومقَتَك، فأنزل الله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ [المنافقون: ١]، فبعث إليَّ النبي ﷺ فقرأ فقال: «إن الله قد صدَّقَك يا زيد».

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٩٠٠) عن آدم بن أبي إياس، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإني أسأل الله التوفيق والسداد في شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، والذي يحمل دروسًا عظيمة في التعامل مع المنافقين وثبات المؤمنين.

الحديث بصيغته الواردة:

عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنت في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي - أو لعمر -، فذكره للنبي ﷺ، فدعاني فحدَّثْته، فأرسل رسول الله ﷺ إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذَّبني رسول الله ﷺ وصدَّقه، فأصابني هم لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذَّبك رسول الله ﷺ ومقَتَك، فأنزل الله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ [المنافقون: ١]، فبعث إليَّ النبي ﷺ فقرأ فقال: «إن الله قد صدَّقَك يا زيد».

شرح المفردات:

● غزاة: أي غزوة من غزوات النبي ﷺ، وهي غزوة بني المصطلق.
● ينفضوا: يتركوا ويبتعدوا.
● الأعز منها الأذل: أي أن العزيز (وهو عبد الله بن أبي وأتباعه) سيُخرج الذليل (وهو النبي ﷺ وأصحابه) من المدينة.
● هم: حزن وغم شديد.
● مقتك: أبغضك وكرهك.

شرح الحديث:

1- السياق التاريخي: حدث هذا في غزوة بني المصطلق سنة 5 أو 6 للهجرة، وكان عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين في المدينة، يحقد على الإسلام والمسلمين.
2- جريمة المنافقين: قال عبد الله بن أبي كلمته الخبيثة التي تحوي:
- تحريضًا على مقاطعة المسلمين ماليًا ("لا تنفقوا على من عند رسول الله").
- تهديدًا بطرد النبي ﷺ وأصحابه من المدينة ("ليخرجن الأعز منها الأذل").
3- بلاء زيد بن أرقم:
- قام بواجب النصيحة للأمة ونقل الكلمة إلى النبي ﷺ (عن طريق عمه أو عمر بن الخطاب).
- واجه اتهامًا بالكذب من قبل المنافقين الذين حلفوا كذبًا.
- تحمل ألم تكذيب النبي ﷺ له ظاهريًا (لعدم وجود بينة).
4- العبرة في التكذيب الظاهري:
- لم يكن تكذيب النبي ﷺ لزيد حقيقيًا، بل كان من باب العدل وعدم إثبات الجرم بدون بينة.
- هذا من حكمة النبي ﷺ في التعامل مع الظواهر والتحري في الأمور.
5- نزول القرآن بتصديق زيد:
- أنزل الله سورة المنافقين كاملة (آيات 11 آية) تصديقًا لزيد وكشفًا لوجه النفاق.
- جاء في الآيات: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا﴾ إلى قوله: ﴿لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾.
- جاء النبي ﷺ إلى زيد وبشره بتصديق الله له.

الدروس المستفادة:

1- وجوب النصيحة للأمة ولو كانت مُرّة أو فيها مشقة.
2- ثبات المؤمن على الحق حتى لو واجه التكذيب والاتهام.
3- حكمة القيادة في التعامل مع الشهادات والادعاءات بدون تسرع.
4- عناية الله بأوليائه حيث نزل القرآن لنصرة زيد الصادق.
5- كشف الله لمنافقين ولو أظهروا الإيمان وحلفوا الأيمان الكاذبة.
6- الصبر على الأذى في سبيل الله ثم الفرج القريب.

فوائد إضافية:

- الحديث من أعلام نبوة محمد ﷺ حيث أخبره الله بالغيب.
- فيه تسلية للمؤمنين أن نصر الله آتٍ وإن طال الانتظار.
- التحذير من خبث المنافقين ومكرهم، وأنهم قد يحلفون كذبًا لينجوا من العقوبة.
أسأل الله أن يجعلنا من الصادقين الثابتين على الحق، وأن يعيذنا من نفاق القلوب وسوء الأخلاق.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٩٠٠) عن آدم بن أبي إياس، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم فذكره.
ورواه مسلم في صفات المنافقين (١: ٢٧٧٢) من وجه آخر عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم نحوه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 393 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا

📜 حديث: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية